قصة نوح عليه السلام مكتوبة للأطفال
قصة نوح عليه السلام
نبي الله آدم - عليه السلام - هو أبو البشر ، وكان أول نبي على وجه الأرض ، علم أولاده وذريته التوحيد وإخلاص العبادة الله وحده ، ونهاهم عن الشرك وعبادة غير الله ، وحذرهم من الشيطان ، وبين لهم قصته مع إبليس ، وأوضح لهم أنه عدو الله تعالى ، وبمرور الزمن تكاثر الناس وزاد عددهم ، وظلوا على عبادة الله وحده لا شريك له ألف سنة ، عشرة قرون على التوحيد ، وعلى عبادة الله ، وكانوا لا يعرفون الشرك ، ومرت الأيام والسنون ، ونسيت ذرية آدم وصية أبيهم آدم - عليه السلام - ، وكان في كل فترة من الزمان يأتي رجال صالحون يذكرون الناس بعبادة الله ، ويذكرونهم وصية أبيهم آدم - عليه السلام - .
بداية عبادة الأصنام
وكانوا إذا مات الرجل الصالح وضعوا له حجرا في المكان الذي كان يذكرهم ويقدم لهم النصح فيه ، ثم أغواهم الشيطان بعد ذلك وجعلهم يضعون بدلا من هذه الحجارة تماثيل حتى يتذكروا حياتهم وعبادتهم وسيرتهم ، وكان من هؤلاء الصالحين خمسة رجال ذكرهم الله في كتابه العزيز ، وهم : ( ود - وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ) .
لما مات هؤلاء الرجال الصالحون صنع الناس لهم تماثيل ، ومرت الأعوام والسنون الطويلة ، حتى مضى على موت آدم - عليه السلام - ألف سنة كاملة ، ونسى الناس وصية آدم - عليه السلام - ، ونسوا عبادة الله ، وانتشرت بينهم الذنوب والمعاصي ، ووجد إبليس هذه فرصة لكي يدعو الناس إلى عبادة الأصنام ، وكانت التماثيل الخمسة التي صنعوها للرجال الصالحين : ( ود - وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ) قد نسيها الناس .
فجاءهم من أغراهم بالشرك وقال لهم : هل أدلكم على آلهة آبائكم التي كانوا يعبدونها ؟
قالوا : نعم ، فدلهم على مكان التماثيل الخمسة ، وقال لهم : هذه هي الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم ، فعبدوها مـــن دون الله وكفروا بالله تعالى ، وكانت هذه هي بداية عبادة الأصنام والتماثيل على وجه الأرض .
نوح أول رسول بعد آدم
لم يكن هناك إلا رجل صالح واحد بقي على التوحيد ، هو الذي جلس حزينا على الناس ، بسبب عبادتهم للأصنام ، وتركهم عبادة الله - عز وجل - ، وهو نبي الله نوح الذي كان مؤمنا بالله تعالى ، وكان متذكرا لوصية أبيه وجده آدم عليه السلام - ، وفي لحظة تأمل جلـس نوح يتفكر في عظمة الله فأخذته غفوة من نوم ، ثم قام فرحا مسرورا فإذا هو التكليف بالرسالة من عند الله والأمر بدعوة الناس إلى عبادة الله وحده ، فكان نوح - عليه السلام - هو أول رسول بعثه الله إلى الناس بعد آدم – عليه السلام - .
المهمة الصعبة
ذهب نوح إلى قومه في كل مكان يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ويقول لهم : إني لكم نذير مبين ، ألا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له ، وإني أخاف عليكم عذاب يوم أليم وعظيم وهو يوم القيامة ، فرد عليه الملأ من قومه ، والأشراف الذين كفروا بالله قائلين له : ما نراك إلا بشرا مثلنا لا مزية لك علينا من علم أو رأي أو قوة ، ولا فضل لك علينا حتى تدعي الرسالة ، هل لك مال كثير ؟ أو جاه أو ولد وخدم ؟ ليس لك من هذا شيء ، وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا وسفلتنا من الفقراء والضعفاء وعامة الناس .
لم ييأس نوح - عليه السلام - ، بل ظل يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا ، فكانوا إذا دعاهم نوح وضعوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوه ، ووضعوا ثيابهم على أعينهم حتى لا يروه ، وبذل نوح غاية جهده في نصح قومه ، واجتهد في دعوتهم إلى عبادة الله ، والبعد عن عبادة الأصنام ، وظل نوح يذكرهم بفضل الله عليهم ، ونعمه التي لا تحصى قائلا لهم :
﴿ ألم تروا كيف خلق ٱلله سبع سموت طباقا. وجعل ٱلقمر فيهن نورا وجعل ٱلشمس سراجا. وٱلله أنبتكم من ٱلأرض نباتا . ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا . وٱلله جعل لكم ٱلأرض بساطا . لتسلكوا منها سبلا فجاجا ﴾ [ نوح : ١٥-٢٠ ] .
وكان الرجل إذا أحس بقرب وفاته أوصى أولاده وقال لهم : احذروا هذا الرجل حتى لا يخرجكم عن دينكم .
واستمر نوح - عليه السلام - يدعو قومه مئات السنين وكانوا أهل كفر وفسق وعصيان ، حتى إنه مكث في دعوتهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ويذكرهم بيوم القيامة ، فلم يؤمن به إلا عدد قليل ، قيل : ثمانون رجلا وامرأة ، حتى زوجته وهي أقرب الناس إليه كفرت برسالته وخانته ، فكانت تخبر الكفار عبدة الأصنام بأسرار زوجها نوح - عليه السلام - وضاقت الأرض على نبي الله نوح في الشارع وفي البيت ، فلما ضاق به الأمر قال : رب إن مغلوب فانتصر لي منهم .
فأوحى الله إليه : أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن بالفعل فلا تحزن على كفرهم ولا بما كانوا يفعلون ، لا يصيبك الحزن والبؤس واليأس ، فقد سبق فيهم القضاء و حقت عليهم كلمة ربك ، فدعا نوح على قومه قائلا : ﴿ وقال نوحٞ رب لا تذر على ٱلأرض من ٱلكفرين ديارا . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾ [ نوح : ٢٦ – ٢٧ ] .
فأوحى الله تعالى إليه أن يصنع سفينة لينجو هو ومن آمن معه حين يأذن الله بهلاك الكافرين .
سفينة في جبل
وبدأ نوح - عليه السلام - يصنع السفينة بوحي من الله ، ولم يكن نجارا ولا يعرف شيئا عن النجارة ، ولا يعرف شيئا عن صناعة السفن ، فأتم بناء السفينة بوحي من الله بناء عظيمها ، جعلها ثلاثة طوابق : الطابق الأسفل جعله للوحوش ، والطابق الأوسط للدواب والطيور ، والطابق الأعلى لمن آمن معه من المؤمنين .
وظلت السفينة فترة من الزمن على الرمال ، وكان قومه يسخرون منه ويستهزئون به ، ويقولون له : يا نوح أبلغ بك الجنون أن تصنع سفينة في جبل ؟ يا نوح أصبحت نجـارا بعد أن كنت نبيا ؟ أتركت النبوة واشتغلت نجارا ؟ فكان يرد عليهم قائلا : إن تسخروا منا ، فإنا سنسخر منكم بإذن الله تعالى .
الماء يخرج من النار
أوحى الله تعالى إلى نوح أن علامة نزول الـعـذاب أن يخرج من النار ماء ، وفي يوم من الأيام خرجت المياه من التنور وهو : فرن النار ، خرجت مندفعة ، وتفجرت الأرض فصارت عيونا ، وفتحت السماء أبوابها .
فالتقى ماء الأرض وماء السماء على أمر محسوب ومقدر من الله .
مصير الابن العاق
أمر الله نوحا - عليه السلام - أن يحمل معه في السفينة من كل حيوان ، وطير ، وزواحف ، ووحوش ، وبذور ، زوجين اثنين ، أي ذكرا وأنثى ، وأن يأخذ معه المؤمنين .
وأغلق نوح باب السفينة ، وبدأت تتحرك في موج كالجبال ، وغرقت الأرض كلها بالماء .
وأخذت نوحا - عليه السلام - عاطفة الأبوة فنادى ربه فقال : ﴿ ونادى نوح ربه فقال رب إن ٱبني من أهلي وإن وعدك ٱلحق وأنت أحكم ٱلحكمين﴾ [ هود : ٤٥ ] .
وكان قد نصح ابنه بالركوب في السفينة ، فرد على أبيه وقال : سأصعد إلى جبل عال يعصمني من الماء .
فقال له نوح : لا عاصم اليوم من أمر الله وقدره إلا من رحمه الله وعصمه .
فكانت الإجابة من الله : يا نوح إن ابنك هذا ليس من أهلك ؛ لأنه عمل عملا غير صالح ، فاستغفر نوح ربه واعتذر إليه .
وأهلك الله كل الكفار ونجي المؤمنين الذين كانوا مع نوح وآمنوا بدعوته ، وكانت عليهم بركــات مــن الله – عــز وجل - وعادت الحياة على الأرض إلى طبيعتها مرة ثانية ، وليس عليها إلا المؤمنون الصالحون .
فوائد القصة
(1) الشيطان سبب عبادة الأصنام .
(۲) طاعة الشيطان سبب للعذاب في الدنيا والآخرة .
(۳) أول رسول إلى البشر نوح - عليه السلام - .
(٤) نوح أبو البشر الثاني .
(٥) الطوفان معجزة من الله تعالى أيد بها نوحا – عليه السلام - .
(٦) إذا مات الإنسان على الكفر لا تنفعه شفاعة الأقارب .
(۷) الله ينجي عباده المؤمنين ، ويهلك الكافرين المعاندين ، والمعرضين عن دعوة المرسلين .