قصة سيدنا نوح من قصص الأنبياء القصة مكتوبة
قصة جديدة من قصص الأنبياء وقصة اليوم بعنوان قصة سيدنا نوح القصة مكتوبة
قصة سيدنا نوح مكتوبة
مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، لا يكل ولا يمل من دعوته لهم ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فما زادهم ذلك إلا فرارا من الهدى فقد ظلوا يعبدون أصنامهم التي صنعوها بأيديهم، ويرجون منها الـخير ويظنون أنها تحميهم من الشر، وسموها بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
وامتنعوا عن مجالسته والسماع لنصحه، واتهموه بالضلال والكذب والـجنون.
ولكن نوحا عليه السلام كان يسمعهم في مجالسهم كلمة الـحق رغم أنوفهم، ويجادلهم في شأن أصنامهم..
فيقولون له: يا نوح كيف نؤمن لك وقد اتبعك الأرذلون من الضعفاء والفقراء الذين لا رأي لهم ولا عقلا!
وما أنت إلا بشر مثلنا وواحد منا، تأكل مما نأكل وتشرب مما نشرب؟
ولو شاء الله لأنزل ملائكة، فأجابهم نوح عليه السلام بحلم قائلا لهم:
يا قوم أرأيتم لو كنت على بينة من ربي وحجة شاهدة بصدق. وأتاني رحمة منه وفضلا، ولو حاولتم ستر الشمس بأكفكم أو طمس النجوم بأيديكم، فهل أستطيع لكم إلزاما؟
وكيف أتخلف وأتخلى عمن آمن بي من الضعفاء والفقراء وأطردهم من مجالسي لكراهيتكم إياهم؟! واستحاركم لهم، وقد سوى الله بينكم وبينهم، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح.
ولـما اشتد بينهم وبينه الـجدل، ضاقت صدوره كل اليأس من إيمانهم به كنبي.
{ قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ} (سورة هود، الآية 32).
فقال نوح: إنما تسرفون في الـجهل، فمن أنا حتى آتيكم بالعذاب؟!
وهل أنا إلا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد.
ولـما لم يجد نوح عليه السلام حيلة في هدايته، رفع شكواه إلى الله:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا . فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا . وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا . ثُمَّ إِنِّي دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارٗا . ثُمَّ إِنِّيٓ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارٗا} (نوح، الآيات5-9)
ثم دعا عليهم بالعذاب الذي طلبوه واستعجلوه:
وقال نوح: ( وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا . إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا ) نوح: 62-72)
فاستجاب الله له، وأمره أن يصنع الفلك، ويمتنع عن دعوتهم إلى عبادة الله الواحد القهار.
بعد ذلك اتخذ نوح عليه السلام مكانا بعيدا عن الـمدينة، وأعد الألواح والـمسامير، وأخذ يعمل ولكنه لم ينج من سخرية القوم.
فقال بعضهم: إنك يا نوح كنت تزعم قبل اليوم أنك نبي ورسول، فكيف أصبحت اليوم نجارا؟
وما بال سفينتك تصنعها بعيدة عن الـبحار والأنهار، هل عندك ثيران ستجره؟!
ولكن نوحا عليه السلام لم يكن لعانا، ولا فاحشا، فاكتفى بقوله كما جاء في القرآن عنه: ( وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ . فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ ) (هود: 83-93)
واستمر نوح عليه السلام في صنع السفينة حتى أحكم بناءها، وأتقن صنعها، وانتظر أمر الله؛ فأوحى إليه أنه إذا جاء أمرنا، وظهرت آياتنا فاركب سفينتك، وخذ كل من آمن بك وأهلك، واحمل معك من كل زوجين اثنين وانتظر.
وتفتحت أبواب السماء بالـماء، وتفجرت عيون الأرض، وبلغ السيل مداه!
فأسرع نوح إلى السفينة وحمل ما أمره الله بحمله من الإنسان والـحيوان والنبات.
وقال لأهله: احمدوا الله على نعمة النجاة.
وقال الله تعالى: ( وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ ) (هود:14).
وعندما أطل نوح عليه السلام برأسه فأبصر من بينهم ولده (كنعان) يقاوم الأمواج وتقاومه.
وكان غضب الله عليه، فاعتزل أباه، ورفض دينه، والتحق بأمه فناداه أن يركب السفينة لينجو بنفسه وكرر النداء.
فقال له بغرور: سآوي إلى جبل يحفظني من الـماء، فغالبته الأمواج، وكان من الـمغرقين.
ولـما غالب نوح عليه السلام حنان الأبوة، دعا ربه أن ينقذ ابنه فأخبره الله عز وجل أن الكفر قد حال بينهما، فلا مهرب له منها، وأن شفاعته لا محال لها.
وبعد أن تم إغراق القوم الظالـمين، أمر الله السماء أن تمتنع عن إنزال الـماء، وأمر الأرض أن تغيب الـماء في أعماقها لتعود الـحياة عليها.
كما كانت في أمن وسلام، ويعبد الـمؤمنون ربهم مخلصين له الدين.
وهبط نوح عليه السلام بسفينته على جبل الـجودي بسلام، وخرج هو ومن معه إلى الفضاء الفسيح لعمارة الأرض من جديد بعد أن طهرها الطوفان من الشرك، ومات الـمؤمنون الذين كانوا مع نوح عليه السلام واحدا بعد الآخر، ولم يتركوا ذرية تخلفهم في الأرض إلا أولاد نوح وهم (سام - حام - يافث).
تفرقوا في الأرض، وعمروها فكان جميع البشر من نسلهم.
(فسام) أبو العرب والعبرانين.
(وحام) أبو السودان والـحبشة وغيرهم من الأفارقة.
(ويافت) أبو الترك وغيرهم من العجم.
وحفظ الله نوحا عليه السلام ذكراه العطرة في كل أمة من العالـمين؛ فهو الأب الثاني للبشرية، وهو أول من دعا إلى الله أيضا من أولى العزم، وهو الـمثل الأعلى لغيره من الأنبياء والـمرسلين ( سَلَٰمٌ عَلَىٰ نُوحٖ فِي ٱلۡعَٰلَمِينَ ٧٩ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ) (سورة الصافات: 79-80)