نقدم لكم اليوم قصة جديدة بعنوان صياد الحيات وهي من سلسلة قصص الحيوان ، القصة مكتوبه و مصورة و PDF سهلة التحميل من الموقع.
قصة صياد الحيات مكتوبة
كان ركتاكي نمسا فتيا ، أنفه أحمر، وعيناه براقتان حادتان ، وذيله أشبه بمكنسة . وكان صياحه عاليا جدا ، إذا زعق بدا زعيقه كأنه يقول : "ركتك - تكي - تكي - تشك !"
ذات يوم ، غمرت المياه جحره وجرفته خارج الجحر ورمته في حفرة معمى عليه .
عندما أفاق من إغمائه ، كانت الشمس قد أشرقت ، وسمع صبيا يقول : "أنظروا ! إنه نمس ! سأخذه معي إلى البيت وأعتني به ."
حمل الصبي ، واسمه شادي ، النمس الفتي ركتاكي إلى بيته الكبير . هناك جففه ولفه في قماش قطني دافي . ثم أجلسه معه إلى مائدة الطعام ، وقدم له قطعة كبيرة من اللحم . وبعد أن أكل ركتاكي وشبع ، عاد إليه نشاطه وراح يدور حول المائدة .
فجأة قفز ركتاكي فوق كتف شادي . فحمله شادي وأخذه إلى الشرفة المشمسة ، وقال له : "أركض واستكشف بيتك الجديد !" وهذا تماما هو ما فعله ركتاكي .
ركض ركتاكي فوجد حوض استحمام . قفز في حوض الاستحمام وكاد يغرق . ثم وجد زجاجة حبر ، فأنزل فيها أنفه الصغير ، فصار له أنف محبر .
ثم ركض إلى غرفة نوم شادي واستلقى على سريره . وعندما دخل والدا شادي ليحييا ولدهما تحية المساء وجدا ركتاكي على وسادته .
قالت أم شادي خائفة : "ماذا لو عض ولدنا ؟"
قال والده : "لن يعضه . بل سيحرسه ويدافع عنه لو أن حية ...."
لكن أم شادي لم تمكن زوجها من متابعة كلامه ، ورفضت أن تسمع كلمة أخرى عن الحيات .
في الصباح ، خرج ركتاكي إلى الحديقة يدور مستكشفا ، مستعينا بأنفه الحساس . كانت الحديقة كبيرة جدا ! رأى فيها ورودا ، وأشجار برتقال وليمون طيبة الرائحة ، وعيدان خيزران ، وأعشابا أخرى طويلة متمايلة .
قال ركتاكي في نفسه : "هذه الحديقة مكان عظيم للصيد !"
في تلك اللحظة ، سمع صوتا حزينا ، صوتا لم يسمع في حياته أشد حزنا منه . كان الطائر دارزي الطويل الذيل وزوجته الطويلة الذيل أيضا يبكيان : "بووو - هووو – هووو ! كانا يبكيان وهما جاثمان (لازمان مكانهما) على غصن شجرة أمام عشهما الجميل الخالي من الفرح الصغير .
سأل ركتاكي الطائر الطويل الذيل دارزي وزوجته الطويلة الذيل أيضا ، قائلا : "ما بكما ؟ لم تبكيان ، أيها الطائران الجميلان ؟"
"سقط فرخنا الصغير من العش وأكله ناغ "
"شيء مؤسف ، ولكن من هو ناغ ؟"
بدلا من أن يجيبه دارزي وزوجته ، طارا فجأة واختفيا .
سمع ركتاكي صوت هسيس يأتيه من بين الأعشاب تحت الغصن الذي كان عليه دارزي وزوجته . قفز في الحال استعدادا للقتال .
وجاء الصوت ثانية ،هسسسسسسسسسسس !
من بين الأعشاب ظهرت حية كوبرا طويلة وغليظة . ظهرت على مهل ، تلتفت برأسها الكبير يمينا ويسارا . ثم استقامت ووقفت وأخذت تتمايل حول ركتاكي ، وبدت عيناها السوداوان باردتين ومهلكتين .
فحت الحية (صوتت من فمها ) بصوت مرعب قائلة : "تقول من هو ناغ ؟ أنا هو ناغ ! أنظر إلي ومت خوفا !"
لأول وهلة ، خاف ركتاكي فعلا ، بل كاد أن يموت خوفا . فهو ليس نمسا مكتمل القوة .
كانت أمه قد قتلت حية كوبرا وأطعمته منها .
لكنه لم يكن يعرف أن دوره جاء الآن ليمتحن قوته ومهارته مع هذا النوع من الحيات .
عرف ناغ أن ركتاكي خائف ، وإن لم يظهر ذلك على وجهه .
لكن بعد لحظات ، قال ركتاكي : وقد أخذت تعود إليه جرأته ، "شيء عظيم تتشاطر على فرخ صغير !"
قال ناغ بهدوء : "لم لا ؟ صغير ، كبير ، أنا لا أوفر شيئا ! أنت نفسك تأكل بيضا . ألا تأكل بيضا ؟"
عندئذ سمع ركتاكي صوت الطائر دارزي يزعق : "انتبه ! وراءك !"
قفر ركتاكي . في تلك اللحظة كانت حية ضخمة أخرى تفح فحيحا عاليا وتنفض برأسها لتعضه . لكن ركتاكي كان قد ابتعد عنها . كانت تلك ناغينا ، زوجة ناغ .
في الوقت الذي كان يتحدث مع ناغ ، كانت ناغينا قد زحفت من ورائه بهدوء لتنقض عليه .
ارتد ركتاكي إلى ناغينا ، وانقض عليها وعضها في عنقها . لكن عضته لم تكن قوية . فانتفضت ناغينا وتخلصت منه ، وارتدت إلى الوراء تنزف دما ، واختفت بين النباتات . وكذلك اختفى ناغ .
كانت عينا ركتاكي حمراوين . كان غاضبا جدا وشديد الحماسة . لكنه الآن في وضع خطر للغاية . عليه أن ....
في تلك اللحظة سمع صوتا يصيح : "إنتبه !" كان ذلك صوت دارزي مجددا .
هذه المرة رأى الحية كاريت ، الحية الغبراء السمراء السامة ، تتحفز للانقضاض عليه . لكن ركتاكي لم يخف . فإذا كان قد هزم ناغينا ، فلن يخاف من كاريت . في سرعة البرق انقض عليها ، وعضها عضة هائلة قتلتها في الحال .
نادي شادي والدته ووالده ، قائلا : "أمي ! أبي ! نمسنا قتل حية ! تعالا بسرعة !"
سمع أبو شادي لفظ حية فحمل عصاه وجاء راكضا . لكن الحية الغبراء السمراء السامة كاريت كانت قد ماتت .
أسرع الوالدان يشكران ركتاكي على شجاعته ومهارته ، وظلا يلاطفانه طوال فترة العشاء . ولم يجد ركتاكي فرصة للاختلاء بنفسه إلا بعد أن نام أفراد الأسرة كلهم . خرج عندئذ إلى الحديقة ، وهناك في الظلام التقى صديقه فأر المسك شندر .
قال له شندر وقد بدا عليه الخوف : "كن حذرا ، يا ركتاكي !"
"لماذا ؟"
قال شندر بصوت مرتجف : "ما من أحد في أمان الآن . ناغ قريب من هذا المكان ! وعنده وعند ناغينا الآن عش مليء بالبيض ، وقريبا تملأ حيات الكوبرا الأرض .
قال ركتاكي : "ناغ في الحديقة اليوم رأيته وكلمته ."
قال شندر : "لا . إنه ليس في الحديقة ."
سمع ركتاكي صوتا خافتا أشبه بصوت خدش ونبش . أدرك أن ذلك صوت حراشف حية تنزلق على طوب محروق . فجأة انتقض وارتجف وهتف : "ناغ يتسلل إلى داخل المنزل عبر أنبوب الحمام !"
ركض إلى داخل المنزل وأسرع إلى الحمام وأخذ ينصت باهتمام . سمع ناغينا تهمس من الخارج قائلة : "عندما يموت الرجل وعائلته ، يكون على النمس أن يرحل ."
وجاء جواب ناغ من داخل الأنبوب : "هل نقتلهم كلهم ؟"
"نعم ! نعم ! قبل أن يجيئوا إلى هنا هل كان عندنا نمس ، أي نمس ؟ لا ! إذهب ! اقتل كل من تجد في طريقك اقتلهم كلهم !"
رأى ركتاكي ناغ ينزلق من أنبوب الحمام داخلا ، ويلتف حول دلو كبير ويغفو ( ينام قليلا ) هناك .
اقترب ركتاكي من ناغ على حذر ، لا يكاد من حذره أن يتنفس ، ثم انقض فجأة على عنقه ، وأنشب فيه أسنانه . بلمح البرق هب ناغ من غفوته وانتفض واضطرب ، وراح رأسه يخبط ذات اليمين وذات الشمال . وفي كل خبطة كان ركتاكي يصدم هذا الحائط أو ذاك مرة بعد مرة . كان الألم يخترق كل عظم في جسمه . وأحس برأسه يدور . كان يقول في نفسه : "سأموت ، لكن ، على الأقل ، أموت وأنا أقاتل !"
فجأة سمع أزيزا عاليا اخترق أذنيه ! كان ذاك صوت رصاصة أطلقها والد شادي ، ومعه تهاوى ناغ على الأرض .
لم يدرك ركتاكي في تلك اللحظة ما حدث . لكنه أدرك أنه ليس ميتا ، وأنه يشعر بدوار وانهيار ، لكنه لا يزال حيا!
في اليوم التالي ، كان الطائر دارزي يغرد بأعلى صوته قائلا : الحية ناغ أخطر حية .
ركتاكي خلص منها الدنيا .
شكرا شكرا يا ركتاكي ، تركت الحية دون حراك .
قال ركتاكي : "قل لي ، يا دارزي ، أين ناغينا ؟"
قال دارزي وهو لا يزال يغرد : "إنها بين الحجاررررررة ."
قال ركتاكي : "وأين هو البيض ، يا دارزي ؟"
"في حقل البطيخخخخخخ ."
قال ركتاكي : "تظاهر بأن جناحك مكسور لتجتذب ناغينا إليك وتبعدها عن هذا المكان ."
كان دارزي يسعده أن يقوم بالمهمة ، لكن زوجته سبقته ، وطارت إلى موضع قريب من الحجارة ، وأخذت تدور حولها وتئن وتقول : "آه يا جناحي ! أنا لا أقدر أن أطير"
سرعان ما خرجت ناغينا من بين الحجارة واتجهت نحو الطائر لتأكله .
ركض ركتاكي إلى حقل البطيخ . كان في الحقل خمس وعشرون بيضة توشك أن تفرخ ، بين لحظة وأخرى ، إلى خمس وعشرين حية كوبرا صغيرة .
فسحق تلك البيضات واحدة بعد واحدة .
كان قد بقي بيضة واحدة ، عندما سمع ركتاكي فجأة زوجة دارزي تزعق صارخة : "ركتاكي ! ركتاكي !"
حمل ركتاكي البيضة بفمه ، وركض نحو المنزل .
هناك توقف على الشرفة ، على بعد خطوة من رجل شادي ، كانت ناغينا ، متحفزة للانقضاض .
صاح ركتاكي : "التفتي إلي وقاتليني ! قاتليني أنا ! أقاتلك في وقت لاحق . الآن ابك على أصدقائك !"
صاح ركتاكي قائلا : "ابكي على آخر بيضة عندك ، يا ناغينا ! أنظري !"
استدارت ناغينا . فأسرع الأب يشد ابنه شادي إليه ويبعده عن الحية .
أخذ ركتاكي يرقص حول ناغينا ، مبتعدا عن مدى ضرباتها . راحت ناغينا توجه ضرباتها إليه ، لكنه كان يقفز بسرعة البرق متجنبا تلك الضربات .
تعبت ناغينا ودب اليأس في نفسها ، فتراجعت إلى حقل البطيخ وتسللت إلى داخل جحرها في الأرض . لحق بها ركتاكي ونزل وراءها إلى داخل الجحر ، حيث الصمت والظلام .
فوق الأرض ، أخذ دارزي يبكي . فهو يعرف أنه حتى النموس الكبيرة القوية لا تجرؤ على أن تلحق حية إلى داخل جحرها .
بعد حين ، خرج ركتاكي ، زاحفا من فتحة الجحر ، وقد بدا عليه الألم والتعب وعلاه الطين .
في تلك الليلة ، أكل ركتاكي حتى شبع من الأطعمة الشهية التي أعدتها له أسرة شادي . لكنه كان يردد : "لم أفعل شيئا ! كنت فقط أقوم بواجبي !"