غزوات الرسول فتح مكة غزوة مكتوبة للاطفال

غزوات الرسول فتح مكة غزوة مكتوبة للاطفال

غزوات الرسول فتح مكة غزوة مكتوبة للاطفال

غزوات الرسول فتح مكة غزوة مكتوبة للاطفال

فتح مكة

قال تعالى : ﴿ إِذا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ . وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا . فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ) [ النصر : ١ – ٣ ] .

كان فتح مكة في رمضان من السنة الثامنة للهجرة . وكانت قريش قد نقضت عهدها مع المسلمين وخالفت بنود الصلح الذي عقدته معهم في الحديبية ، عندما انضمت في القتال إلى جانب " بني بكر " حليفتها ، ضد " خزاعة " حليفة المسلمين .

فاستنجدت " خزاعة " بالمسلمين .. وكان لابد من نجدتها كما يقضي بذلك صلح الحديبية .

لذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس بأن يتجهزوا ويستعدوا للزحف وفتح مكة وبالفعل تجهز للزحف جيش تعداده عشرة آلاف مقاتل .. وهو جيش لم تشهد جزيرة العرب مثيلا له من قبل .

وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم قادة جيش الفتح أربعة هم :

* الزبير بن العوام .

* خالد بن الوليد .

* أبو عبيدة بن الجراح .

* سعد بن عبادة .

وعلمت قريش بأن الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس جيش كبير من المسلمين في طريقه إلى مكة .

فأرسلت قريش زعيمها أبا سفيان إلى المدينة ليستطلع الأمر ويحاول إعادة الصلح كما كان ...

وعندما دخل أبو سفيان المدينة ، ذهب مباشرة إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل على ابنته أم حبيبة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فطوت الفراش من تحته ولم تدعه يجلس عليه ، فقال لها :

يا بنية أرغبت به عني أم رغبت بي عنه ؟.

فقالت : إنه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك ولا ينبغي لك الجلوس عليه .

فنظر إليها وقال : لقد أصابك بعدي شر ..

ثم خرج فلقى أبا بكر الصديق ، فقال له : يا أبا بكر اشفع لي عند رسول الله .

فتركه أبو بكر ولم يكلمه . فلقى عمر ، فقال له مثلما قال لأبي بكر ، فقال له عمر : أنا أشفع لك عند رسول الله ؟! .. والله لو لم أجد إلا الذر " أي التراب " لقاتلتكم به .

فتركه ، وذهب إلى على بن أبي طالب ، فقال له على : يا أبا سفيان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزم على أمر لا أستطيع أن أكلمه فيه ، فعد إلى مكة .

فانصرف أبو سفيان ، وهم بالعودة ، بعدما أحس بفشل مهمته .

وفي طريق العودة قابل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان العباس قد أسلم من قبل ولكنه باتفاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتم إسلامه ، ليبقى في مكة عينا للمسلمين . قال العباس لأبي سفيان :

ويحك يا أبا سفيان .. لقد جهز لكم رسول الله قوة لا تقهر وسيغزوكم في عقر داركم .. في مكة .. بعدما نقضتم العهد الذي كان بينكم وبينه " صلح الحديبية " .. اركب خلفي ، وتعال معي نقابل رسول الله ، لعلى أنال لك النجاة .

فركب خلفه ، وعاد به إلى المدينة التي كان قد خرج منها لتوه وهو يجرجر أذيال الخيبة والفشل في مهمته التي كانت قريش قد كلفته بها . وفي المدينة ، عرض العباس رضي الله عنه الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن الرسول بحكمته أراد أن يبقى الخوف في نفس أبي سفيان لبعض الوقت ، فقال لعمه : "خذه معك وأتنى به في الصباح ".

إسلام أبي سفيان بن حرب

وفي الصباح استقبل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان ، الذي كان قد فقد كل أمل في النجاة ، وكل ما كان يتمناه في أن يفلح في منع الأذى والذل عن قومه .

هتف به الرسول صلى الله عليه وسلم : " أما أن لك يا أبا سفيان أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟!" .

فقال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك ، وما أكرمك ، وما أوصلك ، لقد ظننت أنه لو كان مع الله إله غيره لما أغني عني شيئا بعد .. " يريد أن ينفي عن نفسه الشرك بالله ".

فعاد الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله : " أما آن لك يا أبا سفيان أن تعلم أني رسول الله ؟".

فأجاب أبو سفيان في اضطراب : أما هذه ففي النفس منها شيء.

وهنا غمزه العباس رضى الله عنه وحذره قائلا : ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك .

فقال أبو سفيان - وهو يلمس عنقه بأصابع يده : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله .

وتنفس العباس رضي الله عنه الصعداء ..

ولأن العباس رضي الله عنه كان دبلوماسيا ماهرا ، فقد قال لابن أخيه صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل محب للشرف والفخر ، وهو كما تعلم زعيم قومه ، فاجعل له من ذلك شيئا .

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن .. ومن دخل الكعبة فهو آمن .. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن !".

و أمر صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة ، أن يذيع ذلك بين الناس.

.. لقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدث فتح مكة ، بدون قتال أو إراقة دماء من قريش ، وعسى الله أن يهديهم للإسلام . لذلك أعطاهم الأمان ، واستكمالا لهذا الهدف أوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس رضي الله عنه أن يحتجز أبا سفيان معه في مضيق الوادي حتى يرى حشود المسلمين وهي تمر ، فيدرك أن المسلمين أصبحوا قوة لا يستهان بها حتى إذا رجع إلى مكة حذرهم وأخافهم من قوة المسلمين فيوقنوا أن لا قبل لهم بها .

ووقف العباس رضي الله عنه وأبو سفيان في مضيق الوادي ، في حين كانت حشود المسلمين المتجهة إلى مكة تمر بهما .

وعندما مر من أمامهما أول تلك الحشود ، سأل أبو سفيان : من هؤلاء ؟

فقال العباس رضي الله عنه : إنه بني سليم .

فقال أبو سفيان : مالي ولسليم ؟! " أي لا شأن لي بسليم ".

ثم مر حشد آخر ، فسأل أبو سفيان : ومن هؤلاء ؟

فقال العباس رضي الله عنه: إنها مزينة !

فقال أبو سفيان : مالي ولمزينة ؟!

وهكذا أخذت الحشود أو القبائل تمر واحدة تلو الأخرى ، وأبو سفيان تصيبه الدهشة من وفرة عددهم وقوتهم .. حتى ظهرت دهشته بقوة في قوله :

ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ! .. والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما .

فرد عليه العباس رضي الله عنه : يا أبا سفيان .. إنها النبوة .

فقال أبو سفيان : نعم .

.. لقد أسلم أبو سفيان منذ قليل فقط ، ولذلك فقد كان لا يزال يقيس الأمور بمقاييس الجاهلية ، حتى رده العباس إلى المعنى الصحيح .. فليس هذا الذي رآه ملكا .. وليس محمد صلى الله عليه وسلم ملكا ، ولكنها النبوة ، والنصر الذي هو من عند الله .. والفتح الذي وعد الله المسلمين به .

وسارع أبو سفيان بالذهاب إلى مكة ، ودخلها قبل أن يدخلها جيش المسلمين بقليل ، في حين كانت قريش وأهل مكة يشعرون بدبيب جيش المسلمين ، وبجحافل الفتح . ولا يدرون ماذا يفعلون .

صاح أبو سفيان : يا معشر قريش .. يا معشر قريش ، هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، و من دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .

فأيقنت قريش أن أبا سفيان - زعيمهم السابق - قد أسلم واتبع دین محمد صلى الله عليه وسلم .

فانتفضت زوجته هند بنت عتبة وصاحت : لا تلتفتوا إلى هذا الأحمق الخرف ...

بينما عاد أبو سفيان إلى تحذير قومه وقال : ويلكم لا تغرنكم هذه " يقصد زوجته هند " من أنفسكم ، لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به .

وأيقن الناس بالحقيقة التي لا مراء فيها ، وأن نور الله قد طغى على ظلمات الشرك والوثنية ، وأن قوة المسلمين أصبحت لا يستهان بها ، وأنه لا داعي لقتال تخلي عنه الزعماء ، ودعت إليه النساء ...

فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم ، وتفرقوا في المسجد الحرام ، وراحوا من خلف الأبواب يراقبون هذا المد الإسلامي الزاحف .

وتذكر سعد بن عبادة زعيم الأوس ، الذي كان يحمل الراية وهو يدخل مكة ، ما كانت فعلته قريش في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألوان العذاب والقهر التي أذاقوها المسلمين ، فصاح : اليوم يوم الملحمة .. اليوم تستحل المحرمة ، اليوم أذل الله قريشا .

وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ، اليوم يوم أعز الله فيه قريشا ".

وأمر بأن تؤخذ الراية من سعد بن عبادة وتعطي لابنه .

دخول جيش المسلمين مكة

ودخل جيش المسلمين مكة من جميع نواحيها ، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم قادة الجيش وأمراءه أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم ، ويحقنوا الدماء كلما أمكنهم ذلك ، فلعل الله يشرح قلوب المشركين للإيمان .

ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الحرام ، وطاف به ، وأخذ يكسر الأصنام المحيطة به ، وهو يقول : ﴿ وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا ﴾ [ الإسراء : ٨١ ] .

ثم أمر صلى الله عليه وسلم بمحو جميع الصور والأوثان التي كانت تملأ الكعبة ، ليطهر بيت الله من كل رموز الشرك والوثنية .

ثم وقف بباب الكعبة ، وخطب في الناس قائلا : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعي فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج . ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصافيه الدية مغلظة مائة من الإبل ، أربعون منها في بطونها أولادها . يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب ".

ثم تلا قول الله تعالى : ﴿ يَٰٓأَيهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ ) [ الحجرات : ١٣ ] .

ثم تساءل صلى الله عليه وسلم : ما تقولون ، وماذا تظنون أني فاعل بكم ؟

فقال أحدهم : نقول خيرا ونظن خيرا ... أخ كريم وابن أخ كريم .

فقال صلى الله عليه وسلم : " وأنا أقول كما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .. اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
تعليقات