قصص الحيوان والطير قصة فيل أبرهة القصه مكتوبة

قصص الحيوان والطير قصة فيل أبرهة القصه مكتوبة

قصص الحيوان والطير قصة فيل أبرهة القصه مكتوبةقصص الحيوان والطير قصة فيل أبرهة القصه مكتوبة

مع قصص الحيوان والطير وقصة اليوم بعنوان فيل أبرهة القصة مكتوبة

قصة فيل أبرهة مكتوبة

وها هي قصة فيل أبرهة التي هي عجيبة من عجائب الدنيا ... ولذا ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز "القرآن".

قال تعالى: (أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ . أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ . وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ . تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ . فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ) [الفيل : ١ - ٥] .

فتعالوا بنا لنتعرف على تلك القصة من بدايتها .

كانت اليمن تخضع لحكم الأحباش .. وكان ذلك قبل ميلاد النبي صلى الله عيه وسلم .. فقد سيطروا على بلاد اليمن واستبدوا بها. أما "أبرهة" فقد كان واليا على تلك البلاد من قبل ملك الحبشة، ولقد عرف عنه الغلظة والشدة وسوء الخلق.

وكان أسود شديد السواد، ذا شعر مجعد، ضخم الجسم، عظيم الرأس، قد شقت إحدى شفتيه الغليظتين؛ ولذا عرف بـ "الأشرم".

وكان "أبرهة "على دين رؤسائه من ملوك "الحبشة": نصرانيا متعصبا ومبالغا في كراهية كل معتقد غير النصرانية.

أما العرب من أهل اليمن - ورغم قسوة التسلط وقهر النفوس - فقد كانوا تواقين أبدا إلى أصالة انتسابهم التاريخي، وولائهم للبيت العتيق "الكعبة" في "مكة" - أم القرى - .

فمع بداية كل موسم . ... كانوا يشدون الرحال إلى "الكعبة" زائرين معظمين، يتحملون مشاق السفر الطويل بصبر وجلد ... ثم ترتاح أبدانهم وتطمئن نفوسهم حين يبلغون غايتهم وينتهون إلى مقصدهم.

كان أبرهة يتساءل ويسأل: "أي بيت هذا الذي تقصده العرب؟".

فيجاب: بأنه بناء بسيط متواضع، لا فن فيه ولا زخرفة، وقد رفع قواعده "إبراهيم"، و "إسماعيل" عليهما السلام فيما مضى من القرون.

وأن العرب يحجون إلى هذا البيت ... فامتلأ قلبه حقدا على العرب وجلس مع نفسه يفكر كيف يصرف العرب عن هذا البيت.

وبعد تفكير عميق هداه شيطانه إلى أن يبني كنيسة كبيرة في صنعاء سماها "القليس" لم ير الناس مثلها في زمانهم.

ثم كتب إلى النجاشي حاكم الحبشة قائلا له: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك أبدا ... وإني لن أهدأ أبدا حتى أصرف إليها حج العرب بدلا من أن يحجوا إلى الكعبة.

وكان أبرهة الحبشي قد سخر أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة وسخرهم فيها أشد أنواع التسخير.

وكان من تأخر عن العمل حتى تطلع الشمس يقطع يده لا محالة.

وجعل ينقل إليها من قصر بلقيس رخاما وأحجارا وأمتعة عظيمة وركب فيها صلبانا من ذهب وفضة.

وجعل فيها منابر من عاج وأبنوس وجعل ارتفاعها عظيما جدا واتساعها باهرا.

ولكنه رأى أن العرب لا تتجه إلا إلى البيت العتيق، ورأى أهل اليمن أنفسهم يدعون البيت الذي بناه، وينصرفون إلى مكة.

لقد ظن أبرهة أن العرب سيخدعون بتلك الزخارف التي لي كانت من الذهب والفضة وأنهم سينبهرون بتلك الكنيسة وسيتركون الكعبة والبيت الحرام من أجلها ... ونسى أن الذي ألقى محبة الكعبة وتعظيمها في قلوب الناس هو الله الذي بيده مقاليد الكون كله .. وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

ولما علمت العرب بأن أبرهة قد بني كنيسة وأنه يريد أن يصرف الناس إليها ويتركوا الكعبة وبيت الله الحرام اشتد غيظ العرب واشتعلت نيران الحقد في نفوسهم فقام رجل من كنانة فخرج من أرضه حتى وصل إلى صنعاء ودخل الكنيسة في وقت لم يكن فيها أحد وقضى حاجته في الكنيسة وترك فيها تلك النجاسات وخرج.

فلما علم أبرهة بذلك، غضب غضبا شديدا وقال: من صنع هذا؟

فقيل له: صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي تحجه العرب بمكة لما سمع يقولك إنك تريد أن تصرف حج العرب إلى بيتك هذا فغضب فجاء فأحدث فيها .

فغضب أبرهة عند ذلك وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه.

وأخذ يعد العدة لذلك، وأخبر سيده ملك "الحبشة" بعزمه ونيته، مزينا له المكاسب والنتائج التي سوف يجنيها سلطان الأحباش من وراء هذا التدبير !!!

وحشد آلافا من الجند بكامل عدتهم من أدوات وسلاح، ثم خرج بهم من عاصمة ملكه تـحـف به الرايات، وتلمع بين يديه الرماح والسيوف المشرعة.

الفيل في مقدمة الجيش

وجعل "أبرهة" في مقدمة جيشه فيلا ضخما ما رأت عيون البشر مثيلا له في أرض العرب، ولا في غيرها ... قد جعل فوق ظهره هودج كبير مصفح ، يحمي قائده من خطر أسنة الحراب والسهام، كما جلل رأسه بالجلود الغليظة لنفس الغرض.

وكان الهدف من سوق هذا الفيل في مقدمة الجيش هو استخدامه في هدم الكعبة؛ حيث يثار ويهاج بالوخز والضرب أو غير ذلك، كي ينطحها برأسه الضخم نطحات شديدة، فتتهاوي حجارتها ...

ولك أن تسأل: ولماذا يستخدم الفيل؟ أليس بإمكان أبرهة وجنده أن ينقضوا بناء الكعبة بأيديهم ومعاولهم؟

وهذا صحيح...

لكن "أبرهة" المتغطرس المستبد كان يهدف إلى إذلال العرب بهدم رمز معتقدهم ومهوى قلوبهم وأفئدتهم بأسلوب فيه التحقير والازدراء ... وهو استخدام الحيوان!! لكن سهمه طاش وفأله خاب. (وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ) [الأنفال : ٣٠).

في الطريق

ومن المعلوم أن الناس في أرض الجزيرة كانوا يعيشون في أماكن متفرقة .. فكل قبيلة تسكن في مكان بعينه ولا يستطيع أحد أن يعرف مكان كل قبيلة إلا من خلال الدليل الذي يدلهم على المكان.. وإلا فسوف يتوه في صحراء شاسعة قد يهلك فيها قبل أن يخرج منها.

ولذا أراد أبرهة دليلا في رحلته لهدم الكعبة ولكن لم يقبل أي عربي حر أن يكون دليلا لرجل يريد أن يهدم الكعبة.

ومضى أبرهة في البداية بلا دليل ومعه جيشه الكبير المدجج بالسلاح والعتاد يقطعون المفازات ... وكان أبرهة يعتلى صهوة جواده تحيط به الجنود من كل مكان وتخفق الأعلام والرايات من حوله.

دفاع بعض القبائل عن الكعبة

علمت بعض القبائل بخروج أبرهة لهدم الكعبة فجاشت حميتها وأرادت أن تمنعه من هذا العمل الإجرامي.

فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له: ذو نفر ... فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله الحرام، وما يريد من هدمه وإخرابه ... فأجابه إلى ذلك من أجابه، ثم عرض له فقاتله، فهزم ذو نفر وأصحابه ... وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ... فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك ! لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا

لك من قتلي ... فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق، وكان أبرهة رجلا حليما .

ولم يكن هزيمة هؤلاء العرب الذين خرجوا المواجهة أبرهة بسبب قوة أبرهة وجيشه .. وإنما كان السبب في أن أبرهة استخدم سلاحا جديدا لا يعرفه أحد من العرب ... ألا وهو سلاح الفيلة.

فقد كان أبرهة قد حشد مجموعة من الأفيال وعلى رأسهم فيل ضخم لم ير العرب مثله أبدا ... فكان يضرب الفرسان والأبطال بخرطومه فيرديه مقتولا.

ومن المعلوم أن الفيل حيوان نباتي ويحتاج إلى الماء الكثير .. وأرض الجزيرة قليلة الماء .. ولا يوجد فيها وفرة من الزروع والثمار ولذا فلم يكن أحدهم يرى الأفيال في أرض الجزيرة وإنما كانت موجودة في أرض اليمن .. ولذا فإن العرب لم يكونوا على معرفة بعالم الأفيال وسلاحهم الفتاك فخافوا منه وهابوه.

المقاومة

ومضى أبرهة في طريقه يريد هدم الكعبة.

ولما وصل إلى أرض "خثعم"، خرج له رجل اسمه نفیل بن حبيب الخثعمي ومعه رجال أقوياء من قبيلة خثعم "وهما: شهران وناهس" مع جماعة أخرى من قبائل العرب، فقاتلوا أبرهة الحبشي، فهزمهم أبرهة وأخذ تقيل بن حبيب أسيرا.

فلما أراد قتل نفيل، قال له نفيل : أيها الملك ! لا تقتلني، فإني سأعمل معك وسأكون لك دليلا في أرض العرب أدلك على الطريق. فتركه أبرهة وخلي سبيله على أن يكون دليلا له يعرفه الطريق.

فكان دليلا لأبرهة حتى أوصله إلى الطائف وهي مدينة قريبة من مكة.

فلما وصل أبرهة إلى بلاد الطائف، خرج إليه رجل اسمه مسعود بن معتب بن مالك ومعه جماعة من رجال ثقيف فقالوا له : أيها الملك ! إنما نحن عبيدك وسوف نكون طوع أمرك وسنرسل معك أيضا من يدلك على الطريق إلى الكعبة.

فأرسلوا معه "أبا رغال" ليدله على الطريق إلى مكة.

فخرج أبرهة ومعه أبو رغال - أنزله في مكان اسمه "المغمس" فلما أنزله به مات أبو رغال هناك فكانت العرب تلعنه وترجم قبره.. فهو القبر الذي يرجمه الناس بالمغمس ؛ لأنه كان يريد أن يدل أبرهة على الكعبة ليهدمها.

فلما نزل أبرهة بالمغمس أرسل رجلا من الحبشة اسمه "الأسود ابن مقصود" على خيل له حتى وصل إلى مكة فنهب الديار والأموال .. وكان من بين الأشياء التي أخذها مائتا ؛ بعير لعبد المطلب بن هاشم سيد أهل مكة وكبيرهم.

فأرادت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم أن يحاربوا أبرهة ولكنهم عرفوا أنه لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك ولم يقاتلوه.

وهناك بعث أبرهة رجلا اسمه: حناطة الحميري إلى مكة وطلب منه أن يسأل عن سيد أهل هذا البلد ... وأن يخبره بأن أبرهة ما جاء ليقاتلهم وإنما جاء لهدم الكعبة، فإن تركوه يهدم الكعبة، فلن يتعرض لهم .. وإن تعرضوا له فسوف يقتلهم.

ثم قال له أبرهة: فإن وجدت سيد أهل مكة لا يريد حربي فائتني به، فلما دخل حناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له : عبد المطلب بن هاشم .

فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة.

فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام .

فإن كان الله عز وجل سيحفظ بيته ويحميه من أبرهة فهو بيته وحرمه وإن يترك أبرهة يهدمه فليس عندنا أحد يستطيع أن يمنع أبرهة.

فقال له حناطة : انطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك.

فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى وصل إلى جيش أبرهة، فسأل عن "ذي نفر"؛ لأنه كان صديقا له، فعلم أنه عند أبرهة، فلما دخل عليه قال له : يا ذا نفر هل عندك حيلة نتخلص بها من أبرهة؟

فقال ذو نفر: وهل أملك أي حيلة وأنا رجل أسير عنده أنتظر أن يقتلني في أي وقت ... لكني أعرف شابا طيبا اسمه: أنيس وهو سائس الفيل، فسوف أرسل إليه وأوصيه بك وأعرفه قدرك ومكانتك وأطلب منه أن يستأذن لك لتدخل على أبرهة وتكلمه... وسأجعله يشفع لك عند أبرهة بخير إن استطاع.

فقال عبد المطلب : يكفيني هذا يا صديقي.

فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له: عبد المطلب سيد قريش وصاحب عين مكة، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال، فاستأذن له عليه وانفعه عنده بما استطعت.

قال: أفعل.

فكلم أنيس أبرهة فقال له : أيها الملك ! هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عين مكة وهو الذي يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال ، فائذن له عليك، فليكلمك في حاجته، فأذن له أبرهة ، قال : وكان عبد المطلب أوسم الناس وأعظمهم وأجملهم ، فلما رآه أبرهة أجله وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه.

فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جانبه، ثم قال لترجمانه : قل له ما حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان... فقال: حاجتي أن يرد على الملك مائتي بعير أصابها لي.

فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني.

أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لأهدمه، لا تكلمني فيه؟

فقال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا يحميه.

فقال أبرهة: لا يستطيع أحد مهما كان أن يحمي البيت مني أبدا.

فقال عبد المطلب: أنت وما تريد.

وهنا أمر أبرهة جنوده فردوا على عبد المطلب مائتي بعير.

فلما خرج عبد المطلب، ذهب إلى قريش وأخبرهم الخبر وأمرهم أن يخرجوا فورا من مكة وأن يتحصنوا في رؤوس الجبال.

ثم قام عبد المطلب وأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويطلبون منه النصر على أبرهة وجنده.

فلما أصبح أبرهة، تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله المرعب وجيشه الكبير .... وكان اسم الفيل: "محمود".

فلما وجهوا الفيل إلى مكة، أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذ بأذنه فقال : ابرك محمود وارجع راشدا من حيث أتيت، فإنك في بلد الله الحرام وأرسل أذنه ... فبرك الفيل ..

أي: سقط على الأرض.

وهنا خرج نفيل بن حبيب يجري حتى صعد الجبل.

وبدأ الهجوم

أعطى "أبرهة" الإشارة لجيشه بهدم الكعبة، فهب الجند يحركون الفيل الكبير ناحية الكعبة، إلا أن الفيل وقف لا يتحرك.

فجاء الجند القائمون على تدريب الفيلة ليتعاملوا مع هذا الفيل، فبرك الفيل في الأرض - أي: رقد – فجاءوا بالسياط - الكرابيج - وضربوا الفيل بها ضربا مؤلما لكن لم يتحرك. فحولوه ناحية اليمن ، فقام الفيل يجري. ثم أعادوا وجهه ناحية الكعبة فوقف ولم يتحرك. ثم برك على الأرض ثانية ... فجاءوا بالفأس فضربوه بها فلم يتحرك شبرا واحدا، فوجهوه ناحية الشام، فقام يجري ثم أعادوه ناحية الكعبة ففعلها ثالثة ورقد على الأرض دون حركة.

ولم يكن "أبرهة" وجنده يعلمون أن الفيل - رغم أنه مخلوق لا يعقل - إلا أنه مأمور بأمر الله، ولن يخالف أمر ربه، ولو كان حيوانا بلا عقل، وبلا قلب ... ولن يكون الفيل سببا في هدم الكعبة وتسويتها بالأرض.

لقد حاروا في أمره، ففعلوا معه كل شيء ليطيعهم، لكن الفيل عصى البشر، ليطيع أمر الله تعالى.

نهاية أبرهة وجيشه !!!

أما "أبرهة" الذي جاء ليهدم الكعبة، وتحدى الله تعالى، فقد كانت نهايته ونهاية جيشه قد كتبت في اللحظة التي فكروا فيها وقرروا أن يهدموا الكعبة ... وكان في انتظارمفاجأة... فسيجعلهم الله عبرة للأولين والآخرين ... وإذا كان عبد المطلب وهو بشر ضعيف قد حمى إبله، فإن الله سيحمي بيته الحرام؛ لأن مكة ستشهد بعد عدة سنوات خيرا عظيما ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلام أهلها.

فبينما الجميع في حيرة من أمر الفيل الذي حبس بأمر الله في هذه البقعة؛ إذ جاءت طيور عجيبة سدت الأفق.

فقد أرسل الله طيرا أبابيل، أي: جماعات متفرقة، في منقار كل منها، وفي رجليه حجارة من سجيل، وهو الطين الذي وضع في النار،

كل حجر قدر الحمص ... تلقى الحجارة على الجندي من جيش أبرهة فيسقط صريعا قتيلا. ويتفتت جسده حتى يصير كالتبن، أو ورق الشجر الذي جف وتقطع، وهو العصف المأكول.

وأهلك الله الجيش كله إلا قليلا، ومعهم "أبرهة" الذي لم يشأ الله أن يقتل بعد ... ليذوق الألم والعذاب قبل موته بعد أن تحدى الله وأراد هدم بيته ... وكان طريق عودته أسوأ طريق رآه في حياته.

فقد كانت أعضاء جسده تتساقط، العضو تلو العضو، والدم يسيل منه والقيح فما إن وصل إلى اليمن حتى كان كالفرخ الصغير، الذي ولد للتو لا ريش عليه، ولا عظام له، جزاء وفاقا ... فلبث قليلا ليكون درسا قاسيا له ولكل من أراد هدم الكعبة المشرفة، أو قصدها بسوء.

ثم هلك ومات غير مأسوف عليه ولا على جيشه، فرد الله كيد أصحاب الفيل ، ونجى بيته وحفظه، فسمى العرب هذا العام عام الفيل. وعاد الناس إلى بيوتهم.

وأما قائد الفيل وسائسه فقد أعمى الله أبصارهما فكانا يجلسان في الطرقات بمكة يسألون الناس الطعام والشراب.

وهذا كله جزاء من تعرض لهدم بيت الله الحرام.

لقد اختار أبرهة أضخم الحيوانات وأكبرها، وأشدها فتكا في ثورتها؛ لتكون أداته في هدم بيت التوحيد ... أول بيت وضع للناس.

لكن الله تعالى - جلت قدرته - رد كيد "أبرهة" ومكـره وتدبيره بالحيوان الضعيف .. بالطير المرفرف .. يحمل في منقاره الموت الزؤام "جحارة من سجيل"!!

وبهذا كفت يد الطغيان والإثم عن "الكعبة "المشرفة، وكان لا بد أن تتم إرادة الله تعالى بتطهيرها من رجس الأوثان والأصنام، وإعادتها نقية نظيفة من دنس ،الجاهلية، كما كانت على عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بولادة سيد الأنام، رسولنا المصطفى محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم

ففي ذلك العام - عام الفيل - ولد حبيبنا الأكرم ورسولنا الأعظم ،قدوة الموحدين، وإمام المتقين، وخاتم الرسل أجمعين .

الدروس المستفادة

  • أن أعداء الإسلام لا يحبون الخير للمسلمين أبدا.
  • أن الواجب على المسلم أن يبذل كل ما يستطيع من أجل الدفاع عن دينه ووطنه.
  • أن المسلم لا ينبغي أن يحرص على مصلحته الشخصية فقط بل ينبغي عليه أن يحرص على مصلحة دينه ووطنه والمسلمين من حوله....
  • فلقد رأينا كيف أن أبرهة قد غير رأيه في عبد المطلب؛ لأنه ظن أنه يريد أن يمنعه من هدم الكعبة فوجده قد جاء ليسأل عن بعيره.
  • أن الله هو الذي يحمي دينه ويدافع عن الذين آمنوا.. ولقد رأينا كيف أن الله حمى بيته من أبرهة وجنوده؛ لأن هذا البيت سيكون قبلة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته.
  • أن من أراد الإسلام والمسلمين بسوء، فإن الله عز وجل ينتقم منه ويجعله عبرة للناس.
تعليقات