قصص قبل النوم قصة القاق و جرة الماء قصة مكتوبه و مصوره و pdf
نقدم لكم اليوم قصة جديدة من قصص قبل النوم و قصة اليوم بعنوان القاق و جرة الماء القصة مكتوبه و مصوره و pdf
قصة القاق وجرة الماء مكتوبة
في بلدة صغيرة كثيرة الغبار، كانت فتاة صغيرة اسمها سميرة تعيش مع جدتها . كانت سميرة فتاة لطيفة قمورة ، لكنها كانت تتأخر دائما عن مدرستها .
كان عليها ، للوصول إلى المدرسة ، أن تمر كل يوم في الميدان الرئيسي ، وأن تقطع البلدة من أولها إلى آخرها .
كان في الميدان برج ساعة . كان لون البرج في الماضي أحمر زاهيا ، لكن مع الوقت بهت لونه وعلاه الغبار . ولم تكن ساعة قد دارت منذ سنوات . توقفت عند الساعة التاسعة والنصف . وسرعان ما غبش وجهها الزجاجي وعلا عقاربها نسيج العنكبوت .
في كل يوم ، كانت سميرة تتوقف عند الساعة وتحدق فيها لحظة ، وتقول ، ((لو كانت هذه الساعة شغالة ، لما تأخرت عن مدرستي أبدا)) لم يكن بإمكان سميرة أبدا أن تعرف الوقت . فلم يكن في بيت جدتها العجوز التي تعيش معها ساعة ، لا كبيرة ولا صغيرة .
عندما كانت جدتها صغيرة ، لم يكن عند أحد من أهل البلدة ساعة . من يحتاج إلى ساعة بوجود الساعة الكبيرة التي تعلن عن الوقت في كل ساعة بدقاتها العالية الصداحة ؟
ثم , في أحد الأيام ، صمتت الساعة . ووصل إلى البلدة ساعاتي وفتح محلا لبيع الساعات . وتوافد الناس على دكان ذلك الساعاتي يشترون ساعات كبيرة وصغيرة ، إلا جدة سميرة .
وسرعان ما نسي الناس ساعة الميدان . لم ينظف زجاجها أحد ، ولا اهتم أحد بمسح نسيج العنكبوت عن عقاربها ، ولم يفرك جدرانها أحد .
لكن سميرة كانت تتمنى أن تتك الساعة مجددا . وكانت في كل صباح تقف أمام الساعة وتخاطبها قائلة ، ((آه ، لم لا تتكين ؟))
وكان الجواب يأتيها كل صباح . يأتيها من قاق يقف على قمة البرج وينظر إليها من فوق ويصيح ، (( فاق ! قاق !))
كان القاق ، واسمه قاقاتو ، يعيش وحيدا في عش قريب وراء الساعة . كانت الطيور الأخرى من عائلته قد تركت أعشاشها وطارت إلى أماكن بعيدة . أما هو فلم يكن بعد قادرا على الطيران الطويل ، فبقي في عشه قريبا من الساعة .
استمر قاقاتو يتدرب على الطيران فينزل إلى السوق ويعود منه . ويطير إلى أشجار قريبة وإلى محطة الأوتوبيسات ، أو محطة القطارات . لكن أحب الأماكن إليه كان قمة الساعة .
فقد كان يحب أن يجثم هناك يراقب العالم من حوله ، يتحرك ويتغير ، ويتقدم ويتأخر .
في الثامنة من صباح كل يوم ، كانت الطرق تمتلئ بالأطفال في طريقهم إلى المدرسة . كان قاقاتو في هذا الوقت ينطط ويحوم ويصيح .
ما كان أشد رغبته في أن يذهب إلى المدرسة مع الأطفال الصغار، وأن يشاركهم في اللعب , ويتبادل معهم الأحاديث والأسرار .
غير أن الأطفال لم يكونوا لطفاء معه دائما. كانوا أحيانا يصيحون بوجهه ليبتعد عنهم ، أو يرشقونه بالحجارة ، فيحزن .
لكن حزن قاقاتو لم يكن يوما يدوم طويلا . ذلك أنه بعد أن يرن جرس المدرسة بقليل ، كان يرى سميرة تمر في الطريق مسرعة وقد تأخرت عن مدرستها . لكن مهما كانت سميرة متأخرة ، فإنها كانت دائما تتوقف أمام برج الساعة وترفع رأسها لتنظر إليها .
وكان قاقاتو يصيح ، (( قاق !)) فتزول نظرة القلق التي كانت تعلو وجه سميرة ، وتتحول إلى ابتسامة عريضة ، وترفع يدها ملوحة للقاق بابتهاج . ثم تجري راكضة طوال الطريق إلى المدرسة ، وتدفع نفسها عبر البوابة الكبيرة ، قبل لحظات من إقفالها .
كانت سميرة أعز أصدقاء قاقاتو ، مع أنها لم تكن تعرف ذلك .
ثم جاء فصل الصيف . كانت السماء زرقاء خالية من الغيوم ، وكان الجو حارا ورطبا .
صباح يوم السبت ، تطلع قاقاتو حوله ، فلم ير في شوارع البلدة أطفالا . كانت المدرسة صامتة وخالية . ولم تمر سميرة من هناك مسرعة ولا توقفت عند برج الساعة.
كانت الإجازة المدرسية الصيفية قد بدأت . لكن قاقاتو لم يكن يعرف ذلك . انتظر طوال الأسبوع بقلق ، فلم يأت الأطفال ، ولم تأت سميرة . وأحس قاقاتو بحزن شديد .
في الطقس الحار ، كانت سميرة وجدتها تبقيان معظم الوقت داخل المنزل . في وقت مبكر من صباح أحد الأيام ، ملأت الجدة جرة ماء ووضعتها خارج بوابة المنزل ، وقالت ، (( هذه لأولئك الذين يعملون في الخارج ويعطشون . بإمكاننا أن نظل داخل منازلنا ، حيث الظل ، لكن على بعض الناس أن يعملوا في الخارج طوال النهار .))
أعجبت سميرة بالفكرة . وبعد ذلك صارت ، في كل صباح تملأ الجرة وتضعها خارج البوابة , ثم تجلس وراء الشباك ، تقرأ كتابا . وسرعان ما اكتشفت أن الناس كانوا فعلا يتوقفون ليشربوا .
في أحد الأيام ، تذكر قاقاتو ما قالته له أمه يوما ، (( لا فائدة من الحزن ، عليك أن تفعل شيئا حيال ما يحزنك !)) وقرر أن يطير في أرجاء البلدة الصغيرة ليبحث عن سميرة .
كان النهار حارا جدا ، وكثر الذين يشربون من جرة سميرة . وعند الظهيرة كانت الجرة قد أوشكت أن تفرغ .
طار قاقاتو فوق السوق ، وطار فوق الشوارع ذهابا وإيابا . ثم طار فوق المنازل البيضاء النظيفة . ترى أي بيت هو بيت سميرة ؟
ظل يطير ساعات إلى أن أنهكه التعب والعطش . كان حلقه جافا . حاول أن ينادي سميرة ويقول ، ((قاق ! قاق !)) فلم يكد هو أن يسمع صوته . تشوق إلى موقعه الظليل عند برج الساعة . هل يتوقف عن بحثه ويعود إلى بيته ؟
في تلك الأثناء ، لمح جرة ماء !
نسي قاقاتو همومه ، وأسرع يهبط فرحا إلى الجرة وأنزل منقاره فيها .
بدت الجرة فارغة فشعر قاقاتو بضيق شديد .
تدلى جناحاه ، وجرجر ذيله بحزن . لم يلاحظ الفتاة الصغيرة التي كانت تجلس وراء شباك المنزل ، والتي كانت تراقبه باهتمام شديد . تلك كانت سميرة .
كان قاقاتو يوشك أن يترك الجرة ويطير عائدا إلى عشه ، لكنه سمع صوتا في داخله يقول له ، ((هل أنت واثق من أن الجرة فارغة كلها، یا قاقاتو؟ ))
بدا على وجه قاقاتو التفكير ، وقال في نفسه ، (( لعل في الجرة قليلا من الماء ، قليلا ولكن يكفي أن يروي قاقا شديد العطش .))
كان للجرة عنق طويل ضيق . نظر قاقاتو في داخلها ، كان باطنها معتما وفارغا . لكنه أراد أن يستوثق من ذلك .
التقط بمنقاره حصاة صغيرة وأسقطها في الجرة .
سمع صوتا . پلپ ! سپلاش !
إذا في الجرة ماء !
رمى حصاة أخرى ليتأكد .
پلپ ! سپلاش !
تحمس قاقاتو تحمسا شديدا ، وراح يصفق بجناحيه ويقاقي بصوت أجش . مع أن الماء كان لا يزال بعيد الوصول ، فإنه لن يتراجع الآن !
أسقط قاقاتو حصاة أخرى في الجرة ، وأخرى ، وأخرى .
پلپ ! سپلاش !
كان صوت الماء يقترب ويزداد وضوحا مع كل حصاة يسقطها . لا بد أن الماء الآن صار قريبا جدا .
پلپ ! سپلاش !
مد قاقاتو منقاره في عنق الجرة ، وأحس به يمس شيئا رطبا !
أسقط حصاة أخرى - پلپ! سپلاش!
لمعت أمام عينيه في عنق الجرة بركة ماء . غطس قاقاتو منقاره في البركة وشرب حتى تعب . آه ، ما أطيب الماء !
إذ أخذ قاقاتو يقاقي بفرح ، سمع أحدا يصفق بيديه . نظر إلى مصدر الصوت مستغربا . وأمامه رأى سميرة !
طار قاقاتو فوق البوابة ووقف على عتبة الشباك . ابتسمت سميرة وابتسم قاقاتو . قالت سميرة (( مرحبا !)) وقال قاقاتو ، (( قاق !))
هتفت سميرة بفرح ، أنت قاق برج الساعة !
(( قاق !))
هتفت سميرة بفرح , ((انت قاق برج الساعة !))
قالت سميرة ، ((أنت قاق ذكي جدا . لم تستسلم وتتراجع عندما ظننت أن الجرة فارغة . واصلت إسقاط الحصى إلى أن ارتفع الماء في قاع الجرة إلى عنقها ! ليتني أقدر أن أقوم مثلك بعمل ذكي !))
قال قاقاتو، (( تقدرين ! تقدرين !))
((هل تظن أن بإمكاني أن أجعل الساعة تتك مجددا ؟))
رد قاقاتو ، (( قاق ! قاق !))
وذلك هو ما فعلت سميرة ! ذهبت إلى الساعاتي وروت له حكاية تأخرها عن المدرسة كل يوم ، وسبب ذلك التأخر .
وقالت ، ((إذا أصلحت الساعة الكبيرة ، فلن يتأخر أحد عن المدرسة .))
في اليوم التالي ، تسلق الساعاتي برج الساعة وفتح صندوقها الزجاجي ، ووضع نظارته وبدأ يعمل .
كان يحمل معه نوابض جديدة ولوالب وعجلات . انتزع القطع القديمة الصدئة وركب في موضعها قطعا جديدة لماعة .
سرعان ما دارت العجلات ، وتحركت العقارب ، وسمع الناس ساعتهم القديمة المهضومة تطن بصوت رنان يصل إلى كل مكان .
كان الكثيرون في ذلك اليوم الحار ينعمون بغفوة القيلولة . فهبوا من غفوتهم مندهشين . ماذا حدث لهذه الساعة ؟ وسمع قاقاتو الساعة تطن ، فطار فرحا حولها يغني ، (( قاق ! قاق ! قاق !)) ويضبط إيقاعه مع طناتها .
ضحك الساعاتي ، وقال له ، ((ستكون الذي يضبط الوقت ، يا قاقاتو ، وستكون سميرة حاملة المفتاح !))
منذ ذلك اليوم ، كان قاقاتو يعتني بالساعة ، ويزيل الغبار عن صندوقها الزجاجي بريش ذيله .
وكان يأخذ مفتاح الساعة من سميرة مرة في الأسبوع ، ليلف نابضها ! ولم تتأخر سميرة عن المدرسة بعد ذلك اليوم أبدا !