قصة موسى وهارون عليهما السلام مكتوبة للاطفال

قصة موسى وهارون عليهما السلام مكتوبة للاطفال

قصة موسى وهارون عليهما السلام مكتوبة للاطفال

قصة موسى وهارون عليهما السلام مكتوبة للاطفال

قصة موسى وهارون عليهما السلام

لما دخل يعقوب - عليه السلام - مصر هو وأولاده وأحفاده ، وأقاموا بها وأصبحوا يتحكمون في غالب ثروات البلاد ، وكان يعقوب - عليه السلام – قد لقبه الله بـ ( إسرائيل ) ، وبعد أن مات يعقوب ومات يوسف عليهما السلام - ، ومات إخوة يوسف ، وكثرت بعد ذلك ذرية إسرائيل وهو يعقوب - عليه السلام - وأصبحت ذريته تلقب ( ببني إسرائيل ) أي : أولاد وأحفاد النبي الصالح يعقوب - عليه السلام - ، خاف فرعون ملك مصر آنذاك - على ملكه وثرواته من بني إسرائيل ، فبدأ يستولى على أموالهم ويعذبهم ، وفي يوم من الأيام رأى فرعون في نومه أن نارا تخرج من الشام تحرق بيــوت المصريين وقصره ، ولا تحرق بيوت بني إسرائيل ، وجاء المنجمون ففسروا له هذه الرؤيا بأن غلاما سوف يولد في بني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه .

قتل أطفال بني إسرائيل

أصدر فرعون الأوامر لجنوده بقتل كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل ، وبدأ الجنود ينفذون الأوامر بذبح الأبناء التي تولد .

فقالوا الفرعون : لو قتلنا كل الأولاد فلن نجد بعد ذلك أحدا يعمل عندنا ويشتغل في حقولنا ، فأشاروا عليه أن يقتل الأطفال التي تولد في سنة ، ويترك الأطفال التي تولد في السنة التي تليها .

فولد هارون في السنة التي لا يقتل فيها أطفال ، ثم ولد موسی عليه السلام - في السنة التي بعدها وهي السنة التي يذبح فيها الأطفال ، فماذا تصنع أم موسى ، ورجال فرعون سيذبحون موسى كما ذبحوا من قبله أولادا كثيرين .

إلقاء موسى في النهر بوحي من الله

أوحى الله إلى أم موسى وألهمها أن تصنع صندوقا وتضع فيه موسى وهو رضيع ، ثم تلقيه في النهر ولا تخاف عليه من الغرق ، ولا تحزن لفراقه ، فسوف يحفظه الله لها ، ويرده إليها كما وعدها ، وسوف يكون رسولا من عند الله ، ووعد الله لا يتخلف ، فوضعت أم موسى الصندوق في النهر وفيه موسى ، فحمله الماء وجرفه التيار إلى بيت فرعون ، فرأته زوجة فرعون فأخذته وأحبته ، وفرحت به ، وقالت لفرعون لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ، وعرضوا عليه المرضعات ، فرفض موسى أن يرضع من إحداهن ؛ لأن الله حرم عليه المراضع ، فقالت أخته وكانت تتتبع أخباره : هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم ويقومون بخدمته وإرضاعه والعناية به ، وهم له ناصحون .

عاد موسى لأمه ترضعه وتربيه وتتقاضى على ذلك أجرا ، وهي آمنة عليه ، وظل موسى في حجر أمه إلى أن بلغ سن الفطام ، فعاد إلى بيت فرعون وتربى فيه .

موسى يخرج من مصر خائفا

عاش موسى - عليه السلام - وتربى في بيت فرعون ، وكان يعرف الخدم ويعرفونه ، وكان بنو إسرائيل يعـرفــون قصة موسى ، وكانوا يحبونه ، وكبر موسى وأصبح شابا قويا ، وفي يوم من الأيام كان يمشي في المدينة فسمع صوت رجل يستغيث ويقول : أنجـدني يا موسى ، فنظر فإذا رجلان يتشاجران ، رجل مصري من مصري من رجال فرعون ، ورجل عبراني من بني إسرائيل ، فأسرع موسى ليخلص الرجل العبراني من ظلم المصري ، وكان موسى مغضبا فضرب الرجل القبطي ضربة فقتله ، ولم يعلم بذلك أحد إلا الرجل العبراني الذي نصره موسى ، ولما سكنت نفس موسى وهدأ غضبه ندم على ما فعل وقال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مبين ، إذ كان الأولى أن تكون النصرة بغير الضرب المفضى إلى الموت ، وحزن حزنا شديدا وقال : رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ، فغفر له وتقبل منه توبته النصوح ، إنه هو الغفور الرحيم ، وأصبح موسى يسير في المدينة خائفا من الجواسيس أن يخبروا فرعون ، وفي يوم آخر وجد موسى نفس الرجل يتشاجر ويقول : أنجدني يا موسى ، فاقترب منه موسي ، فخاف من موسى وقال له : أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ؟ فسمع القبطي الذي كان يتشاجر مع العبراني الذي هو من بني إسرائيل هذه الكلمة ، فانطلق إلى فرعون وأخبره أن الذي قتل الرجل المصري هو موسى ، فأصدر فرعون الأوامر والحكم بقتل موسى ، وجاء رجل مؤمن من الذين يحبون موسى سمع كلام فرعون ، فذهب إلى موسى وقال له : إن فرعون يريد أن يقتلك فاخرج من مصر إني لك من الناصحين ، فأسرع موسى هاربا من مصر حتى لا يقتله فرعون ، وفي وسط هذه المحنة الشديدة قال رب نجني من القوم الظالمين ، فنجاه الله وتوجه إلى مدين .

موسى يذهب إلى بلاد مدين

خرج موسى من مصر لا يدري أين يذهب ، فتوكل على الله وطلب النجاة والعون منه سبحانه ، فهداه الله أن يذهب إلى بلاد مدين ، وقد وجد في هذا السفر التعب والعناء والمشقة ، فكان يأكل من ورق الشجر وحشيش الأرض ، حتى وجد نفسه أمام بئر يقف عليه ناس كثيرون يريدون أن يملأوا ماء من هذا البئر ليسقوا أغنامهم وماشيتهم ، ووجد موسى امرأتين تقفان بعيدا عن البئر حتى يسقى الناس بهائمهم ويأخذوا ما يكفيهم من الماء ، ثم يأخذوا الماء بعد الرجال ، ولكن موسى لم يعجبه أن يبتعد النسوة عن الماء لضعفهن ، ويتقدم الرجال لقوتهم ، وهو الذي ثار على الظلم ، ولم يعجبه جبروت فرعون وطغيانه .

فسأل المرأتين عن شأنهما ، ولماذا يحبسان ماشيتهما عن ورود الماء ؟

قالتا : لا نسقي حتى يسقي هؤلاء الرعاة ماشيتهم ، فهم أولو قوة ، ونحن ضعيفتان كما ترى ، وأبونا شيخ كبير مسن لا يقوى على العمل ، فنحن نرعى الغنم بدلا منه ، فثار موسى ، وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة ، ونظر إلى البئر فوجد الرعاة قد وضعوا عليه حجرا كبيرا لا يقدر على رفعه إلا عدد كبير من الرجال ، فرفع موسى عليه السلام - هذا الحجر ، وسقى لهما ، وأعاد الحجر إلى مكانه مرة ثانية ، وعاد إلى ظل شجرة ليستريح من وعثاء الطريق ومشقته ، وكان موسى دائم الصلة بربه ، يذكره ويتضرع إليه ولا ينساه أبدا ، وبخاصة في هذا الوقت الشديد ، فقال : يا رب أعطني من فضلك ، وأسبغ على من نعمك ، فإني لما أنزلت إلى من خير فقير ، وهل ينساه ربه ، وقد التصقت بطنه بظهره من الجوع ؟ كلا . فمن يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه ، عادت البنتان إلى أبيهما الشيخ ، فسألهما عن السر في حضورهما بسرعة على خلاف شأنهما كل يوم ، فأخبرتاه بما كان من الرجل الذي سقى لهما ، وسهل لهما العودة مبكرين ، وكان أبوهما رجلا صالحا عابدا الله عز وجل - ، فقال لإحدى البنتين : اذهبي إليه وقولي له : إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ، أي يعطيك الأجر على عملك وفعلك هذا ، رأى موسى الفرج في ذلك ، وأن الله قد استجاب دعاءه بسرعة ، فذهب موسى - عليه السلام - إلى هذا الرجل الصالح فرحب به ، وأكرمه وأزال عنه الخوف ، وعرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه مقابل أن يخدمه برعي غنمه ثماني سنين ، فإن أتمها عشرا فمن عنده ولا حرج عليه ، قبل موسى ذلك وعمل عنده عشر سنين .

موسى يعود إلى مصر ويكلمه ربه

اشتاق موسى إلى مصر ، واشتاق إلى أمه وإخوته ، فاختار موعد الرحيل ، وخرج من بلاد مدين في ليلة مظلمة وباردة ، ووصل بأهله إلى جانب جبل الطور الأيمن ، وذهب يبحث عن الطريق ، أو ينظر حتى يرى شيئا يهتدي به إلى الطريق ، فوجد نارا من جانب الطور ، فقال لأهله : انتظروا ... لقد وجدت نارا لعلي آتيكم منها بجذوة لعلكم تستدفئون بها ، ووصل موسى إلى واد بين جبلين وهو يستند على عصاه ، فلما اقترب من النار وجد نارا عظيمة تشتعل في شجرة ، وكانت المفاجأة .

موسى يكلم ربه

واقترب موسى - عليه السلام - من الشجرة ، فإذا بالله - سبحانه وتعالى - يكلمه ويناديه قائلا له : إني أنا الله رب العالمين .

وخاف موسى وفزع ، ثم عاد مرة أخرى إلى النار ، فناداه ربه : اخلع نعليك احتراما وتقديسا وإجلالا وتعظيما إنك بالوادي المقدس المطهر الذي يقال له طوى .

(۱) الجذوة : الجمرة الملتهبة .

وأنا اخترتك للرسالة وتبليغ الدعوة فاستمع إلى كل ما يوحى إليك ، إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني مخلصا لوجهي وأقم الصلاة لتذكرني بها ، أو لأذكرك بها في عليين ، فهدأت نفس موسى ، فكلمه ربه مرة أخرى وقال له : وما هذه التي بيمينك يا موسى ؟ سأله عما في يمينه ليلفت نظره إلى العصا وحقيقتها وليدرك عظمة الله وقوته حيث يقلبها إلى حية تسعى ، وفي هذا تربية الموسى ؛ حتى لا يستبعد على الله شيئا بعد ذلك ، قال موسى مجيبا لربه مطنبا في كلامه ؛ لأن المقام يقتضي منه التطويل حتى يتلذذ بخطاب الرب – سبحانه وتعالى - : هي عصاي ، ثم أخذ يسرد بعض منافعها فقال : أعتمد عليها في سيري ، وأسقط الورق بها على غنمي ، ولي فيها مآرب أخرى ، أي : منافع وحوائج أخرى ، فأمره الله أن يلقي هذه العصا فإذا بها تتحول إلى ثعبان كبير يتحرك على الأرض ويلتهم كل شيء ، فخاف موسى وتملكه الفزع ، فأمره الله أن يمسك الثعبان ، فعاد الثعبان الكبير عصا مرة أخرى كما كان ، ثم أمره الله أن يدخل يده في جيبه ، فأدخل موسى يده ثم أخرجها بيضاء كالثلج من غير برص بها ، ثم ردها في جيبه فعادت كما كانت على لونها ، ثم أمره الله أن يذهب بهاتين الآيتين إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ؛ لأنه طغى وجاوز الحد في الإشراك بالله وتعذيب بني إسرائيل ، فقال موسى وقد صدع بالأمر : إني قتلت منهم رجلا فأخاف أن يقتلون ، فأرسل معي أخي هارون معينا ، هو أفصح مني لسانا وأقوى بيانا ، فبعث الله معه أخاه هارون ، وأمره أن يذهب مع موسى إلى فرعون ، وأن يحمل معه عبء الرسالة .

موسى يقف أمام فرعون

ذهب موسى وهارون إلى فرعون في قصره ، وقالا له : إنا رسولا رب العالمين إليك ، فأرسل معنا بني إسرائيل ليعبدوا ربهم في البرية ولا تعذبهم ، فحاول فرعون أن يذكر موسى بقتله الرجل المصري ، فبين له موسى أنه لم يقصد ، وبدأ موسى يدعو فرعون إلى عبادة الله وحده ، وأن لهذا الكون إلها خلقه هو الله ، وهو المستحق وحده للعبادة والطاعة .

فقال فرعون لموسى : فأت بعلامة تشهد لك على صدق هذا الكلام ، فرمی موسی عصاه من يده ، فإذا هي ثعبان ظاهر يتحرك ويسعى ، ووضع يده في جيب قميصه ثم أخرجها فإذا هي بيضاء للناظرين ، فقال فرعون : موسى أصبح ساحرا ماهرا يموه علينا ويقلب الحقائق ، وجاء بهذا السحر لكي يخرجكم من أرضكم ، ويتغلب عليكم بسحره ، ثم قال فرعون لموسى : اختر يوما وسوف أجمع لك السحرة ، فاختار موسى يوم العيد ؛ لأنه اليوم الذي يجتمع فيه الناس ، وجاء الناس من كل مكان لينظروا ماذا سيحدث بين سحرة فرعون وموسى - عليه السلام - ، وجاء السحرة وهم واثقون من تغلبهم على موسى – عليه السلام - ، وعرضوا على موسى أن يلقي هو أولا ، فقال لهم موسى : بل ألقوا ما أنتم ملقون ، فألقى السحرة حبالهم ، وعصيهم ، فامتلأ المكان حيات وثعابين ، فتخيل الكل حتى موسى أنها تسعى وتمشي فابتهج فرعون وقومه ، وخاف موسى - عليه السلام - فأوحى الله إليه : لا تخف إنك أنت الأعلى ، إن هذا الذي فعلوه إنما هو سحر ، ثم أمره الله أن يلقي عصاه ، فتحولت العصا إلى ثعبان كبير ، أخذ يبتلع كل العصي والحبال التي ألقاها السحرة ، ويتلقفها بسرعة فائقة ، فعرف السحرة أن موسى نبي مرسل من عند الله ، وأن السحر لا يفعل ذلك ، إنما هي القوة الإلهية القادرة ، التي هي فوق قوى البشر جميعا ، فخروا الله ساجدين ، وأسلموا وآمنوا برب العالمين ، رب موسى وهارون ، فقال لهم فرعون : إن موسى كبيركم الذي علمكم السحر ، وأمر أتباعه أن يربطوا السحرة الذين أسلموا وعرفوا أن السحر حرام ، وآمنوا بموسى وهارون ، وهددهم بأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .

انطلاق بني إسرائيل وخروجهم من مصر وغرق فرعون وجنوده

أرسل الله الجفاف على مصر ، فطلبوا من موسى أن يدعو الله أن يرفع هذا الجفاف عنهم وسوف يؤمنون بالله ، فرفع الله الجفاف ولم يؤمنوا ، ثم أرسل الله عليهم الجراد فأكل الزرع والثمار ولم يؤمنوا ، ثم سلط الله عليهم الضفادع فملأت بيوتهم فلم يؤمنوا ، وسلط عليهم حشرة القمل فملأت بيوتهم وملابسهم ورؤوسهم فلم يؤمنوا ، وتحولت المياه التي يشربون منها وتشرب منها بهائمهم دما فلم يؤمنوا ، آيات ومعجزات حتى يرجعوا إلى الله ويؤمنوا به فلم يؤمنوا ، فأوحى الله إلى موسى أن يخرج هو وبنو إسرائيل من مصر ، فخرجوا وخرج فرعون وراءهم هو وجنوده حتى وصل موسى وأصحابه إلى شاطئ البحر ، ووقف فرعون وراءهم هو وجنوده ، فقال أصحاب موسى : البحر أمامنا وسوف يدركنا فرعون وجنوده ، فقال موسى - عليه السلام - كلا إن معي ربي سيهدين ، ثم أمره الله أن يضرب بعصاه البحر ، فانقسم البحر وانفلق إلى قسمين وأصبح كل قسم مثل الجبل العظيم ، ثــم عــبر موســى هـو وبنو إسرائيل ، فرأى فرعون هذا المنظر فانطلق بفرسه حتى دخل البحر ، ودخل الجنود خلفه فكانت المفاجأة ، عاد البحر كما كان وانطبق عليهم فغرق فرعون وجنوده ونجا موسى ومن معه من المؤمنين .

عبادة العجل من دون الله

أهلك الله فرعون بالغرق ، وارتفع جسده على وجه الماء حتى يكون عبرة وآية للناس ، ومكن الله لموسى وبني إسرائيل في الأرض ، وأعطى موسى التوراة فيها شريعة بني إسرائيل ، وكان معه هارون - عليه السلام - نبيا ووزيرا ، وقام موسى - عليه السلام - هو وهارون بدعوة بني إسرائيل إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وعانى موسى - عليه السلام - من بني إسرائيل أشد المعاناة ، وتعب أشد التعب ، وحدثت حوادث كثيرة في بني إسرائيل ، ومن هذه الحوادث أن موسى - عليه السلام - لما ذهب للقاء ربه واستخلف هارون مع بني إسرائيل ، وأوصاه أن يحافظ عليهم ، ويذكرهم دائما بعبادة الله وما حدث لفرعون ومن كفر معه ، دعاهم السامري إلى الضلالة والكفر ، فصنع لهم عجلا من ذهب له جسد ، وصوت كصوت العجل الحي ، وكان أخذ الذهب منهم وألقاه في النار حيلة منه ، وقال لبني إسرائيل هذا هو إله موسى الذي ذهب ليطلبه ، ولكنه نسي أن يخبركم به ، وقد سهل جهل الإسرائيليين ومخالطتهم لعبدة الأوثان قبول خداع السامري لهم ، ورجع موسى فوجد هذا الأمر ، فعتب على بني إسرائيل عتابا شديدا ، وأخذ العجل الذي صنعه (السامري) وعبده بعض الناس فجعله رمادا ، عبارة عن تراب ، ثم رمى به في النهر ، وأخذ سبعين رجلا من علماء بني إسرائيل ، واعتذر الله سبحانه مما عمله هؤلاء الناس الذين عبدوا العجل .

وظل موسى - عليه السلام - يدعو بني إسرائيل والمصريين إلى عبادة الله وحده ويعلمهم شريعة التوراة ، وتعرض موسى - عليه السلام - لامتحانات واختبارات عظيمة وكثيرة ، وصبر عليها ونجاه الله منها .

ومن هذه الامتحانات : قصة البقرة ، وقصته مع نبي الله الخضر - عليه السلام - .

موسى وبقرة بني إسرائيل

كان هناك رجل من بني إسرائيل كثير المال ، وكان شيخا عجوزا وله ابن ، وكان أبناء أخيه يتمنون موته حتى يرثوه ويأخذوا ماله ، فطال به العمر ، فقتله أحد أبناء أخيه ووضعه على الطريق ، فلما أصبح الناس في أول النهار وجدوا هذا الرجل قتيلا ، فذهبوا إلى موسى - عليه السلام - يجد لهم حلا لهذه المشكلة ، فدعا موسى – عليــه حتى السلام - ربه حتى يدله على قاتل هذا الرجل .

فأمره الله أن يأمر بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة ، فأمرهم موسى - عليه السلام - بذبح بقرة أي بقرة ، فقالوا لموسى - عليه السلام - : أنت تستهزئ بنا وتأمرنا بذبح بقرة بدلا من تقول لنا من قتل هذا الرجل ، قال : معاذ الله أن أكون من الذين يهزأون في موضع الجد ، وبدلا من أن يسمعوا كلام موسى - عليه السلام - ويذبحوا أي بقرة ، بدأوا يصعبون الأمر على أنفسهم ، وقالوا يا موسى : ادع لنا ربك يبين لنا أوصاف هذه البقرة ، فقال لهم : إنها بقرة لا حامل ولا بكر وليست صغيرة ولا كبيرة ، بل وسط بين هذا وذاك ، ثم قالوا لموسى : ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ، فقال لهم موسى : إنها بقرة صفراء شديدة الصفرة تجلب السرور لمن يشاهدها وشكلها حسن وجميل ، قالوا يا موسى : البقر كثير ، فاذكر لنا أوصافا غير هذه الأوصاف ، فقال لهم : اذبحوا بقرة ليس فيها علامات ، ولم يسبق لها العمل في حرث الأرض ولا سقيها ، فقالوا لموسى - عليه السلام - الآن جئت بالحق والبيان الواضح ، وجاءوا ببقرة بهذه الصفات وجدوها عند يتيم صغير بار بأمه ، اشتروها بملء جلدها ذهبا ، ثم ذبحوها ، وأخذوا قطعة من لحمها وضربوا بها الرجل المقتول ، وكانت المعجزة ، فقد أحيا الله هذا الرجل المقتول ، واعتدل في جلسته ، فسأله موسى - عليه السلام - وقال له : من قتلك ؟ فأنطقه الله وتكلم وقال : قتلني ابن أخي وسماه باسمه فعرفوه ، وكانت معجزة عظيمة جدا زادت بني إسرائيل إيمانا ويقينا بأن الله على كل شيء قدير .

موسى مع الخضر

في يوم من الأيام وقف نبي الله موسى - عليه السلام - يخطب في بني إسرائيل ، فقال له رجل : يا موسى : من أعلم أهل الأرض ، فقال موسى : أنا ، فعتب الله على موسى ؛ لأنه لم يرد العلم إلى الله ، ثم أمره الله أن يذهب إلى رجل عنده علم ليس عند موسى - عليه السلام - وهذا الرجل هو الخضر ، وأمره الله أن يأخذ معه حوتا فعندما يفقد الحوت ويضيع منه ففي هذا المكان سوف يجد الخضر - عليه السلام - ، والتقى موسى بالخضر ، فقال له موسى : هل أتبعك وأمشي معك حتى أتعلم من علمك ؟ فقال لــه الخضر : إنك لن تصبر معي ، فقال له موسى - عليه السلام - : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ، فركب الخضر وموسى في سفينة ، فقام الخضر وكسر لوحا من السفينة ، فقال له موسى : إن هؤلاء الناس حملونا معهم فكيف تكسر جزءا من السفينة وقد يغرقون بسبب هذا الكسر ، فذكره الخضر - عليه السلام – أنه اشترط عليه أن يصبر ، فاعتذر له موسى - عليه السلام - ، وانطلق موسى والخضر مرة ثانية فوجد الخضر غلاما جميلا يلعب مع الصبيان ، فقتله ، فقال له موسى : لقد قتلت هذا الغلام بغير حق وهذا شيء منكر !!؛ أتقتل نفسا ذكية طيبة لم تأثم بغير نفس ولا قصاص ؟ فقال له الخضر : ألم أقل لك يا موسى إنك لا تصبر معي ؟ فاعتذر له موسى وقال له : إن سألتك عن شيء بعد ذلك فلا تصحبني معك ، فقد أعذرتني حيث خالفتك ، وهذا كلام النادم ندما شديدا ، فانطلق موسى والخضر مرة ثالثة ، فمرا على أهل قرية ، وطلبا منهم طعاما بأسلوب الضيافة فرفضوا أن يعطوهما شيئا ، فوجدا فيها جدارا قديما قد أوشك على السقوط والانهيار ، فبناه الخضر وأصلحه ، فقال له موسى : لو شئت لأخذت أجرا على هذا العمل ، فقال له الخضر هذا الإنكار هو فراق اتصالنا ونهاية اجتماعنا ، وهذا الموضع سوف نفترق فيه ، وقبل أن نفترق سوف أخبرك لماذا خرقت السفينة ؟ ولماذا قتلت الغلام ؟ ولماذا بنيت الجدار ؟

أما السفينة : فكان أصحابها مساكين ، وكان هناك ملك ظالم يأخذ السفن السليمة بالقوة والغصب ، فكسرت منها جزءا حتى إذا وجد فيها عيبا تركها لهم ، فأردت أن أعيبها عيبا بسيطا حتى لا يستولى عليها الملك الظالم ، وأما الغلام : فكان أبواه مؤمنين وأن الله أطلعني على مستقبله ، فكان إذا كبر وأصبح شابا فسوف يقع في المنكرات وسوف يكون سببا في كفر والديه وطغيانهما وضلالهما ، فقتلته حتى يموت هو على الإسلام ، ويموت أبواه على الإسلام ، وأما الجدار : فكان لغلامين يتيمين ، وكان تحت هذا الجدار كنز من ذهب ، وقد أوشك على الوقوع ، فأصلحت لهما هذا الجدار وقمت ببنائه مرة ثانية حتى أحافظ على الكنز الذي تحته ، وحتى يكبر الغلامان ويستطيعا أن يخرجا هذا الكنز وينتفعا به ، وكان أبوهما صالحا ، وصلاح الآباء ينفع الأبناء ، ومن هذه القصة نفهم ما يجب أن يكون عليه المتعلم بالنسبة لأستاذه ، وكيف يصحبه في سفره ويتأدب معه ، قال النبي محمد- صلى الله عليه وسلم - : وددنا أن موسى كان صبر فقص الله علينا من خبرهما .

موت موسى - عليه السلام -

قضى نبي الله موسى - عليه السلام - في بني إسرائيل زمنا طويلا ، بذل فيه جهدا عظيما ، وتعرض لامتحانات وابتلاءات كثيرة فصبر ، وأصبحت أمته من أكبر الأمم ، ومن أكثر الناس في العدد بعد أمة محمد - صلى الله عليــه وسلم - ، ولما أراد الله أن يقبض روح نبيه ورسوله موسى عليه السلام أرسل إليه ملك الموت ، فذهب ملك الموت إلى نبي الله موسى - عليه السلام - ، وقال له : يا موسى أجب ربك ، فضرب موسى - عليه السلام - عين ملك الموت ففقأها ، أي : أعمى إحدى عينيه وأصبح لا يرى بها ملك الموت ، فرجع الملك إلى ربه وقال : يا رب أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت ، فقال الله لملك الموت : ارجع إلى موسى وقل له : إن كنت تريد الحياة ولا تريد أن تموت الآن فضع يدك على جلد (ثور) ولك بكل شعرة تكون تحت يدك سنة تعيشها ، والثور حيوان مثل البقرة ، فقال موسى - عليه السلام - ثم بعد أن أعيش سنين طويلة بعدد الشعر الذي يكون تحت يدي ، بكل شعرة أعيش سنة ، قال : تموت بعد ذلك ، فقال موسى - عليه السلام - لملك الموت : بل اقبض روحي الآن ، ودعا الله أن يدفن في الأرض المقدسة قريبا من بيت المقدس .

وكذلك مات نبي الله هارون - عليهما الصلاة والسلام - وتكاثرت ذرية بني إسرائيل حتى أصبحت من أكثر الأمم عددا .

فوائد القصة

(۱) عناية الله ورعايته بأنبيائه ورسله وهم في المهد .

(۲) الله يرحم المرأة الضعيفة إذا استسلمت لأمره ، ورضيت بقضائه .

(۳) فرعون ادعى أنه إله من دون الله ، ولم يجد من قومه من يقول الحق ، أو يمنع الظلم ، فكانت عاقبة أمره وأمرهم الغرق والدمار .

(٤) الحياء من الإيمان .

(٥) الأمانة من صفات الأنبياء .

(٦) الصبر على الأذى في سبيل الله .

(۷) لا يغتر الإنسان بقوته .

(۸) لكل ظالم نهاية .
تعليقات