غزوة مؤتة احدى غزوات الرسول مكتوبة للاطفال

غزوة مؤتة احدى غزوات الرسول مكتوبة للاطفال

غزوة مؤتة احدى غزوات الرسول مكتوبة للاطفال
غزوة مؤتة احدى غزوات الرسول مكتوبة للاطفال

غزوة مؤتة

كانت هذه الغزوة في السنة الثامنة بعد الهجرة .. ومؤتة التي تسمى باسمها هذه الغزوة ، قرية صغيرة في أقصى شمال جزيرة العرب ، على حدود الشام .

.. كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث برسالة إلى الحارث الغساني " ملك الغساسنة " يدعوه فيها إلى الإسلام ، مع أحد الصحابة ويدعى الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه .. وكان الغساسنة خاضعين للروم ، الذين كانوا يحتلون الشام ويسيطرون عليه ، ويرون أنفسهم أقوياء وأصحاب سلطان ، بقوة سادتهم " الروم " وسلطانهم ! لذلك قتلوا حامل الرسالة وسخروا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، الذي أرسله .

وكان ذلك عدوانا صريحا على المسلمين وإهانة لهم تستحق الرد والقصاص .

ومن جهة أخرى كان الأوان قد آن لتطهير الجزيرة العربية من بقايا الشرك والمشركين .. أعداء الإسلام ، بعدما تم تطهيرها من اليهود .

.. أعد الرسول صلى الله عليه وسلم جيشا من المجاهدين قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، يخرجون لقتال الغساسنة . وهو عدد كبير بالنسبة لدولة الإسلام في ذلك الحين . وهو إن دل على شيء فإنما يدل على فداحة الجرم الذي ارتكبه الغساسنة بقتلهم لمبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كما يدل على عظم المهمة التي كانت ملقاة على عاتق ذلك الجيش .

ولأول مرة لم يعين الرسول صلى الله عليه وسلم قائدا أو أميرا واحدا للجيش ، بل عين ثلاثة : زيد بن حارثة ، فإن قتل أو أصيب فجعفر بن أبي طالب ، فإن قتل فعبد الله بن رواحة . وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشعر بأنهم سيقتلون في المعركة ، على الرغم من أنه لم يكن يعلم بمدى قوة الجيش الذي سيواجهونه ولا الحشود الهائلة التي حشدها لهم الأعداء .

تحرك جيش المسلمين

وسار جيش المسلمين نحو شمال الجزيرة العربية ، مستهدفا الحدود مع الشام ، حيث ملك الغساسنة ..

وما أن وصل جيش المسلمين إلى " مؤتة "، حتى فوجئ المجاهدون بأنهم سيواجهون جيشا كبيرا لا يقل عدد جنوده عن مائتي ألف ، بعضهم من الروم ، وبعضهم من الغساسنة ، وبعضهم من القبائل العربية التي ما زالت على شركها بالله وتعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ماذا يفعلون ؟! .. الأمر جد خطير .. إنها بهذا الشكل ستكون حربا غير متكافئة .. ثلاثة آلاف يواجهون مائتي ألف .. لا شك أن خوض غمار حرب كهذه ، نوع من المخاطرة والمجازفة ! .. راحوا يتشاورون ويتدبرون ... منهم من قال نبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرسل لنا مددا أو يأمرنا بشيء آخر .. ومنهم من تسرب اليأس إلى نفسه وأراد الانسحاب .

إلا أن عبد الله بن رواحة ، ذلك المجاهد الذي يتمنى الشهادة جهادا في سبيل الله ، صاح فيهم قائلا :

يا قوم .. والله إن التي تكرهون لهي التي خرجتم تطلبون .. وما نقاتل الناس بعدد ولا عتاد ، ولا بقوة أو بكثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فانطلقوا إلى إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة .

فقال الناس : صدق والله ابن رواحة .

استشهاد زيد ، وجعفر ، وعبد الله بن رواحة

وانطلقوا يشقون صفوف أعدائهم ، ويقاتلونهم ببسالة ، حتى استشهد حامل الراية وقائدهم زيد بن حارثة ، فاستلم الراية جعفر بن أبي طالب ، وراح يقاتل ببسالة منقطعة النظير ، حتى قطعت يمينه التي يمسك بها الراية ، فأمسك الراية بشماله ، وراح يقاتل ببسالة ، فقطعت هي الأخرى ، فاحتضن الراية بعضديه ورفعها عاليا ، حتى جاءته ضربة قوية شقته نصفين ، واستشهد ، فأثابه الله بجناحين يطير بهما حيث يشاء في الجنة. ومن يومها وهو يسمى : جعفر الطيار ، أو جعفر ذو الجناحين . ثم رفع الراية بعده عبد الله بن رواحة ، وقاتل بشجاعة حتى استشهد وسقطت الراية من يده ، فالتقطها أحد المسلمين الشجعان ويدعى ثابت ابن أقرم وقال :

يا معشر المسلمين اتفقوا على رجل منكم يحمل الراية .

فقالوا له : أنت .

فقال : ما أنا بفاعل .. هناك من هو أكفأ مني .

فاتفق الناس على خالد بن الوليد .

خالد بن الوليد سيف الله المسلول يحمل الراية

فحمل خالد بن الوليد الراية ، وقاتل قتالا شديدا حتى انكسرت في يده تسعة سيوف ، من شدة القتال ، وهو يمسك سيفا بعد آخر ، يقاتل به الروم ويناوشهم ، حتى أقبل الليل ، فكان بمثابة فترة للراحة وإعادة ترتيب الصفوف ، وفكر خالد ابن الوليد كيف يواجه هذه الجموع الحاشدة ، وسرعان ما أدرك بعبقريته ومهارته العسكرية ، أن الاستمرار في القتال على هذا النحو سيؤدي إلى فناء جيش المسلمين كله . لذلك قرر أن ينسحب من المعركة ، ولكن دون أن يشعر الأعداء بضعف موقفه . فأعاد تنظيم الجيش بحيث يوحي لأعدائه بأن وجوها جديدة انضمت لجيش المسلمين ، وأن مددا إضافيا قد جاءهم .. فجعل مقدمة الجيش تنسحب ويحل محلها مؤخرته ، وجعل ميمنة الجيش تصبح ميسرته ، وميسرته تصبح هي ميمنته . ثم جعل الجيش كله ينسحب إلى الوراء رويدا رويدا وجعل المؤخرة تحدث غبارا هائلا حتى لا يرى الروم مؤخرة الجيش " أو حدوده النهائية " ولا يقدرون عدد المسلمين أمامهم بالضبط . ثم أصدر أوامره لجيش المسلمين بألا يلتحم مباشرة مع جيش العدو قدر المستطاع ، وإنما يناوشه فقط ، حتى يلحق به أكبر قدر من الخسائر .

وقد نجحت هذه الخطة ، وتكبد العدو خسائر فادحة و انكشفت بعض فرق العدو وفرت من ساحة القتال بعدما رأت بسالة المقاتلين المسلمين وعدم خوفهم من القتل أو الاستشهاد في المعركة .

واستطاع خالد بن الوليد بهذا الشكل أن ينسحب من المعركة بأدنى الخسائر الممكنة .

في ذات الوقت الذي حدث فيه ذلك ، كان جبريل عليه السلام ، قد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره ما حدث ، فأخبر به المسلمين قائلا : " أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب ، ثم أخذها سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم " وكانت عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان .

ولما رجع جيش المسلمين إلى المدينة ... قابلهم الصبيان وهم يقولون لهم يا فرار .. يا فرار .. فررتم من المعركة ؟

فنهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا لهم : " بل هم الكرار إن شاء الله ".

وقد أضمر خالد بن الوليد " أو سيف الله المسلول كما قد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم " ذلك في نفسه ، وظل يتحين الفرصة ، ويتشوق للقاء الروم ليصرعهم ويثأر لنفسه وللإسلام .

وهذا ما تحقق بالفعل إبان فتح الشام في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
تعليقات