اليوم مع قصة جديدة وهي قصة السلطعون و الكركي قصة عن عالم البحار القصة مكتوبه و مصوره و pdf
قصة السلطعون و الكركي مكتوبة
في قديم الزمان ، كان كركي فطن عجوز يعيش في جوار بركة ماء تمتلئ بالأسماك . كان لعابه يسيل في كل مرة ينظر إلى الأسماك تسبح في البركة وتلعب . كان يقول في نفسه : "هذه أسماك شهية ليتني أصل إليها وآكل من لحمها الطيب الطري !"
لكن كلما كان يحاول أن يمد عنقه الطويل ليلتقط سمكة بمنقاره الحاد المدبب ، كانت السمكة تغوص بسرعة خاطفة إلى قاع البركة .
وكان قاع البركة عميقا لا يستطيع الكركي الوصول إليه بمنقاره .
هناك ، في مياه البركة الصافية العميقة ، كانت الأسماك تسبح فرحة ، وتلعب وتهز ذيلها وتخفق بغلاصمها ( خياشيمها ) ، وتنظر إلى الكركي العجوز ، وتسخر منه وتغيظه بحركاتها وكلماتها .
كان يعيش في تلك البركة أيضا سلطعون ( سرطان بحر ) صغير . كان السلطعون صديقا للأسماك ، يأكل معها ويشرب ، ويلهو ويلعب .
في أحد الأيام ، أحس الكركي أنه لم يعد يطيق الاكتفاء بمراقبة الأسماك . وعزم على أن يجد طريقة لالتهامها !
فكر طويلا فكر وتأمل ، إلى أن وضع خطة في رأسه الصغير الماكر . ماذا لو تظاهر بأنه صديق للأسماك ؟ لو حدث أنها صدقته لن تسبح هاربة منه .
مشى الكركي إلى البركة وقال : "يا صديقاتي السمكات ! استمعن إلي ! لست هنا لأكلكن . أنا هنا لأخلصكن !"
كانت السمكان قد بدأت بالهرب ، لكنها سرعان ما توقفت ، ونظر بعضها إلى بعض . بدا على الكركي أنه قلق . لم يكن منقاره الحاد موجها إلى سمكة منها ، وكان على وجهه علامات حزن .
قررت أخيرا أن تستمع إلى ما يقول . تجمعت في سرب واحد ، والتفتت إليه لتعرف ما عنده .
تظاهر الكركي بالقلق ، وهو يقول : كنت أطير على مسافة قريبة من هنا عندما رأيت رجلا يمشي متجها إلى البركة . كان صياد سمك . كان يحمل على كتفه شبكة كبيرة وسمعته يغني أغنية تقول : "ارم يا صياد الشبكة ، واصطد عشرات الأسماك .
اصطدها صبحا ومساء فهي غداء وهي عشاء .
لابد أن أحدا دله على بركتنا ، وفي البركة ينوي أن يرمي شبكته الجائعة !"
قفزت السمكات مذعورة وتلوت وزعقت . صياد سمك ! كيف يمكن أن تنجو منه ؟ شبكته تغوص عميقا في الماء وتجرفها ! ما العمل ؟
ترك الكركي السمكات تخاف لبعض الوقت .
ثم قال : "يا عزيزاتي السمكات الصغيرات ، لا تخفن . أنتن عندي كأولادي . لن أترككن تمتن ! سأفكر في طريقة لإنقاذكن ."
صاحت السمكات في صوت واحد : "وهي تندفع إلى سطح الماء في ذعر شديد ، نرجوك فكر ولا تتأخر !"
أراد الكركي أن يصطاد عددا من تلك السمكات التي جاءت بنفسها إليه ، لكنه لم يفعل ، وتظاهر بالتفكير .
قال الكركي : "في مكان قريب من هنا بركة بديعة صافية خافية عن العيون ، لم تقع عين صياد سمك عليها أبدا ، وهي آمنة تماما . بإمكاني أن أحملكن إليها واحدة واحدة . لكن علينا أن نسرع ، فالصياد يصل قريبا إلى هنا . هل أنتن جاهزات ؟"
نسيت السمكات المذعورات كل شيء . نسيت الخطر الذي كان يشكله الكركي عليها ، ونسيت منقاره الحاد الطويل . نسيت كيف كانت تقضي أيامها في محاولة الهرب منه .
وهكذا ، من غير تفكير ، صاحت السمكات الصغيرات التعيسات بصوت واحد : "نحن نثق بك ! نرجوك ، خذنا إلى البحيرة الآمنة !"
كاد الكركي أن يطير فرحا . لم يكن يصدق الحظ الذي وقع عليه !
خطته نجحت . لكنه أخفى فرحه وقال : "عظيم ! الآن من منكن تريد أن تكون أولا ؟"
صاحت أصوات صغيرة عديدة قائلة : "أنا ! أنا !"
حمل الكركي السمكة الأولى في منقاره وطار بعيدا . لم يطر إلى بحيرة ، لا ، بل إلى صخرة قريبة منزوية ( منفردة ) . وهناك أكل السمكة المسكينة . ثم طار عائدا ليحمل سمكة أخرى ، وأخرى . واحدة بعد واحدة ، أكل الكركي العديد من السمكات السمينة الشهية . وسرعان ما كانت عظام تلك السمكات قد انتشرت فوق الصخرة القريبة المنزوية . كانت تلك وليمة طالما حلم بمثلها أياما وأياما . وكانت في الواقع أشهى وأطيب مما تخيله حتى في الأحلام !
في هذه الأثناء ، كان الخوف قد دب أيضا في السلطعون الصغير . كان يعرف أن سكان المدن يحبون لحم السلاطعين . وأراد ، هو أيضا ، أن يحمله الكركي إلى البحيرة الأخرى ليكون في أمان .
عندما عاد الكركي إلى البحيرة ، شق السلطعون طريقة بين السمكات المنتظرة ، وقال : "أرجوك يا سيدي الكركي ! خذني أنا أيضا إلى البحيرة ."
نظر الكركي إلى السلطعون . كان قد تعب بعض الشيء من مذاق السمك . وكان قد أكل من قبل سلطعونا أو اثنين ، ووجد طعم السلاطعين طيبا .
ورأى أن ذلك السلطعون الصغير سيكون ، بعد الوجبة الدسمة المشبعة ، تحلية لطيفة .
عاد السلطعون يقول بصوت متوسل : "هل تنقذني ، يا سيدي الكركي ؟"
"بالتأكيد ! نعم سأنقذك ، يا صغيري ! تعال اركب على عنقي ."
تسلق السلطعون عنق الكركي ، وتشبت به بقوة إذ طار الكركي متجها إلى صخرته .
إذ بدأ الكركي يهبط إلى الأرض ، نظر السلطعون إلى الأرض مذعورا . قال في نفسه : "أين البحيرة ؟ هذه ليست بحيرة ! هذه صخرة ! وما هذه العظام المبعثرة في أرجائها ؟ إنها عظام ! عظام أسماك !"
أدرك السلطعون على الفور أن الكركي قد خدع الأسماك المسكينة . ويبدو الآن أن دوره قد جاء ليكون طعاما . "لا !" قال في نفسه : "لن أسمح بحدوث ذلك ."
حالما حط الكركي على الأرض ، أنشب السلطعون مخالبه في عنقه وعض رأسه عضة شديدة ، وظل يضغط عليه حتى قتله ارتمى الكركي ميتا بين عظام الأسماك التي أكلها . أما السلطعون فقد أدار ظهره ومشى عائدا إلى بركته .
كانت الأسماك الباقية في البركة قد بدأت تشعر بالقلق . فلابد أن الصياد قد أصبح الآن قريبا منها .
أين هو الكركي ؟ لم لم يعد لإنقاذ ما بقي منها ؟
أخيرا رأت السلطعون يطل من بعيد . نادته قائلة : "أين الكركي ؟ ألن يعود إلينا ليخلصنا ؟"
قال السلطعون بهدوء : "لا ، لن يعود !"
"ماذا ! لماذا ؟"
قال السلطعون للسمكات إن ثقتها في الكركي لم تكن في محلها . ثم روى لها حكاية البحيرة المفقودة ، والعظام المنتشرة على الصخرة ، وكيف أنه عض رأس الكركي حتى قضى عليه .
كانت السمكات ترتجف خوفا ، لكن شيئا فشيئا هدأت وشعرت بالإطمئنان ماتت سمكات عديدة ، ولولا فطنة السلطعون وشجاعته لكان الكركي قد أكلها جميعا .
انحنت السمكات أمام السلطعون وشكرته ، وقالت : "نحن مدينات لك بحياتنا ."
منذ ذلك الوقت ، كثيرا ما كان السلطعون الصغير الحكيم يروي للأسماك الصغيرة حكاية الكركي وحيلته ، وكيف أنه تمكن من أن يفوقه فطنة . وبطبيعة الحال ، كانت السمكات تفهم من ذلك أن الزكاء سلاح أقوى من الحجم والقوة البدنية .