قصص الحيوان في القران قصة دابة أصحاب الأخدود القصه مكتوبة

قصص الحيوان في القران قصة دابة أصحاب الأخدود القصه مكتوبة

قصص الحيوان في القران قصة دابة أصحاب الأخدود القصه مكتوبةقصص الحيوان في القران قصة دابة أصحاب الأخدود القصه مكتوبة

مع قصص الحيوان في القران وقصة اليوم بعنوان دابة أصحاب الأخدود القصة مكتوبة

قصة دابة أصحاب الأخدود مكتوبة

وها هي قصة دابة أصحاب الأخدود ... تلك الدابة التي كان موتها سببا في ثبات الغلام البطل على إيمانه .. بل وكانت سببا في إظهار كرامة هذا الغلام أمام الناس ليصدقوه وليكون سببا في إيمانهم بالله جل وعلا بعد ذلك.

فيا ترى ما هي قصة هذه الدابة .. هذا ما سنعرفه من خلال تلك السطور ... فتعالوا بنا لنتعايش بقلوبنا وأرواحنا مع هذه القصة الجميلة المؤثرة.

كان هناك ملك اسمه «ذو نواس» وكان يعيش في بلدة تسمى «نجران» في اليمن.

وكان هذا الملك عنده ساحر يعمل له كل ما يستطيع من الحيل والأعمال السحرية؛ لكي يقنع الناس بأن الملك هو إله الكون الذي ، يستحق أن يعبد من دون الله جل وعلا.

وهذا الساحر في الحقيقة هو أهون الناس على الملك، فإذا وجد الملك من هو أفضل منه تخلي عنه في التو واللحظة ... بل إن حدث منه أي شيء يغضب الملك فسرعان ما يتحول الملك إلى إعصار مدمر يعصف بحياة الساحر بلا تردد.

الساحر يطلب من الملك غلاما يعلمه السحر !!!

وفي يوم من الأيام كان الساحر جالسا مع الملك كعادته فإذا به يقول للملك: أيها الملك .. لقد أصبحت كبيرا في السن وأشعر بضعف شديد في صحتي ولم أعد أستطيع أن أقدم إلا القليل من الحيل والأعمال السحرية.

الملك: وماذا تريد أيها الساحر .. فأنا لا أستطيع أن أستغنى عنك لحظة واحدة .. فأنت الذي تجعل الناس يطيعوني بل ويعبدوني بفضل أعمالك السحرية ؟؟

الساحر: أنا لن أتخلى عنك أبدا يا سيدي .. لكني أخشى أن أموت فيموت السحر معي .. فأنا أريدك أن تبعث لي غلاما صغيرا ذكيا أعلمه السحر ليكون ساحرا لك بعد موتى .. وبذلك أضمن أن يستمر السحر من بعدي.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : لماذا طلب الساحر من الملك أن يبعث إليه غلاما صغيرا ولا يبعث إليه شابا أو شيخا كبيرا ؟!

والجواب: لكي يتعلم الغلام السحر من صغره ويبقى مع الملك أكبر وقت ممكن ليخدمه في تنفيذ ما يريد .. ونحن نعلم جميعا أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.

وأنا أتعجب من أمر هذا الساحر الذي عاش حياته كلها كافرا بالله جل وعلا وعلى الرغم من ذلك بدلا من أن يفكر في التوبة قبل أن يموت - فقد اقترب أجله - وإذا به يفكر كيف يستمر هذا الشر من بعده؛ ليكون ذلك في ميزان سيئاته من بعده .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)).

الملك يختار غلاما ليكون الساحر الجديد

المهم أن الملك وافق على طلب الساحر .. وعلى الفور أمر الملك أعوانه أن يبحثوا عن أذكى غلام في المملكة كلها ليكون ساحرا للملك ... وبعد بحث طويل وقع الاختيار على غلام في قمة الذكاء .. وذهبوا به إلى الملك، فرحب به وأخبره أنه سيتعلم السحر على يد الساحر الكبير؛ ليكون بعد ذلك هو الساحر الخاص بالملك.

فرح الغلام في بداية الأمر .. فهو الآن على أبواب الشهرة والثراء ... وذهب الغلام إلى الساحر في اليوم التالي، فوجد أن أعوان الملك قد أحضروا له ملابس جديدة وتركوا له أموالا كثيرة، ففرح بذلك أشد الفرح وعلم أنه سيصبح قريبا من المشاهير الأثرياء في هذه المملكة.

وبدأ الساحر الكبير يعلم الغلام السحر

وبدأ الساحر الكبير يعلم الغلام فنون السحر ... والغلام يتعلم منه كل يوم شيئا جديدا .. والهدايا والأموال تنهال كل يوم على الغلام؛ لكي يحب السحر ويخلص في خدمة الملك بعد ذلك.

وتدبروا معي كيف أن الملك وكل من حوله يجندون كل طاقاتهم ليصنعوا من هذا الغلام ساحرا كافرا .. ولكن الله عز وجل يريد أن يصنع منه مؤمنا موحدا بل وداعية إلى دين الله جل وعلا: ((والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ [يوسف : ٢١].

الغلام يسمع كلمات الراهب

وكان الغلام يذهب إلى الساحر كل يوم ليتعلم السحر على يديه ... وكان الطريق من بيت الغلام إلى قصر الملك طويلا وشاقا على الغلام .. فكان الغلام أحيانا يجلس؛ ليستريح من التعب.

وبينما كان الغلام يوما جالسا ليستريح وإذا به يسمع صوتا يصدر من بيت صغير .. وكان صاحب الصوت شيخا كبيرا وإذا به

يقول : لا إله إلا الله .. يا فاطر السماوات والأرض .. يا حي يا قيوم، اللهم اجعلني من عبادك الصالحين... فتعجب الغلام من تلك الكلمات .. ولم يعلم ماذا يقصد هذا الشيخ الكبير بهذه الكلمات...

وانصرف الغلام وخاف أن يدخل على هذا الشيخ ليسأله ... ولكن الكلمات ظلت تتردد في عقل هذا الغلام.

ذهب الغلام إلى الساحر وبدأ يتعلم على يديه الدرس اليومي في السحر، فظل الغلام يسمع تلك الطلاسم السحرية والكلمات التي لا يفهم منها أي شيء .. وأخذ يقارن بين كلمات الساحر التي لا يفهمها أحد .. وبين كلمات هذا الراهب الشيخ الكبير وهو يقول تلك الكلمات السهلة الجميلة ، فأحس الغلام لأول مرة ارتياحا شديدا لكلام الراهب.

وفي اليوم التالي جلس الغلام بجوار صومعة الراهب يستمع إليه وهو يدعو بتلك الكلمات الجميلة.

وأصبح الغلام يمر على صومعة الراهب وهو ذاهب إلى الساحر وكذلك وهو عائد إلى بيته .. حتى أحس فجأة أنه يريد أن يدخل على هذا الراهب ليعرف من هو وماذا يصنع.

الغلام والراهب

وفي يوم من الأيام .. كان الغلام ذاهبا إلى الساحر، فمر على صومعة الراهب وسمعه وهو يقول: يا حي يا قيوم يا فاطر السماوات والأرض أنت الإله الحق لا إله غيرك ولا رب سواك .. أسألك باسمك الأعظم أن تغفر لي وترحمني.

فدخل الغلام عليه فجأة وهو يبكي ويقول: أشهد أن لا إله

إلا الله .

فقال الراهب: من أنت أيها الغلام الصغير؟

فقال الغلام: أنا ساحر الملك الصغير .. وقد سمعتك وأنت تقول هذه الكلمات الجميلة فتأثرت وأردت أن أعرف من هو هذا الإله الذي تعبده.

فقال الراهب : إنه الله الذي خلقنا ورزقنا وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.

فقال الغلام: إن الناس يقولون إن الملك الذي يحكمنا هو الله.

فقال الراهب : يا بني ! إن الملك ما هو إلا بشر ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا .. إنه بشر يحتاج إلى الماء والطعام والدواء، فهو يخدع الناس ويقول : إنه إله .. وليس هناك إله إلا الله.

فانشرح صدر الغلام وقال للراهب: علمني كيف أعبد الله جل وعلا.

الغلام يتعلم من الراهب

فأخذ الراهب يعلم الغلام كيف يعبد الله وكيف يذكره وكيف يوحده، فأصبح الغلام مسلما عابدا الله جل وعلا.

أصبح الغلام بعد ذلك يكره لقاء الساحر لكنه يذهب إليه؛ لأن الملك أمره بذلك.

وعلى الرغم من أنه يذهب للساحر إلا أنه أصبح زاهدا في تعلم السحر .. فقد علم أن هذا الساحر كذاب ودجال وأنه هو والملك على باطل.

وفي المقابل أصبح الغلام يشتاق كل لحظة للقاء الراهب ليتعلم منه كيف يعبد ربه ويوحده.

فكان كلما ذهب إلى الساحر ضربه؛ لأنه تأخر عليه .. وكلما ذهب إلى أهله ضربوه لأنه تأخر عليهم .. فشكا ذلك إلى الراهب فقال له الراهب إذا سألك الساحر لماذا تأخرت؟ فقل: حبسني أهلي .. وإذا سألك أهلك لماذا تأخرت؟ فقل : حبسني الساحر.

وبذلك تخلص هذا الغلام من بطش الساحر وأهله.

الغلام الصغير يقتل أسدا!!!

وفي يوم من الأيام كان الغلام في طريقه إلى الراهب، فوجد الناس مذعورين خائفين .. فنظر فوجد أسدا كبيرا قد قطع الطريق على الناس .. فاغتنم الغلام هذه الفرصة وقال في نفسه: اليوم أعرف وأتيقن أيهما أفضل عند الله : الساحر أم الراهب.

فأخذ الغلام حجرا صغيرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر ، فاقتل هذا الأسد حتى يمضي الناس.. فرمی الحجر فقتل الأسد ومضى الناس وهم يظنون أن الغلام قتل الأسد بسبب نبوغه في السحر.

ولذلك علينا أن نتخيل هذا المشهد: غلام صغير، لا يستطيع أن يحمل إلا حجرا صغيرا فكيف يضرب الأسد بذلك الحجر الصغير فيموت؟!

إن الحجر الذي أمسك به الغلام لا يقتل فأرا صغيرا، فضلا عن أن يقتل أسدا كبيرا .. لكنها كانت كرامة من الله أكرم بها هذا الغلام؛ لأنه لجأ إلى الله وتوكل عليه .. وفي نفس الوقت أراد الله عز وجل أن يعرفه طريق الخير من طريق الشر ليكون على يقين من أنه على الحق فيبذل من أجله كل ما يملك حتى نفسه التي بين جنبيه.

الراهب يخبر الغلام بأنه سيبتلى

ثم ذهب الغلام إلى الراهب وأخبره بما حدث.

فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني ... قد بلغ من أمرك ما أرى .. ولكن اعلم أنك ستتعرض لابتلاء شديد، فإذا وقعت فى هذا البلاء فلا تدل الناس على مكاني ولا تخبرهم عني. وهذا درس عظيم في التواضع؛ لأن الراهب أفضل من الغلام - بلا شك - فهو الذي علمه التوحيد ولقنه العلم وعلى الرغم من ذلك يقول له: أنت اليوم أفضل مني.

شفاء المرضى على يد الغلام - بإذن الله -

وقد أجرى الله على يد الغلام شفاء المرضى، وإبراء الأكمه والأبرص، وكان يخبر الناس أن الشافي هو الله، وأن من آمن بالله فإنه يشفيه ... فكان يتخذ من المعالجة طريقا لنشر الإيمان والتوحيد.

إسلام جليس الملك على يد الغلام بعد شفائه

فسمع جليس الملك - وكان أعمى - أن هناك غلاما يداوي الناس من كل الأمراض.
فما كان من جليس الملك إلا أن أحضر الهدايا الثمينة والأموال الكثيرة وذهب لهذا الغلام فوجد زحاما شديدا على بابه فاستأذن

من هؤلاء الناس ودخل على الغلام .. وإذا بالمفاجأة الكبرى !!

لقد علم جليس الملك أن الغلام الذي يداوي الناس من الأمراض هو ساحر الملك .. فقال له جليس الملك: لقد جمعت لك كل هذه الهدايا والأموال على أن تشفيني وترد إلى بصري.

فقال له الغلام: إني لا أشفي أحدا إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك ...هكذا بدأ الغلام يضع بذرة التوحيد في قلب جليس الملك ليعلم أن الله وحده هو النافع الضار وأنه بيده مقاليد السماوات والأرض وأنه هو وحده الذي يملك الشفاء.

والفائدة الثانية: أن الداعية الصادق يستثمر حاجة الناس في دعوتهم إلى الله عز وجل.

ولكن جليس الملك كان مترددا ، فقال للغلام: ومن هو الله ؟ فقال الغلام الله الذي خلقنا جميعا وخلق الكون كله .. وهو الذي سيشفيك من مرضك إن آمنت به ودعوته.

جليس الملك : أليس ملك البلاد هو الله ؟

الغلام: كلا .. إنه عبد ضعيف ولو كان إلها لشفاك ولكن إن كنت في شك ، فاذهب الآن إلى الملك واطلب منه أن يرد إليك بصرك.

فتيقن جليس الملك أن الملك عبد ضعيف، لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا.

فرفع جليس الملك رأسه إلى السماء وقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقام الغلام فدعا الله أن يشفى جليس الملك وأن يرد عليه بصره.

فشفاه الله ورد إليه بصره .. فصرخ جليس الملك . الفرح وهو يردد: أشهد أن لا إله إلا الله .. أشهد أن لا إله إلا الله. فقال له الغلام: لا تخبر الملك عني ولا تدله على.

فوعده جليس الملك بذلك، ثم خرج وهو في قمة السعادة.

فلما أسلم جليس الملك ذهب إلى زوجته وأولاده وهو في قمة السعادة لأن الله عز وجل قد رد عليه بصره ... وفرحت زوجته وفرح أولاده فرحا شديدا ... لكنه لم يخبرهم بقصة إسلامه على يد الغلام لأنه وعده بذلك.

الملك يعلم بإسلام جليسه ويعذبه

وفي اليوم التالي جاء أحد حراس الملك إلى قصر جليس الملك الذي رد الله عليه بصره وأخبره أن الملك يطلب لقاءه فذهب معه دون أن يحتاج إلى من يقوده في طريقه إلى الملك كما كان يفعل من قبل.

فلما دخل على الملك قال له الملك: هنيئا لك على أنك عدت مبصرا مرة أخرى.

فقال جليس الملك : الحمد لله وحده على نعمة الشفاء من العمى.

فغضب الملك وقال له وهل هناك إله في هذه المملكة غيري؟

قال جليس الملك: الله الذي خلقك ورزقك وجعلك ملكا وإذا أراد أن ينزع منك الملك وأن ينزع منك كل شيء حتى روحك فإنه وحده القادر على ذلك.

جليس الملك يدل على الغلام

الملك. فما كان من الملك إلا أن أمر الحراس أن يأخذوه ليعذبوه حتى يدلهم على من جعله يسلم ويدخل في دين غير دين الملك.

فأخذوه وظلوا يعذبونه حتى دلهم على الغلام.

ومع أن هذا الرجل كان جليسا للملك إلا أن الملوك ليس عندهم وفاء لمن حولهم .. فما إن تعارضت وجهة الجليس مع وجهة الملك وإذا به يأمر بتعذيبه في التو واللحظة.

وجئ بالغلام أمام الملك ليعترف

((فجئ بالغلام، فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله ... فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب)).

علم الملك أن الغلام وراء هذه الدعوة الجديدة في مملكته: دعوة التوحيد وإنكار ربوبية الملك ... فماذا يفعل هذا الطاغية لاحتواء هذه الدعوة؟

إن بطشه بالغلام الذي أحبه الناس وعرفوا إحسانه إليهم، وأنه هو الذي قتل الأسد ، وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويداويهم من سائر الأدواء.. سوف يزيد من محبته ويجعله بطلا أو شهيدا، ويصبح موته وقودا دافعا لاستمرار دعوته؛ فلابد من محاولة الاستمالة أولا، فهو يعرف جيدا حقيقة دعوة الغلام وأنها تهدف إلى تحقيق العبودية لله وحده ونبذ عبودية الملك، مع ذلك يقول له :

"أي بني".
والنداء بالبنوة أول محاولات الاستمالة والتلطف، فهو يقول له أنت ابني وأنا الذي توليت تربيتك، ثم يقول له: «قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل».

فهو يريد أن يقول له: لا مانع عندي من استمرارك في ما تفعل، بشرط أن تقول للناس : إن هذا من السحر الذي تعلمته في مدرسة الملك، وأن ما تدعو إليه هو بتوجيهات الملك وتحت إشرافه وبرعايته، ... وهو يقول له ذلك وهو على يقين من أنه و الذي قال لجليسه ولغيره ربي وربك الله، وأنه سبحانه الذي هو يشفي الناس.

الغلام يدل على الراهب .. والملك يقتل الراهب

رفض الغلام إذن أن يسمى ما يفعله سحرا، وأبى إلا أن يجابه الملك بأن دعوته هي دعوة التوحيد الخالص بمقولته العظيمة : ((إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى))، وفشلت محاولة الاحتواء وإلباس الحق ملابس الجاهلية ... فانكشف الملك على حقيقته ولجأ إلى الأسلوب المعتاد البطش والتنكيل ... فجئ بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك فأبى، فدعا بالمنشار, فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه.

وهنا وصل الملك إلى النبع الذي استقي منه الغلام وجليس الملك «الإيمان والتوحيد»، فأراد الملك أن يجفف هذا النبع وذلك بأن يتخلص منه ويقتله .. ولذلك لم يتكلم معه بنفس اللطف الذي قابل به الغلام في البداية بل قال له بكل صراحة ووضوح ارجع عن دينك.

فأبى الراهب أن يرجع عن دينه رغم أنه يعلم أنه سيتعرض للعذاب الشديد.

فأمر الملك بقتل الراهب في التو واللحظة.

وكان الذي شجع الملك على قتل الراهب أنه لم يكن مشهورا ومعروفا بين الناس ولذلك لن يعترض أحد لقتله.

وقتله الملك أبشع قتلة وذلك بأن أمر أن ينشر بالمنشار نصفين وعلى الرغم من ذلك صبر الراهب على هذه القتلة البشعة؛ لأنه يعلم يقينا أن موت الجسد أهون بكثير من موت الإيمان والتوحيد في قلب العبد؛ لأن صاحب التوحيد لو قتل عشر مرات فإنه سيحيا في جنات النعيم وسيجبر الله كسره في تلك الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ... بل إنه سينسى كل شقاء مع أول غمسة في جنة الرحمن.

الملك يأمر بقتل جليسه الذي أسلم

فجي بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شفاه.

لقد حدث الجليس الملك مثلما حدث للراهب ... لقد ذاق الرجل حلاوة الإيمان فهان عليه أن يقدم حياته الله جل وعلا بدلا من أن يعيش منعما في قصر الملك وهو بعيد عن ا الله سبحانه وتعالى .

المحاولة الأولى لقتل الغلام من أعلى الجبل

ثم جئ بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه ... فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت ... فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال الملك : ما فعل

أصحابك ؟ قال: كفانيهم الله تعالى.

لقد كان الملك حتى هذه اللحظة لا يريد أن يقتل الغلام لأنه ما زال عنده بريق أمل في أن يستخدمه في السحر ويستفيد من مواهبه وإمكانياته .. فاختار طريقة لقتله يستطيع الغلام من خلالها أن يفكر مرة أخرى.

طلب الملك من زبانيته أن يذهبوا بالغلام إلى أعلى الجبل ويعرضوا عليه أن يرجع عن دينه أو يلقوه من قمة الجبل .. ومن المعلوم أنهم سيسيرون مسافات طويلة؛ لكي يفكر مرة بعد مرة. ولكن الغلام .. كان الإيمان في قلبه ثابتـا ثبات الجبال الراسيات، فلم يضعف قلبه ولم ترتعد فرائصه لحظة واحدة بل كان يتمنى الشهادة في سبيل الله من أجل أن تحيا الأمة كلها على التوحيد والإيمان.

ولما صعدوا به فوق الجبل ما كان من الغلام إلا أن لجأ إلى الله وتوكل على الحي الذي لا يموت فقال بقلبه ولسانه: ((اللهم اكفنيهم بما شئت)) ولم يختر الغلام الطريقة التي ينجيه الله بها من كيد هؤلاء بل ترك الأمر لمالك الملك وملك الملوك جل وعلا ليدبر له الأمر وينقذه بالطريقة التي يراها هو سبحانه وتعالى .

فما كان من الحق جل وعلا إلا أن أمر الجبل فتزلزل بهم الجبل وسقطوا جميعا - وهم الرجال الأشداء الأقوياء - وبقى الغلام الصغير الضعيف في جسده القوي في إيمانه .. بقى الغلام سالما بأمر الله عز وجل.

إنه التوكل على الله وإنها الثقة في الله الذي بيده مقاليد الأمور.

وعاد الغلام إلى الملك مرة أخرى !!

وقد يسأل سائل ويقول: ما الذي جعل الغلام يعود إلى الملك مرة أخرى ولم يهرب مع أنه على يقين من أن الملك يريد أن يقتله ؟!

والجواب: إن الغلام لا يريد النجاة لنفسه بل يريد الحياة لأمته، فهو يريد أن تنتصر العقيدة مهما كان الثمن، ولذلك رجع ليعلم الكون كله أنه لن يكون إلا ما قدره الله.

فكان الغلام يريد أن يرجع إلى الملك؛ لأنه حريص على هداية الأمة .. وهذا هو شأن الدعاة المخلصين الذين يتحملون كل أنواع الأذى والبلاء من أجل أن تحيا الأمة في ظلال التوحيد والإيمان.

ولك أن تتصور كم كانت دهشة الملك وهو يرى الغلام الصغير حيا يمشي إليه، وقد ذهب الجنود الأشداء الأوفياء لملكهم إلى غير رجعة !!

فيسأل الغلام متعجبا: ما فعل أصحابك ؟! فيقول الغلام:
كفانيهم الله تعالى. فلم يخبره بما جرى.

ولم يعلق بكلمة واحدة على تلك الكرامة التي أكرمه الله بها ولكنه اكتفى بأن يذكر للملك بأن الله هو الذي كفاه شر هؤلاء الرجال، فهو وحده الله الذي يستحق أن نتوكل عليه وليس أنت أيها الملك الضيعف الذليل.

المحاولة الثانية لقتل الغلام في البحر

فأرسله الملك مع نفر من أصحابه، فقال لهم : اذهبوا به في سفينة صغيرة وتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهما السفينة فغرقوا، ورجع يمشي إلى الملك فقال: ما فعل أصحابك ؟ قال :
كفانيهم الله تعالى.

وهنا لجأ الملك إلى حيلة أخرى لقتل الغلام .. ولكنه اختار أيضا طريقة تجعل الغلام يفكر مرة أخرى.

وكأن الملك حتى تلك اللحظة لم يعرف أن الغلام لو عرض على القتل كل يوم مائة مرة، فلن يرجع عن دينه أبدا.

فأمر الملك زبانيته أن يأخذوا الغلام إلى البحر ويهددوه بالرجوع عن دينه أو أن يقذفوا به في وسط البحر .. فأبى الغلام.

وبنفس الثقة في الله والتوكل على الله لجأ الـغــلام إلى الحق جل وعلا وقال: ((اللهم اكفنيهم بما شئت)) فما كان من أمواج البحر إلا أن تفاعلت مع تلك الكلمة - بأمر الله - ﴿ وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ 
[ المدثر : ٣١].

فانكفأت السفينة وغرقوا جميعا - وهم الرجال الأشداء الأقوياء - وحملت مياه البحر هذا الغلام الصغير ليصل إلى الشاطئ سالما غانما .. ومع ذلك لم يفكر أبدا في الهروب بل عاد إلى الملك ليعطي الكون كله درسا في الثبات على الدين والإصرار على

انتصار الإيمان والعقيدة.

فتعجب الملك .. كيف يعود الغلام هذه المرة أيضا سالما.

وكان الملك يظن أن رب الغلام الذي نجاه من على الجبل لن يستطيع أن ينجيه من البحر .. فسأل الملك الغلام: «ما فعل أصحابك؟».

قال الغلام بثقة ويقين: «كفانيهم الله».

الغلام يخبر الملك بكيفية قتله

ثم تحول الغلام من مأمور إلى آمر .. فقام يأمر الملك، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به.

قال الملك : وما هو ؟

قال الغلام: تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: ((بسم الله رب الغلام، ثم ارمني؛ فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني)).

لقد أحس الملك : بعجزه الشديد وأنه لا يستطيع أن يقتل هذا الغلام الصغير ولا حتى أن يكون سببا في هروب الغلام وخروجه مملكته؛ ليحفظ الملك ماء وجهه أمام رعيته الذين علموا بعجزه عن قتل غلام صغير مع أنه يدعى أنه إله من دون الله عز وجل.

وهنا يتحول الغلام الصغير من مأمور إلى آمر .. يقوم الغلام ليأمر الملك ويقول له: ((إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك له)).

الله أكبر !! يا لها من كرامة ... أن يتحول الغلام من مأمور إلى آمر بل ويخبر الملك بعجزه وضعفه عن قتله حتى يفعل الأمر الذي يوجهه الغلام إليه.

ولما كان الملك قد أحس بأن وجود هذا الغلام أصبح خطرا على ملكه قال له بلهفة وشوق: ((وما هو ؟)) أي ما هو الأمر الذي يجعلني أستطيع أن أقتلك.

فقال له الغلام الذكي : ((تجمع الناس في صعيد واحد)) وذلك ليرى الناس جميعا هذا المشهد ويعلموا الحقيقة كلها ويعرفوا أنه لاشيء يحدث في الكون كله إلا بأمر من الله عز وجل.

وقول الغلام للملك: : ((ثم تصلبني على جذع)) ليظهر للجميع الظلم الواقع على الغلام بدون جريمة ارتكبها إلا أن يقول ربي الله، وهذا بالتأكيد من أسباب ميل الناس إليه وتعاطفهم معه ومع دعوته؛ فقد فطر الله العباد على كراهية الظالم وعداوته والميل إلى المظلوم ومناصرته.

فإذا أضيف إلى ذلك أنهم يعلمون عن المظلوم حبه للخير وحرصه على الإحسان إلى الناس، وجربوه من قبل في قضاء حوائجهم، وكونه كان دائما مستشعرا لمشاكلهم ومداويا لأمراضهم - بإذن الله - في حين غابت مشاكلهم عن الملك وحاشيته .. فلا شك أن هذه الأمور مجتمعة تجعل هذا الجمع كله يعلم الظلم الواقع على الغلام وعندما يتساءلون ما جريمته ؟ يقال: لا شيء إلا أنه يقول ربي الله.

فهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله حريصين على ألا يكون لهم تهمة إلا أن يقولوا: ربنا الله، مع إحسانهم إلى الناس ... وعليهم ألا يحزنوا من الظلم الواقع عليهم، فإنه قدره الله لحكم عظيمة لانتشار دينه وقبول الناس له، كما أنه سرعان ما يزول، فيكون لهم الأجر الجزيل عند ربهم.

وقول الغلام للملك: ((ثم خذ سهما من كنانتي)) مزيد من إظهار عجز الملك وأنه ليس بيده الأمر، فلو أخذ سهما من كنانة الملك لم يقتل الغلام حتى يأخذه من كنانة الغلام؛ ليعلم الناس أن الأمر أمر رب الغلام، وأن قتل الغلام كان بإرادته لا إرادة الملك.

وفي أمره للملك أن يقول: ((بسم الله رب الغلام)) إعلان بالعجز التام والافتقار القهري الاضطراري إلى الله سبحانه .

فإن قيل : ألم يكن الغلام يعلم باحتمال أن يقتل الملك الناس لو آمنوا؟ ... بل يغلب على ظنه ذلك، وهو يعلم عجز الناس عن الدفاع عن أنفسهم، فهو بالتالي قد ألزمهم الصبر على القتل خلافا لما ذكرت؟

فالجواب: أن الموازنة هنا بين البقاء على الكفر مع الحياة أو الدخول في الإسلام مع القتل، ولا شك أن الدين مقدم على النفس.

الغلام يموت لتحيا قلوب الأمة على التوحيد

فقام الملك وجمع الناس في صعيد واحــد، وصلبة على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال:

بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده على صدغه فمات فقال الناس: ((آمنا بالله رب الغلام)).

فعل الملك ما أمره به الغلام .. وكان هذا الملك في غاية الغباء لأنه لو ترك الغلام يدعو الأمة إلى توحيد الله لما آمن معه إلا القليل ولكنه لما قتل الغلام؛ آمنت الأمة كلها وقاموا جميعا على قلب رجل واحد فقالوا: آمنا بالله رب الغلام

ورحل الغلام الشهيد عن دنيا الناس عزيزا كريما . .. هو الذي صدق الله فصدقه الله ... وآمنت الأمة كلها لتأتي يوم القيامة في ميزان حسنات الغلام ومن قبله الراهب الذي علم الغلام التوحيد الله جل وعلا ... وقتل قبل أن يرى ثمرة دعوته .. وهذا أمر يحفز الدعاة على بذل وسعهم في الدعوة وإن لم يروا ثمرة دعوتهم في حياتهم، فقد تأتي الثمرة بعد موت الداعية.

الملك يأمر بإلقاء المؤمنين في النار

((فجاء حاشية الملك فقالوا له: أرأيت ما كنت تحذر ؟! قد والله نزل بك ما كنت تحذر ... قد والله آمن الناس، فأمر بالأخاديد «الحفر» بأفواه السكك فخدت «أي حفرت»، وأضرم فيها النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، ففعلوا ... حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ((أي ترددت و همت أن ترجع))، يا أمه! اصبري، فإنك على الحق)).

نعم .. لقد قامت البطانة السيئة لتخبر الملك بأن الأمة قد آمنت بالله عز وجل، فما كان من الملك - الذي لا يملك الحجة ولا الإقناع - إلا أن لجأ إلى البطش والعنف، فأمر زبانيته أن يحفروا الأخاديد في أفواه السكك حتى لا يترك مكانا يستطيع الناس أن يهربوا منه .

وجيء بالموحدين الذين ذاقوا حلاوة الإيمان منذ ساعات معدودات وخيروهم بين الكفر وبين دخول نار الدنيا، فاختاروا جميعا أن يموتوا على التوحيد والإيمان وأن يدخلوا نار الدنيا على أن يكفروا بالله عز وجل ويدخلوا نار الآخرة التي هي أشد من نار الدنيا سبعين مرة.

المشهد الأخير

ويأتي هذا المشهد الأخير المؤثر.

قال صلى الله عليه وسلم : ((حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق)).

ويا له من مشهد مهيب أن ينطق الله هذا الطفل الصغير، ليربط على قلب أمه ولتعلم يقينا أنها على الحق.

وهكذا رحل هؤلاء الشهداء الأبرار عن دنيا الناس؛ ليسعدوا بالنعيم المقيم في جنة الرحمن جل وعلا.

ولقد ذكر الله قصتهم في سورة البروج، فقال تعالى:
 ﴿ قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ.ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلۡوَقُودِ.إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ . وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ.وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ . ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ.إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ  [ البروج : ٤ - ١٠ ] .

أولئك هم أصحاب الأخدود الذين ذكرهم الله في كتابه وذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.

لم ينتقموا منهم ويحرقوهم إلا لأنهم آمنوا بالله ... وهذه هي سنة الله في خلقه المؤمنين الموحدين.

ولا تزال الحرب بين الإيمان وأهله والكفر وأهله حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

نسأل الله أن يثبتنا على ديننا حتى نلقي نبينا صلى الله عليه وسلم على حوضه يوم القيامة .... إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الدروس المستفادة

  • حرص أهل الشر على استمرار شرهم من بعدهم، كما حرص الساحر على تعليم من يرث علمه الفاسد، ليبقى هذا العلم حيا يضل به عباد الله .
  • أن السحر من كبائر الذنوب ... ومن أهل العلم من ذهب إلى أن السحر كفرٌ ؛ لأن السحر لا يتم إلا مع الكفر وتعظيم الشيطان. قال تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ﴾[البقرة : ١٠٢]
  • اختار الملك الغلام ليكون الساحر الذي يثبت دعائم ملكه، وأراد الله له أن يكون الداعية الصالح الذي يدمر ملكه، ويهدي الناس إلى الدين الحق، وفي ذلك آية للمعتبرين ... فالله يهيئ لدينه رجالا.
  • و الإيمان لا يحتاج إلى وقت طويل كي يستقر في القلوب، ويحيى النفوس، فالقوم الذين رضوا بعذاب النار لم يكن مضى على إيمانهم ساعات قليلة ... ومثل هؤلاء سحرة فرعون آمنوا، فلم يردعهم جبروت فرعون وعذابه عن الإيمان.
  • قد يجرى الله على يد بعض أوليائه كرامات يؤيده بها، ويثبت بها إيمانه ويقينه ... فالغلام لم يكن نبيا، وقد استجاب الله له في قتل الدابة، وأجرى على يديه إبراء الأكمه والأبرص، ومداواة المرضى، واستجاب دعاءه في تخليصه من القتل، والقضاء على أعوان الملك الذين أمرهم بقتله.
  • التضحية بالنفس في سبيل الله ليست من الانتحار في شيء، فالغــلام دل الملك على الطريقة التي يقتله بها ... والمؤمنون كان بعضهم يلقى في النار، وآخرون يقتحمونها، ولم يكن اقتحامهم لها انتحارا، بل كان فيه إغاظة للظالمين، وإرضاء الله رب العالمين.
  • شدة عداء أهل الكفر لأهل الإيمان ... فقد نشر أعوان الملك الراهب وجليس الملك بالمنشار، وأحرقوا الناس بالنيران.
  • حفظ الله لأوليائه، وإذلاله لأعدائه، فقد حفظ الغلام من القتل، واستجاب دعاءه، فأهلك من أرادوا به سوءا.
  • وجوب الصبر على الأذى في الله ، كما صبر الراهب وجليس الملك والغلام، وكما صبر المؤمنون على الحرق بالنار.
  • جواز الكذب في الحرب ونحوها، فقد أرشد الراهب الغلام إلى أن يدعى أن الكاهن حبسه إذا سأله أهله ، وأن أهله حبسوه إذا سأله الكاهن.
  • قد يضعف رجل العقيدة عن احتمال الأذى، وقد يبوح بأسرار لا يجوز له البوح بها من شدة العذاب ... فجليس الملك الذي رد الله عليـه بـصـره دل على الغلام تحت وطأة العذاب والغلام دل على الراهب لما ناله من العذاب، ومع ذلك فلم ينقص اعترافهما من مكانتهما، ولكنهما احتملا العذاب الذي أدى بهما إلى الموت عندما طلب منهما التنازل عن عقيدتهما، والكفر بالله.
  • قد يكون التلميذ أفضل من شيخه ... فقد حقق الغلام ما لم يستطع الراهب ،تحقيقه، ويبقى للراهب فضل هداية الغلام.
  • التضحية بالنفس في سبيل نشر الدعوة، حيث دل الغلام الملك على الطريقة التي يتمكن الغلام بها من إقناع الناس بالإيمان بالله، ولو كان الوصول لذلك على حياته هو.
تعليقات