اليوم مع قصة الأسد والكهف من قصص تحدى القراءة نقدمها لكم قصة مكتوبة و مصورة و PDF سهلة التحميل من موقع الناجح.
قصة الأسد والكهف مكتوبة
كان جو الغابة في ساعات بعد الظهر حارا لاهبا .
وكانت الشمس تصب أشعتها بغضب عبر أغصان الأشجار .
ولم يكن يسمع إلا أصوات تكسر الأوراق اليابسة تحت أقدام الحيوانات العابرة .
احتمت حيوانات الغابة الصغيرة في مواضع ظليلة ، ونامت حتى غروب الشمس . ولجأت الحيوانات الكبيرة إلى كهوف وتجاويف وقد أنهكها التعب والعطش .
نامت الغابة كلها . لم تعد الضفادع في بركها الجافة قادرة على النقيق . ولا كانت الجنادب تزمر بين الشجيرات . حتى الطيور سكنت وسكتت .
لم يعد يسمع إلا صوت مشية متمهلة على أرض الغابة . فقد كان الأسد الفتي سمبا في طريقه لزيارة ابن عمه سنغا . كان المشوار طويلا ، فسنغا كان يعيش في الطرف المقابل من الغابة .
انطلق سمبا من عرينه بعيد الفجر . قالت له أمه : "تناول فطورا مشبعا ، يا بني . فالطريق طويل ."
لكن سمبا كان في عجلة من أمره ، فابتلع بسرعة لقمة أو لقمتين ، ثم مضى في طريقه ين مبتهجا .
كان جو الصباح منعشا لطيفا ، تملأه روائح طيبة تنشرها الأزهار التي كانت قد بدأت تتفتح . نسي سمبا تماما أن عليه أن يصل إلى الطرف الآخر من الغابة في وقت الغداء . كان يلتقي الكثير مما يحب أن يتوقف عنده ويتأمله ، والعديد من الأصدقاء الذين يرغب في التحدث إليهم والسؤال عن حالهم ، وكان يجد مغامرة جديدة عند كل منعطف وفي كل درب . لم يكن يستطيع أن يمر من هناك من غير أن يستطلع ذلك كله .
رأى سمبا فراشة زرقاء فراح يطاردها . لم يستطع الإمساك بها . وبعد حين توقف لاهثا ، وتلفت حوله ، وقال في نفسه ،"أين أنا ؟"
كانت الشمس فوق رأسه ترسل أشعتها القوية .
أحس بألم في عينيه من تحديقه في السماء إذ كان يلاحق الفراشة الزرقاء .
كانت الفراشة الزرقاء قد اختفت ، ولم يعد لها حوله من أثر .
جلس على كومة نباتات يستريح ، لكنه سرعان ما هب واقفا ، فقد كانت تلك نباتات شائكة .
وجد سمبا نفسه في جزء لا يعرفه من الغابة ، بعيدا عن طريق بيت ابن عمه سنغا . كان جائعا ! يا ليته تناول طعام الفطور ! لكنه لم يفعل ، ولا يعرف متى يصل إلى بيت ابن عمه حيث ينتظره غداء شهي . فهو ضائع !
كانت الغابة صامتة تماما في ظهيرة ذلك النهار اللاهب .
أحس سمبا بقلبه يصغر . لم يكن أسدا كبيرا .
بدت الأشجار من حوله عالية عابسة .
ولم يجد كائنا يسأله عن طريقه .
أخذ يصيح ، "مرحبا ! هل من أحد هنا ؟" لكنه لم يتلق على ندائه جوابا .
أحس سمبا بتعاسة بالغة ، وقال في نفسه ، "لم يعد في هذا العالم الواسع أحد غيري !" ظن أنه سيموت جوعا في ذلك المكان ، ولن يرى بعد اليوم أمه أو ابن عمه سنغا . وعلقتفي عينيه دموع .
لكن ، على الرغم من الجوع والخوف ، سمبا أسد ، والأسود لا تستسلم بسهولة .
تذكر في الوقت المناسب أنه وحش كبير كاسر ، وأن الجميع يعرف أنه ملك الغابة !
نفض سمبا لبدته وزأر . وتردد صدى زئيره في أرجاء الغابة وأيقظ الحيوانات من غفوتها النهارية .
همست الكائنات الصغيرة ، "إنه أسد جائع ؛ وأسرعت تختبئ في الظلال .
وتمتمت الحيوانات الكبيرة قائلة ، "إنه أسد جائع !" ثم انزوت في كهوفها وتجاويفها حيث لا يتمكن الأسد الجائع من الوصول إليها .
لم يعرف أي من الحيوانات أن ذلك الأسد فتي وأنه جائع جدا وضائع.
اضطرب سمبا عندما لم يتلق على زئيره جوابا .
لكنه سرعان ما حشد شجاعته وانتفض وربض وقال : "أنا في الغابة فارس ، أنا صياد الفرائس !" ثم بدأ بحثه عن شيء يأكله .
جال سمبا في الجوار يزمجر ويزمجر ، فتسمعه الحيوانات وتهرب من طريقه . وكان يسمع معدته تقرقر فيزمجر أكثر .
لم يجد سمبا فريسة واحدة يصطادها ويسكت بها جوعه . وكان فوق ذلك ضائعا لا يعرف موضعه ولا كيف يتجه .
في تلك اللحظة رأى كهفا . بدا له الكهف مريحا ومنعشا ، ومناسبا لحجم أسد متعب جائع . لعل في داخله حيوانا نائما يصلح طعاما له .
قفز سمبا بحماسة إلى داخل الكهف . كان الكهف خاليا ، لكن فراشا من العشب الجاف في زاويته دل على أن الكهف منزل لحيوان وأن ذلك الحيوان لابد عائد قريبا .
قال سمبا في نفسه ، "عندي وقت . سآخذ غفوة قصيرة ، بينما يعود الحيوان صاحب هذا المكان ، ويأتي بأقدامه إلي وأتمتع بلحمه الشهي !"
كان سمبا حيوانا فتيا ، وإلا كان أدرك أن الكهف هو بيت ثعلب . الثعالب أذكى حيوانات الغابة ، وثعلبوط ، صاحب ذلك الكهف ، أذكى الثعالب . كان ثعلبوط في طريق العودة إلى البيت إذ استلقى سمبا على الفراش العشبي الناعم ليغفو قليلا .
سمع ثعلبوط زئير أسد جائع ، وهو يعرف أين يفتش أسد يجول في الغابة بحثا عن فريسة ، في يوم حار جاف .
تنحنح ثعلبوط إذ اقترب من الكهف . فهب سمبا من غفوته وانزوى في العتمة ، استعدادا للانقضاض .
صاح ثعلبوط ، "مرحبا ، يا كهف ! أنا وصلت !"
كهف ؟ تلفت سمبا حوله ، فلم يجد أحدا غيره في الكهف . لا يمكن أن يكون الزائر يخاطب الكهف نفسه ، هل هذا ممكن ؟ لكن يبدو أنه فعلا يخاطب الكهف .
عاد ثعلبوط ينادي ، "يا كهف ! هل أنت نائم ، يا كهف ؟ لم لا تجيبني ؟"
تحير سمبا . الكهف ليس إلا تجويفا في الصخر .
كيف يمكن أن يجيب حيوانا يناديه من الخارج ؟
عاد ثعلبوط ينادي ، وقد بدا في صوته غضب ، "لا أسمع كلمة منك اليوم ! إذا لم تكن سعيدا أن تراني ، سأمضي ! أعرف حين يكون وجودي غير مرغوب فيه ."
شعر سمبا أن طعام غدائه يضيع من بين يديه .
لعل الكهف مسحور فعلا ! ولعل الكهف المتكلم المسحور سكت اليوم عن الكلام !
لم يرد سمبا أن يضيع هذه الفرصة ، فنادى قائلا ، "مرحبا ! ما أسعدني برؤيتك ! كنت منشغلا بإعداد طعام الغداء . تعال ادخل ، أهلا وسهلا بك !"
ضحك ثعلبوط وانطلق مبتعدا وهو يقول : لا ، أيها الأسد الجائع الصغير ! لابد أنك جائع جدا حتى تصدق أن الكهف يتكلم ."
حل الشفق ( حمرة تظهر في الأفق وقت الغروب) باكرا في الغابة . واستطالت الظلال فترك سمبا الكهف . سيهبط الليل قريبا وكان لا يزال بعيدا عن بيت ابن عمه سنغا . كان جائعا وحزينا وضائعا في العتمة ، فماذا يفعل أسد صغير ؟
سمع سمبا صوتا رقيقا يسأله ، "أأنت ضائع ، أيها الأسد الصغير ؟" تلفت سمبا حوله ، فلم ير إلا ثلاث نجمات تتراقص أمامه . انهمرت الدموع من عيني سمبا ، وبدتا لماعتين كلمعان النجمات المتراقصة أمامه . وسمع الصوت اللطيف مجددا يقول : "أخبرنا أين تريد أن تذهب ، وسندلك على الطريق ."
سأل سمبا وهو يشهق ، "أأنتن نجمات ؟ هل تعلمن أين بيت ابن عمي سنغا ؟"
سمع سمبا صوت ضحكات لطيفة ، وجاءه الصوت قائلا ، "نحن لسنا نجمات – نحن يراعات مضيئات ! ونحن نعرف الطريق إلى بيت ابن عمك سنغا ! اتبعنا !"
طارت اليراعات المضيئات متراقصة ، تتنقل بين الأشجار ، وتتهادى فوق النباتات والأزهار ، وتتجنب الأماكن الشائكة ، والزوايا الحالكة ، وتلتفت بين حين وحين إلى الوراء لتطمئن على سمبا وتتأكد من أنه لا يزال يتبعها.
أخيرا وصلت إلى فسحة في الغابة . هناك ، ومن بعيد ، رأى سمبا ابن عمه سنغا واقفا ينتظر وقد أصابه قلق شديد .
قالت اليراعات : "أنظر هذا هو سنغا ! وصلت ، ولم تعد بحاجة إلينا . إلى اللقاء ! إلى اللقاء !" وطارت متراقصة واختفت بين الأشجار والظلال ، قبل أن يتمكن سمبا من شكرها .
كان القمر يشع من بين الأشجار كأنه فانوس سمين أصفر ، وكان سمبا متعبا وجائعا ، لكنه كان مبتهجا لأنه وجد أخيرا بيت ابن عمه .
أخذ سنغا ابن عمه سمنا إلى ينبوع ماء صاف ، فشرب سمبا وغسل جروح رجليه بالماء البارد . كان متلهفا أن يروي لابن عمه أخبار مغامرته كلها ، لكن سنغا قال : "العشاء أولا !"
العشاء ! سال لعاب سمبا عندما سمع كلمة العشاء ورأى الوجبة الفاخرة التي كانت في انتظاره . أعد سنغا لابن عمه المفضل أطيب أنواع اللحم وأطراها .
عندما سمع سنغا حكاية الكهف المتكلم قال ، "الثعالب ذكية ماكرة ، لكنها أيضا حكيمة . ماذا قال ثعلبوط وهو يهرب منك ؟
قال : لابد أنك جائع جدا حتى تصدق أن الكهف يتكلم !
ضحك سنغا ، وقال : "ثعلبوط حكيم ، فالجائع يرتكب حماقات ويصدق خرافات ."
إذ استلقى سمبا في الفراش سعيدا وراضيا ، وعد نفسه ألا يترك البيت من غير تناول فطوره !