قصص الأنبياء مكتوبة قصة اليوم بعنوان شَعَيْبٍ عليه السلام القصة مكتوبة
قصة جديدة من قصص الأنبياء وقصة اليوم بعنوان شَعَيْبٍ عليه السلام مكتوبةقصة شَعَيْبٍ عليه السلام مكتوبة
أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى مَدْيَنَ أَخَاهُم شَعَيْبًا، يَدْعُوهُم إلى عِبادَتِهِ تَبَاَركَ وَتَعَالَى وَحْدَهُ، وَيُحَذِّرَهُم مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ، ويَأْمُرُهم بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُم عَنِ الْـمُنْكَرِ، وَيَحُضُّهُم على مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ.
وكَانَ أَهلُ مَدْيَنَ كُفَّارًا طُغَاةٍ يَقْطَعُونَ السَّبِيْلَ ويُخِيْفُونَ الْـمَارَّةَ، ويَعْبُدُونَ الأَيْكَةَ، وهِيَ شَجَرَةٌ مِّنَ الأَيْكِ حَوْلُهَا غِيْضَةٌ (وَالغَيْضَةُ) هِيَ مَكَانٌ يَكْثُرُ فِيهِ الشَّجَرُ مَلْتفَّةٌ بًهَا، وَكَانُوا مِنْ أَسْوَإ النَّاسِ مَعَامَلةً؛ يَبَحَسُونَ الْـمَكْيَالَ وَالْـمِيْزَانَ وَيُطَفِّفُونَ فِيْهَا ، أَي يَأْخُذُونَ بِالزَائِدِ وَيَدْفَعُونَ بِالنَّاقِصِ.
فَلمَّا دَعَاهُم شَعَيْبٌ إلى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَنَهَاهُم عَنِ الشِّرْكِ وَالإِفْسَادِ فِيْ الأَرْضِ وَالتَّطْفِيْفِ فِيْ الكَيْلِ والْـمِيْزَانِ، اسْتَجَابَ لَهُ بَعْضُهُم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ سَبِيْله، وَكَفَرَ أَكْثَرُهم، واسْتَهزَأوا به، وَأغْلَظُوا لهُ القَولَ..
وكَانَ شَعَيْبٌ خَطِيْبًا فَصِيْحَ اللِّسَانِ، قَوِيَّ الْـحُجَّةِ، لَهُ تَأثِيْرٌ بَلِيْغٌ فِيْ النُّفُوسِ الطَّاهِرَةِ وَهَذَا شَأْنُ الأَنْبِيَاءِ، وَعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ [ إِذَا ذَكَر شُعَيْبًا قَالَ: »ذَاكَ خَطِيْبُ الأَنْبِيَاءِ«. وَلَكِنَّ أَهْلَ مَدْيَنَ كَانُوا أَشْرَارًا يُؤْذُونَ مَنْ شَاؤُوا، وَيَأْخُذُونَ مِنَ الْـمَارَّةِ ضَرَائِبَ على الْـمُرُورِ تَبْلُغَ عُشْرَ مَا مَعَهُم أَو أَكْثَرَ، ويَسْلُبُونَ أَمْوَالَ مَنْ شَاؤُوا، ويَقْتُلُونَ مَنْ شَاؤُوا، وَيَبْغُونَ أَنْ تُكَونَ سَبِيْلُ اللَّهِ مُعْوَّجَةً لاَ يَسْلُكُهَا أَحَدٌ مِمَّن أَرَادَ الْـهُدَى.
فَقَد كَانُوَا يُؤْذُون الْـمُؤمِنِينَ، ويَحْمِلُونَهُم على العُوْدَةِ فِيْ مِلَّتِهِم بِشَتَّى السُّبُلِ، ويُرْغِمُونهُم على السَّيْرِ مَعُهم فِيْ الضَّلاَلِ وَالإِفْسَادِ فِيْ الأَرْضِ، وَانتَهَى بِهُم الأَمْرُ إلى طَرِيْقٍ مَسُدُودٍ؛ فَالْـمُؤمِنَونَ لَنْ يَتْرُكُوا دِيْنَهُم بَعْدَ أَنْ ذَاقُوا حَلاَوةَ الإِيْمَانِ، فَلَّمَا يَئِسُوا مِنْهُم أَنْذَرُوا شُعَيْبًا وَمَنْ مَعَهُ بِأَنْ يَختَارُوا بَيْنَ الرُّجُوعِ إلى مِلَّتِهِم وَالـخُرُوجِ مِنْ أَرْضِهِم، فَمَا كَانَ مِنْ شُعَيْبٍ عليه السلام إلاَّ أَنْ تَلَطَّفَ بهم، وَأحَسَنَ إِلَيْهِم القَولَ، وَلَكِنَّ القَومَ كَانُوا فِيْ ضَلاَلِهِم يَعْمَهُونَ، فَدَعَا ربَّهُ {رّبَّنّا عليه السلام فًتّحً بّيًنّنّا $ّبّيًنّ قّوًمٌنّا بٌالًحّقٌَ} (سورة الأعراف، الآية 81)، وَقَدْ اسْتمَرَّ يَدْعُو قَوْمَهُ على بَصِيْرَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَقُومُهُ يَتَوَّعَّدُونَه بِالْقَتْلِ وَالرَّجْمِ بِالْـحَجَارَةِ. وَقَدْ ذَكَرَهُم شُعَيْبٌ عليه السلام بِالَّذِيْنَ أُهْلِكُوا مِنْ قَبْلِهِم بِسَبِبِ كُفْرِهِم، وهُم قُوْمُ نُوْحٍ، وقَوْمِ هُودٍ، وَقُوْمُ صَالِحٍ، وَقَوْمُ لُوْطٍ. لَقَدْ بَذَلَ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ أَقْصِى مَا فِيْ وِسْعِهِ لِهَداَيَةِ القَوْمِ، وكَانَ يَسْتَعِيْنُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِيْ كُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوَهَا، وَفِيْ كُلِّ نُصْحٍ يُسْدِيْهِ إِلَيْهِم، وَيَسْتَمِدُّ مَنْهُ التَّوفِيْقَ وَالسَّدَادَ فِيْ كُلِّ شَيءٍ.
وَعذَابُ يُوْمِ الظُّلَّةِ فَسَّرُوه بِأَنَّهُ حَرٌّ شَدِيْدٌ أَرْسَله اللَّهُ عَلَيْهِم، وَأَسْكَنَ اللَّهُ الهَوَاءَ عَنْهُم، فَكَانَ لاَ يُنْفَعُهم مَعَ ذَلِكَ مَاءٌ وَلاَ ظِلٌّ؛ فَهَربُوا إلى البَرِّيَّةِ فَرَأُوا سَحَابَةً فَاجْتَمَعُوا لِيَسْتَظِلُّوا بِهَا، فَلَّمَا اكْتَمَلَ عَدَدُهم أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيهِم صَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ تَرْمِيهِم بِالشَّرِّ، وَرَجَفَتْ بهمُ الأَرْضُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَهَلَكُوا مِنْ آخِرِهِم، وَنَجَّى اللَّهُ شُعَيْبًا وَالَّذِيْنَ آمَنُوا مَعَهُ