قصص الانبياء للاطفال قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
نقدم لكم بمناسبة شهر رمضان قصص الانبياء للاطفال وقصة اليوم عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -
كان أهل بابل وأهل الجزيرة العربية وأهل الشام يعبدون الأصنام والكواكب ، ونشأ إبراهيم - عليه السلام - في تلك الفترة ، وآتاه الله رشده واختاره ليكون رسولا نبيا .
وبدأ نبي الله إبراهيم - عليه السلام - يدعو قومه العبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام والكواكب ، وحاول - عليه السلام - أولا مع عبدة الكواكب ، وبدأ يقيم عليهم الحجة بالطريقة التي يفكرون بها ، ولكنه نزل في التفكير إلى عقولهم وتفكيرهم حتى يصل معهم إلى الحق ، ويثبت لهم أن هذا الكون له إله واحد وخالق ، فنظر إبراهيم – عليه السلام - إلى السماء فرأى كوكبا يلمع في السماء ، فقال : هذا ربي ، وبعد فترة اختفى هذا الكوكب ، فقال : هذا ليس بإله ، ثم رأى القمر أضاء الليل وهو أكبر من الكواكب وأكثر نورا ، فقال : هذا ربي ، وبعد فترة غاب القمر ؟ ثم ظهرت الشمس في الشروق فقال إبراهيم - عليه السلام - : هذا ربي ، هذا أكبر من القمر والكوكب نفعا وضوءا ، وفي هذا استدراج لهم حتى يسمعوا حجته ، ثم غربت الشمس واختفت وحل الليل .
وهنا أعلن إبراهيم إلى عبدة الكواكب أن الله هو الذي خلق الشمس والقمر والسماوات والأرض ، وأنه سبحانه هو المستحق وحده للعبادة ، وأنه أكبر من كل شيء ، هو لا يزول ولا يغيب ولا ينام ، كما يزول القمر وتغيب الشمس وتنام المخلوقات ، فجادله قومه عبدة النجوم والكواكب حتى يرجع عن كلامه ، فقال لهم : قد هداني الله إلى الحق وما عليكم إلا أن تتبعوا الحق كما اتبعته أنا .
تحطيم الأصنام
وفي يوم من الأيام ذهب إبراهيم - عليه السلام - إلى قومه الذين يعبدون الأصنام من دون الله ، وقال لهم ناصحا :
- ما هذه التماثيل التي تعبدون ؟
- قالوا : هذه الهتنا وآلهة آبائنا .
فسألهم هل هذه الآلهة تسمع وتنفع وتضر ؟
قالوا له : إنها الهتنا .
قال لهم : فإنهم عدو لي إلا رب العالمين فهو وليي في الدنيا والآخرة ، وهو الذي خلقني فهو يهديني إلى خيري الدنيا والآخرة ، والذي هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي يميتني ثم يحيين ، والذي أطمع أن يغفر لي ذنبي ويمحو خطيئتي يوم الدين والحساب .
قالوا : هذه الهتنا سنظل لها عابدين ، فتوعدهم إبراهيم عليه السلام - بتكسير هذه الأصنام بعد أن ينصرفوا بعيدا عنها .
خرج أهل بابل إلى العيد الأكبر الذي يخرجون فيه إلى أطراف المدينة ، بعد أن قالوا لإبراهيم : اخرج معنا ، فقال لهم بعد أن نظر في النجوم : إني سقيم - أي مريض - .
وأصبحت المدينة خالية من الناس ، فتسلل إبراهيم - عليه السلام - إلى المعبد الذي فيه الأصنام ، وأخذ الفأس وكسر كل الأصنام وترك الصنم الكبير ، ثم علق الفأس على رقبته ، وعاد الناس من العيد ودخلوا المعبد فوجدوا الآلهة محطمة ومكسرة والفأس على رقبة كبير الآلهة التي يعبدونها.
فصاح رجل منهم وقال : من فعل هذا بالهتنا ، إنه لمن الظالمين المتجاوزين الحد في عملهم ، فتذكروا إبراهيم عندما توعد بتكسير الأصنام ، فجاءوا به وقالوا له : أأنت فعلت هذا بالهتنا يا إبراهيم ؟
قال : بل فعله كبيرهم هذا - وأشار إلى الصنم - فاسألوهم إن كانوا ينطقون .
فرجعوا إلى الآلهة فوجدوها لا تتكلم ولا تنطق ، ولا تأكل ولا تشرب ، فلم يؤمنوا وكذبوا إبراهيم - عليه السلام - .
إبراهيم يقذف في النار الباردة
لما كسر نبي الله إبراهيم الأصنام ، وبين لقومه أن هذه الأصنام لا تضر ولا تنفع كذبوه وأصروا على كفرهم ، وقرروا التخلص منه برميه وحرقه في النار ؛ ليكون هلاكــه على أفظع صورة وأقبح شكل ، وليكون لهم النصر ولآلهتهم الفوز .
قالوا : ابنوا له بنيانا وألقوه في الجحيم .
وقالوا : حرقوه وانصروا الهتكم إن كنتم فاعلين . فجمعوا له حطبا عظيمة ، وأشعلوا عليها النيران ، حتى أصبحت تذيب الحديد ، ثم جاءوا بإبراهيم ، وأوثقوه بالحبال ، وألقوه في النار فقال : حسبي الله ونعم الوكيل .
فأوحى الله تعالى إلى النار فقال لها : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ، فلم يشعر إبراهيم بشيء يؤلمه ، بل ظل يسبح الله ويحمده حتى خبت النار ، وانطفأت النار العظيمة وخرج إبراهيم منها سليما ، فلم يحترق منه سوى الحبال التي ربطوه بها ، وقال أبوه الذي كان يصنع الأصنام ويتعبد لها : نعم الإله إلهك يا إبراهيم ، ولم يؤمن مع إبراهيم إلا سارة بنت عمه وزوجته ، وابن أخيه لوط .
إبراهيم - عليه السلام - والنمرود
كان ( النمرود ) ملكا كافرا وظالما أعطاه الله الملك فلم يحسن الشكر ، وقد رأى النار التي صارت بردا وسلاما على إبراهيم ، فتعجب من ذلك الأمر ، وكان النمرود يدعى أنه رب وأنه يخلق ، وأنه يحيي ويميت ويملك الضر والنفع ، فذهب إليه إبراهيم - عليه السلام - ليدعوه إلى عبادة الله وحده ، والإيمان بدين ورسالة الله - عز وجل - .
فقال ( النمرود ) : من ربك يا إبراهيم ؟
قال : ربي الذي يحيي ويميت ، أي : ينشئ الحياة والموت .
قال ( النمرود ) : أنا أحيي وأميت .
وجاء ( النمرود ) برجلين قد حكم عليهما بالموت .
فقال : أقتل هذا ، وأعفو عن هذا .
فقال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها أنت أيها المغرور من المغرب إن كنت قادرا على ذلك ، فعجز ( النمرود ) عن ذلك ولم يتعرض لإبراهيم بسوء .
زواج إبراهيم - عليه السلام - من هاجر
خرج إبراهيم - عليه السلام - من بابل بالعراق إلى مصر ليدعو الناس إلى عبادة الله سبحانه ، وكانت معه زوجته سارة ، وكان ملك مصر رجلا ظالما إذا رأى امرأة جميلة حسناء طلبها لنفسه ، فأخبره الجواسيس بسارة ، فتعرض لها ، فكلما اقترب منها أصابه شلل في جسده ، فخاف منها خوفا شديدا ، فأعطاها هدايا كثيرة ، وأعطاها جارية وهي هاجر .
عاد إبراهيم - عليه السلام - إلى الشام ومعه زوجته سارة ، وكانت في ذلك الوقت لم تنجب له ، فأهدته هاجر ليتزوجها وينجب منها ذرية تعمر الأرض ، وسرعان ما حملت هاجر وأنجبت غلاما جميلا هو نبي الله ( إسماعيل ) - عليه السلام - .
البشارة بإسحاق - عليه السلام -
ذات يوم جاء إلى إبراهيم - عليه السلام - مجموعة من الرجال يلبسون أحسن الثياب ، ومنظرهم حسن وجميل ، وكانوا ملائكة أرسلهم الله لنبي الله إبراهيم - عليه السلام - ، فجاء إليهم بعجل سمين ومشوى وقدمه إليهم ليأكلوا ، ولما رآهم لم يمدوا أيديهم تعجب وقال لهم : ألا تأكلون ؟ لماذا لم تأكلوا ؟ لكنهم لم يمدوا أيديهم للطعام ، فخاف منهم .
فقالوا : لا تخف إنا ملائكة الله أرسلنا إلى قوم لوط ، وكانت سارة تستمع إلى الكلام ، فقالت لها الملائكة : إنـا نبشرك بغلام عليم ، فتعجبت سارة ، وقالت : عجوز عقيم تلد ، وزوجي شيخ كبير ، إن هذا لشيء عجيب ، وقال إبراهيم : أبشر تموني على أن مسني الكبر فيم تبشرون ؟ فقالوا : بشرناك بالحق فلا تك من القانطين - أي : اليائسين - .
وحملت سارة وأنجبت إسحاق ، وفرح به إبراهيم عليه السلام - ، وقال : الحمد لله الذي استجاب الدعاء ، ووهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء الذي أدعو به ومجيب له ، وقد عودني ذلك .
بئر زمزم
لم تتحمل سارة وجود هاجر معها ، فطلبت من إبراهيم أن يأخذها بعيدا عنها .
فخرج إبراهيم بهاجر وإسماعيل إلى مكان ليس فيه زرع ولا ماء ولا بشر ولا أنيس ولا جليس ، فقالت له هاجر : يا إبراهيم تتركنا هنا في مكان لا طعام فيه ولا شراب ولا إنسان ؟
فلم يتكلم إبراهيم .
فقالت : هل أمرك الله بهذا ؟
قال : نعم ، قالت : إذن لن يضيعنا الله ، ثم مضى إبراهيم في طريقه إلى الشام ، ودعا الله تعالى ، فقال : ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع وهو واد بمكة عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة متوجهين إليه فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون .
نفد الماء والزاد الذي مع هاجر ، وعطش إسماعيل عليه السلام - ، وبدأ يبكي بكاء شديدا ، فذهبت هاجر بعيدا عن إسماعيل حتى لا ترى وليدها إسماعيل وهو يبكي من الجوع والعطش ، وجرت تبحث عن الماء ، وصعدت جبل الصفا وهو أقرب مكان إليها لعلها تجد قليلا من الماء لولدها الصغير ، ثم هر ولت بعد ذلك إلى جبل المروة وصعدت عليه تبحث أيضا عن الماء حتى تروى ولدها وتنقذه من الموت ، وإذا بالمعجزة تحدث ، الماء يتفجر من تحت رجل إسماعيل - عليه السلام - ، فجعلت هاجر تحوط الماء بيديها وهي تقول : زم .. زم ، وهي تخشى على الماء أن ينتهي ، وشربت وسقت ولدها إسماعيل .
ومرت قافلة على هذا المكان فرأت الطيور تطير وتحلق فوق هذا المكان ، فعلموا أن هناك ماء ، فاستأذنوا من هاجر أن يسكنوا في هذا المكان ، وسكنت هذه القبيلة وتلك القافلة مع هاجر ، وكبر إسماعيل بينهم وتعلم منهم اللغة العربية .
الفداء العظيم
وذات يوم ذهب نبي الله إبراهيم - عليه السلام - ليزور زوجته وولده إسماعيل ، والتقى إبراهيم بزوجته وولده إسماعيل بعد مرور فترة طويلة من الزمن ، ووجد إسماعيل قد كبر وأصبح في أحسن حال ، وسعد به سعادة غامرة ، ثم نام إبراهيم - عليه السلام - فرأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل الذي رزقه الله به على الكبر ، ورؤيا الأنبياء حق ووحي من الله لا ينكر ، فصدع إبراهيم لأمر ربه ، ونادى إبراهيم ولده إسماعيل وعرض عليه الأمر فقال له : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ، وهنا تبرز معاني الإيمان الصادق ، والاستسلام الحق والصبر على البلاء ، والرضا بالقضاء والقدر ، قال إسماعيل عليه السلام - : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، وكانت الاستجابة لأمر الله من الأب والابن ، فلما أسلما أمرهما الله وخضعا له ، وانقادا لأمره ، وجاء إبراهيم - عليه السلام - بالسكين التي سيقطع بها حبة قلبه ، وفلذة فؤاده ، ونام إسماعيل وقد سلم أمره الله عز وجل - ، إذا بالنداء المبارك : يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزي المحسنين ، إن هذا لهو البلاء المبين . فالتفت إبراهيم فوجد كبشا أبيض أقرن ، قد أرسل الله به فداء لإسماعيل - عليه السلام - ، وفرح إبراهيم فرحا شديدا ، وفرحت أم إسماعيل هاجر - عليها السلام -.
بناء الكعبة المشرفة
أوحى الله إلى إبراهيم : أن ابن لي بيتا ، فذهب إبراهيم إلى ولده إسماعيل - عليهما السلام - وقال له : إن الله عهد إلينا أن نبني له بيتا فوق هذا التل ، وكانت الكعبة قد ضاعت معالمها وأصبح مكان الكعبة تل أحمر ، فذهب إبراهيم وإسماعيل إلى مكان البيت وجعلا يبنيان ويبتهلان إلى الله ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع لكل دعاء ، العليم بكل قصد ونية ، ربنا واجعلنا منقادين لك ومخلصين ، ومن ذريتنا جماعة مسلمة منقادة لك وأرنا مناسكنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، ربنا وأرسل في ذريتنا رسولا منهم يتلو عليهم آيات دينك ، ويعلمهم القرآن وما به يكمل الدين ، ويطهرهم من دنس الشرك ، إنك أنت العزيز الذي لا يغلب الحكيم في كل صنع .
وأراد إبراهيم أن يجعل علامة للناس يبدأون الطواف منها ، ويختمون بها .
فقال لإسماعيل - عليه السلام - : يا بني أحضر لي حجرا حسنا أضعه هنا ، وتأخر إسماعيل وعاد ليجد إبراهيم قد أنزل له حجر من السماء هو الحجر الأسود ، ثم فرغ نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل من بناء البيت .
فقال الله له : أذن في الناس بالحج ، قال إبراهيم : كيف أؤذن في الناس وصوتي لا يسمعهم .
قال الله له : عليك الأذان ، وعلى البلاغ .
فأذن إبراهيم في الناس : إن الله جعل له بيتا وكتب عليكم الحج إليه فأجيبوه ، فأسمع الله كل شيء الإنس والجن والحجر والشجر ، حتى أسمع الذرية التي في بطون النساء وأصلاب الرجال ، فجاء الناس من كــل فـج عـمـيــق يطوفون بهذا البيت الحرام ، وحتى يومنا هذا لا ينقطع الطواف حول هذا البيت العظيم لا في الليل ولا في النهار ، مرت الأيام بعد بناء هذا البيت ، وتكاثرت ذرية نبي الله إسماعيل جيلا بعد جيل ، حتى بعث الله من ذريته رسول الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
فوائد القصة
(۱) طاعة الله والتضحية من أجل دينه من سنن المرسلين .
(۲) تربية الأبناء على السمع والطاعة لله مسئولية الآباء والأمهات .
(۳) الصبر مفتاح الفرج .
(٤) الله مع الذين آمنوا .
(٥) طاعة الوالدين طاعة الله .
(٦) الأم لها دور في تربية الأبناء .
(۷) الأسرة المسلمة تتعاون على طاعة الله .
(۸) الكرم صفة من صفات الأنبياء .
(۹) المعجزة من الله لا تكون إلا للأنبياء .