قصص الأنبياء للأطفال قصة داود عليه السلام

قصص الأنبياء للأطفال قصة داود عليه السلام

 

قصص الأنبياء للأطفال قصة داود عليه السلام

قصص الأنبياء للأطفال قصة داود عليه السلام

نتابع اليوم قصص الأنبياء للأطفال وقصة اليوم عن نبي الله داود عليه السلام، أرجو أن تنال إعجابكم ونتعلم منها الحكمة والعلم.

ولد داود بن بي بقرية بيت لحم قبل ميلاد المسيح بنحو ألف وتسعين عاما، وكان في شبابه يرعى الغنم لأبيه، وكان بطلا يضرب به المثل في الشجاعة والإقدام، وكانت له معرفة عظيمة برمي المقلاع.

وقد أتاه الله الملك بعد موت طالوت، فانتقل إلى أورشليم، واستقر بها ملكا على بني إسرائيل جميعا، وعلمه الله كثيرا من علوم الدين والدنيا.

فساد قومه بعلمه وحكمته، وجمعهم رأية واحدة، وأرسله الله نبيا مرسلا بعد أن بلغ الأربعين، وأنزل عليه الزبور وهو كتاب ملئ بالعظات والعبر، ورزقه الله صونا حسنا، فكان إذا سبح رجعت الجبال تسبيحه والطير كذلك، واخضع الله له الجبابرة ودان له أهل البلاد فاتمروا بأمره، وعظموه في أنفسهم، وبالغوا في إجلاله ومهابته، وانتشر العدل والسلام في عصره، وعم الخير، وعاش قومه في رخاء ورغد من العيش . 

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضۡلاۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُۥ وَٱلطَّيۡرَۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ  . أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰت وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِير) (سورة سبأ، الآيتان، 10 - 11) 

فكان يصنع الدروع للمحاربين، ويجمع من وراء صناعتها أموالا كثيرة حتى صار من أكثر قومه مالا، والآن له الحديد حتى صار كالعجين في يديه، وأمره أن يقدر في السرد بمعنى أن يحكم تقدير أماكن المسامير فيخرق للمسمار بقدر لظه، فيدخله في مكانه من غير عناء في إدخاله، وهي معجزة خارقة للعادة أجراها الله على يديه، ولم تكن لأحد من قبله ولا لأحد من بعده.

بالإضافة إلى تسبيح الجبال معه والطير، فإنه كان إذا سبح سمع الناس الجبال ترجع معه التسبيح وكأنها تسمع تتكلم، وبهذه المعجزات ثبت نبوته وبالنبوة قوي ملكه، وعظم في بني إسرائيل شأنه، فأحبوه وهابوه وأطاعوه كما قال تعالى: ﴿ وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ) (سورة ص، الآية: (20)، أي قوينا ملكه بكثرة الجنود، السلاح، وإلقاء المهابة في قلوب الأعداء، وبمنحه القدرة العجيبة على سياسة الناس، وتدبير شؤون الملك كأحسن ما يكون التدبير وقد أتاه الله الحكمة؛ فوضع كل شيء في موضعه، وأقام الحجة على كل من كفر به أو سولت له نفسه بالخروج عن أمره، وأتاه فصاحة في اللسان، فكان يحسم كل قضية بالبراهين المقنعة والمواعظ المؤثرة، فساد العدل وانتشر السلام وعم الرخاء في ربوع البلاد كما ذكرنا، وكان حكمه وحكم ولده سليمان هو الفترة اللعبية في تاريخ اليهود كله، وقد استمر ملكه أربعين سنة، ثم جاء بعده سليمان فحكم أربعين سنة .

فتنه داود عليه السلام 

ويذكر القرآن الكريم أن داود قد تعرض لفتنة فاستغفر الله منها، وعزم عزما مؤكد ألا يقع في مثلها بتوفيق الله تعالى ومشيته، وخر لربه ساجدا توبة وإنابة، فتاب الله عليه، وغفر له. 

اختصم رجلان من الرعاة في نعجة كانت لأحدهما لا يملك سواها، والآخر كان يملك تسعا وتسعين نعجة، فطلب منه نعجته الوحيدة وضيق عليه الخناق، فلم يجد خلاصا من هذا الإحراج إلا أن يشكوه إلى هذا الملك المتواضع وهو نبي مرسل، ولعله يجد عنده حكما عدلا في هذه القضية على بساطتها، وجاء هذان الرجلان ومع كل منهما رجال من عشيرته إلى مقر الحكم، فلم يجدوا داود عليه السلام، فسولت لهم أنفسهم أن يقتحموا عليه محرابه . 

فلما دخلوا عليه فزع منهم لأنهم دخلوا عليه من حيث لا يشعر، ومن غير استنان، فقالوا له: لا تخف نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فجناك لتحكم بيننا بالحق، ولكي تهدينا إلى الصراط السوي من أمور الدين والدنيا .

وأخذ المدعي في عرض القضية فقال: إن هذا أخ له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة لا أملك سواها فطلبها مني ! وأنا أرحم أن أضم إليها أخرى وهو لا يريد أن يعطيني فرصة لتنمية مالي .. ويريد أن ينحيني عن المرعى فجئناك لتحكم بيننا بحكم الله تعالى 

واستمع داود لقول المدعي، وما إن استمع داود لقول المدعي حتى حكم بقوله لقد ظلمك وقيل إن فتته كانت بسرعة في إصدار الحكم قبل أن يسمع كلام المدعى عليه ثم أحس بخطئه هذا فتاب واستغفر .

فلما خرج الخصمان من عنده فكر في شأنه وشغله أمرهم ورأى أنه كان مخطئا في عزل نفسه في المحراب مدة تساوي المدة التي يقضيها في ديوان القضاء والناس في حاجة إليه، والعبادة ليست في المحاريب فحسب، ولكنها في العمل وتدبير شؤون الملك وتعليم الناس، وقدر في نفسه أن هذين الخصمين لو أدركهما الحرس لقتلهما فيكون قتلهما، وإنه لولا اعتزاله ما اضطرا إلى تسور المحراب عليه .

فكان من الأولى أن يجعل للناس وقتا كافيا لقضاء حوائجهم وكل راع مسؤول عن رعيته، فبادر إلى الاستغفار والتوبة من ذلك الاجتهاد الذي أدى إلى هذا الخطأ فأنزله عن رتبة من له أجران إلى رتبة من له أجر واحد .

وقد اجتهد في تقسيم أرقاته فجعل للناس وقتا ولزوجاته وقتا ولعبادته وقتا وجعل الأوقات الثلاثة متساوية، وفاته أنه خليفة في الأرض وأن الخلافة تتطلب وقتا أكبر، ففطن إلى المقصود وعاد إلى ما هو أولي .

ولهذا خاطبه الله بقوله : (يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ) (سورة ص، الآية: 26) .. 

حكمه في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم: 

يذكر القرآن الكريم قضية أخرى حكم فيها داود عليه السلام بالعدل وفق اجتهاده، ولكن ولده سليمان قد رأى في القضية رأيا آخر هو أحسن منه، وحكم بحكم هو أرفق من حكمه، فأثنى الله عليه واستحسن حكم سليمان وارتضاه، وهو الذي من به عليه وفهمه إياه. 

وخلاصة القصة أن رجلين دخلا على داود عليه السلام أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فشكا صاحب الحرث صاحب الغنم وقال في شكواه : إن غنم هذا قد انطلقت ليلا ترعى في حرثي فأفسدته فاحكم بيننا، فحكم داود لصاحب الحرث بالغنم تعويضا له عما أصاب حرثه، وعقوبة لصاحب الغنم الذي أهمل وتركها ترعى في زرع الناس، وهذا هو العدل في أسمى صوره، وخرج صاحب الغنم مهموما كاسف البال لا يدري ماذا يفعل، وقد فقد ماله الذي لا يملك سواه، وأضحى عاطلا عن العمل وربما لا يجيد إلا الرعي، فلقيهما سليمان لم كان يعرف أمرهما قبل دخولهما على أبيه فسألهما عن الحكم الذي حكم به فأخبراه، فقال لهما أدخلا عليه مرة أخرى، فدخلا عليه ودخل معهما ،سليمان عليه السلام فلما مثل بين يديه قال: يا أبت حكمك حسن، ولكن عندي ما هو أحسن منه إن شاء الله تعالى، فحكمك أقرب إلى العدل وحكمي الذي أعرضه عليك هو في نظري أقرب إلى الأفضل وأرفق بصاحب الغنم، فقال داود السلام : اعرضه علي، فقال سليمان عليه السلام: أرى أن يأخذ صاحب الحرث الغنم فيرعاها لصاحبها وينتفع بألبانها وأصوافها، ويأخذ صاحب الغنم الأرض فيدرها لصاحبها ويتولى شؤونها، فإذا صار الزرع كما كان سلمه لصاحبه وأخذ غنمه، فارتضى داود عليه السلام هذا الحكم وأقره.

ومن نظر في هذه القضية التي حكاها القرآن لا يجد ما قاله المفسرون في هذه القضية بهذا التفصيل، ولكنه لا يتنافي مع مفهوم الآية بوجه عام وفي القصة من اللطائف والآداب ما يضيق المقام عن ذكره هنا منها : 

أن للأنبياء أن يجتهدوا في إصدار الأحكام إذا لم ينزل فيها وحي، وأن اجتهادهم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، ولا يؤدي إلى ظلم، ولا يقع متنافيا مع مبادئ الدين ومثله العليا وأنهم مأجورون في الثواب والخطأ، وأن خطاهم ليس من باب الخطيئة، ولكنه من باب خلاف الرأي. 

ومنها أن الحاكم إذا رأي حكما أحسن من حكمه قضى به، وإذا رأي واحدا من الناس رأيا أحسن من رأيه أخذ به مهما كان شأ هذا الحاكم، فالحق أحق أن يتبع، والأمر شورى بين المسلمين، كما هو مقرر في جميع الشرائع السماوية.


تعليقات