أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf 

قصة أحلى أيام المدرسة مكتوبة

كُنا في الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِنا ، وَكُنَّا نَظُنُّ أَنْفُسَنا فَتَياتٍ ناضِجَاتٍ أَمَّا أَتْرابُنا مِنَ الصَّبْيَةِ فَكُنَّا نَقولُ إِنَّهُمْ أَطفال في تَصَرُّفاتِهِمْ ، فَكُلُّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلى عَدَمِ نُضْجِهِمْ كُنّا نَمْزُجُ إِحْسَاسَنا هذا بِسُخْرِيَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ وَكُلِّ شَيْءٍ. وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ مِنْ أَلْسِنَتِنا و (مَقالِبنا)، فَلا يَكادُ يَمُرُّ يَوْمٌ دونَ حُصولِ حادِثَةٍ ظَرِيفَةٍ تُغْرِقُنا في الضَّحِكِ.
كُنَّا نَجْتَمِعُ وَقْتَ الفُرْصَةِ في ساحَةِ المَدْرَسَةِ في زاوِيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الدُّكَّانِ الَّذِي كُنَّا نَشْتَري مِنْهُ أَقْراصَ رَأْسِ العَبْدِ اللَّذيذَةَ. وَأَقْراصُ رَأْسِ العَبْدِ هَذِهِ تَتَكَوَّنُ مِنْ قِطْعَةِ بِسْكَويتٍ رَقِيقَةٍ تَتَمَدَّدُ عَلَيْها الشوكولاتَةُ وَالكريمةُ» البَيْضاءُ اللَّذيذَةُ. وَلَمْ نَكُنْ نَأْكُلُ غَيْرَ قِسْمِها العُلْوِيِّ، أَمَّا القِسْمُ الآخَرُ فَكُنّا نَحْمِلُهُ، ونَرْكُضُ لِنُلَوِث بِهِ أَوَّلَ صَبِيٌّ نُصادِفَهُ، فَتُمْسِكُ اثْنَتَانِ مِنّا بِيَدَيْهِ، وتُمَرِّغُ الثَّالِثَةُ وَجْهَهُ بِهِ، ثُمَّ نَهْرُبُ إِلى الصِّبْيَةِ الأَكْبَرِ لِتَحْتَمِيَ بِهِمْ مِنَ الاِنْتِقامِ، إِلى أَنْ يُقْرَعَ الجَرَسُ مُعْلِنَا وُجوبَ العَوْدَةِ إلى الصُّفوفِ.
أَمّا في الفُرْصَةِ الثّانِيَةِ أَوِ الفُرْصَةِ الكَبيرَةِ كَما كانَ يَحْلو لَنا أَنْ نُسَمِّيَها - فَكُنَّا نَرْمي حَبّاتِ القَضامَةِ في زُجاجاتِ المُرَطْباتِ الغازِيَّةِ الَّتي يَحْمِلُها الصِّبْيَةُ، فَتَفورُ وَتَتَّسِخُ ثِيابُهُمْ وَيَأْتي الرَّدُّ فَوْرًا، إذْ يَرْكُضُ الصِّبْيَةُ وَراءَنا وَيَرْمُونَ التُّرابَ عَلى رُؤوسِنا .
كانَتْ هَذِهِ الأَلْعابُ مُسَلِّيَةٌ لِلْغايَةِ، غَيْرَ أَنَّ اعْتِقادَنا أَنَّنا فَتَياتُ ناضجاتٌ جَعَلَنا نَعْقِدُ العَزْمَ عَلى الكَفِّ عَنْهَا، وَنُقَرِّرُ تَقْلِيدَ أُمَّهَاتِنا وَالتَّشَبَّهَ بِهِنَّ وَهُكَذا فَقَدْ صِرْنا نَذْهَبُ إلى المَدْرَسَةِ وَقَدْ سَرَّحَتْ كُلُّ واحِدَةٍ مِنّا شَعْرَها عَلى طَريقَةِ والِدَتِها، وَأَخَذْنا نَمْشي وَكَأَنَّنا عارِضاتُ أَزْياءٍ، غَيْرَ آبِهَاتٍ لِسُخْرِيَةِ الصَّبْيَةِ .
هَلْ قُلْتُ : غَيْرَ آبِهاتٍ؟ رُبَّما في الظَّاهِرِ، أَمّا في الحَقيقَةِ فَقَدْ كُنّا مُسْتاءاتٍ مِنَ الطَّريقَةِ الَّتي اسْتَقْبَلَ بِها الصِّبْيَةُ هذا التَّغَيُّرَ فينا لا سِيَّما غَسّانُ وَرُفَقاؤُهُ الغَريبو الأطوارِ وَالمَلابِسِ وَالشَّعْرِ.
اِنْتَهى العامُ الدّراسِيُّ، وَقَضَيْنا العُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ ثُمَّ عُدْنا مِنْ جَدِيدٍ إلى المَدْرَسَةِ. وَفِي أَوَّلِ أُسْبُوعِ مِنْ بَدْهِ السَّنَةِ الدراسِيَّةِ اسْتَلَمْنا الكُتُبَ وَالدَّفَاتِرَ الجَديدَةَ وَكُنَّا فَرِحِينَ بِبَدْءِ العامِ الدّراسِيّ وَوُجودِ طُلاب وطالباتٍ جُدد.
نَظَرْتُ خَلْفي فَوَجَدْتُ غَسّانَ، الصَّبِيَّ الَّذِي هَزِئَ بي وَبِرَفيقاتي.
كانَ غَسّانُ يَرْتَدي سِرُوالًا فَضْفاضًا وَقَميصًا واسِعًا حَتّى بَدا لي ضِعْفَيْ حَجْمِهِ. أَمَّا شَعْرُهُ فَيا لَمَنْظَرِهِ وَيا لطولِهِ وَيا لَلَوْنِهِ، فَهُوَ مَصْبوغ : خُصْلَةٌ مِنْهُ صَفْراءُ وَأُخْرى زَرْقاءُ وَثَالِثَةٌ خَضْراءُ، وَهُكَذا حَتَّى أَصْبَحَ رَأْسُهُ كَقَوْسٍ قُزَحَ أَمَّا أُذُناهُ فَفي إِحْدَاهُما حَلْقَةٌ كَما لَوْ كانَ مُمَثْلًا في السّينَما . تَذَكَّرْتُ ساعَتَها كَيْفَ سَخِرَ غَسّانُ مِنّي وَمِنْ رَفيقاتي فَقُلْتُ في نَفْسي : «حانَ يَوْمُ الحِسابِ، سَأَرُدُّ لَهُ الصّاعَ صاعَيْن. وَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتي: «تَعالَوْا جَميعًا وَانْظُروا إلى قَوْسِ قُزَحَ إِنَّهُ نَزَلَ مِنَ السَّماءِ عَلى رَأْسِ غَسّانَ». تَجَمَّعَتْ رَفيقاتي وَبَعْضُ الطُّلابِ حَوْلَ غَسَّانَ وَأَغْرَقوا في الضَّحِكِ. كانَ الوَحيدَ الَّذي أَطالَ شَعْرَهُ وَلَوَّنَهُ وَوَضَعَ حَلْقَةً فى أُذُنِهِ.
بَدا غَسّانُ غاضِبًا مُحْرَجًا وَكانَ يقِفُ خَجِلا ، فَقُلْتُ لِرَفيقاتي عَلَى مَسْمَعِهِ :
لَقَدْ لَقَمْتُهُ دَرْسًا لَنْ يَنْساهُ في حَياتِهِ، فَلْنَرَ كَيْفَ سَيَتَجَرَّأُ وَيَهْزَأُ مِنّا بَعْدَ اليَوْمِ. وَفَكَّرْتُ لِلَحَظاتٍ في أَنَّهُ مِسْكِينٌ، فَقَدْ كَانَ كَبْشَ المَحْرَقَةِ، فَهُوَ لَمْ يَكُن الوَحيدَ الَّذِي هَزِئَ بِنا أَمّا رُفَقاؤُهُ فَكانوا بِقُرْبِ دُكّانِ المَدْرَسَةِ ، لا يَعْرِفُونَ ما يَجْري مَعَهُ .
وقَالَتْ لي إحدى رفيقاتي : هَيا يا نُورُ، مَتى سَتَنْتَهي هذِهِ المَهْزَلَةُ؟ أَلَمْ نَقُلْ إِنّنا سَنَنْضَحُ وَسَنَكُتُ عَنْ مُضايَقَةِ الآخَرينَ؟
فَقُلْتُ لَها : الَقَدْ بَدَأَ المَعْرَكَةَ هُوَ وَرُفَقاؤُهُ.
وَقالَتْ أُخْرى: لَنْ نَنْسَحِبَ. سَيَظُنُّنا الجَميعُ جباناتٍ وَقالَتْ ثَالِثَةٌ:
نَّهُمْ يَسْتَحِقُونَ هذا .
سَنَنْتَقِمُ مِنْهُمُ انْتِقامًا شَدِيدًا، وَيَوْمَ غَدٍ سَنَهْزَأُ بِرُفَقائِهِ أَيْضًا.
عُدْتُ إلى البَيْتِ وَأَنا غاضِبَةٌ مِنْ نَفْسي لَمْ أُطِقْ هذا الشُّعور.
إِنَّني دائمَةُ الرّضى عَنْ نَفْسِي، وَلكِنِّي أَشْعُرُ الآنَ بِالخَجَلِ مِمَّا فَعَلْتُ.
لِمَ تَنْتابني التَّساؤلاتُ عَنْ صِحَّةِ أَعْمالي أَنا وَرَفيقاتي؟
لَقَدِ اسْتَنْتَجْتُ في النَّهايَةِ أَنَّنا يَجِبُّ أَنْ نَضَعَ حَدًّا لِتِلْكَ المَهازِلِ.
تَهاتَفْتُ وَرَفيقاتي، وَبَعْدَ مُحاوَراتٍ طويلةٍ تَّفَقْنا عَلى أَنْ نَتَوَفَّفَ عَن السُّخْرِيَةِ مِنَ النَّاسِ.
ذَهَبْتُ يَومَ ذاكَ إِلى المَدْرَسَةِ وَأَنا مُصَمِّمَةٌ عَلى الاِعْتِذارِ لِغَسّانَ عَمَّا بَدَرَ مِنّي في اليَوْمِ السّابِقِ.
اِقْتَرَبْتُ مِنْ غَسّانَ وَرُفَقائِهِ ونَظَرْتُ إِلَيْهِمْ بِمَوَدَّةٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَنا آسِفَةٌ عَلى ما بَدَرَ مِنّي البارِحَةَ. لَقَدْ كُنْتُ غاضِبَةً لِسُخْرِيَتِكَ بِنا.
فَقَبِلَ غَسّانُ اعْتِذارِي وَلاحَظتُ كَمْ كَانَ يَتَحَدَّثُ بلباقةٍ وَأَدَب .
أَمّا رُفَقاؤُهُ فَكانوا لُطفاءَ أَيْضًا ، فَتَعَرَّفْنا إِلَيْهِمْ وَتَحَدَّثْنا وَضَحِكْنا عَلى ما كُنَّا نَقومُ بِهِ مِنْ مَهازِلَ .
وفيما كُنَّا نَتَحَدَّثُ قُلْتُ لَهُ مُمازِحَةً وَكَأَنَّني نَسيتُ ما وَعَدْتُ : أَتَدْري يا غَسّانُ:
أَظُنُّكَ لا تَزالُ غَريبَ المَنْظَرِ ؛ فَشَعْرُكَ غَريبٌ وَحَلَقُكَ غَرِيبٌ وَطَريقَةُ لِباسِكَ غَريبَةٌ ، أَلَسْتَ تَظُنُّ ذلِكَ؟
سَأَظُلُّ أَذْكُرُكَ بِغَسّانَ قَوْسِ قُزَحَ .
ضَرَبَ غَسّانُ الأَرْضَ بِقَدَمَيْهِ وَقَالَ: يَبْدو أَنَّكِ رَجَعْتِ إلى أَقْوالِكَ وَأَعْمالِكِ الصّبيانِيَّةِ .
إِنَّكِ صَريحةٌ أَكْثَرَ مِنَ اللزومِ.
وَتَرَكَنَا غَسّانُ وَاتَّجَهَ نَحْوَ أَصْدِقائِهِ، وَأَنا في حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِي فَقُلْتُ في نَفْسي : يا إلهي، لَقَدْ فَعَلْتُها مَرَّةً أُخْرى !
إنَّني لا أَزالُ عَديمَةَ الشُّعورِ.
عِنْدَ المَساءِ، حَوْلَ طاوِلَةِ العَشاءِ، أَخْبَرْتُ والِدَيَّ بِما فَعَلْتُ مَعَ غَسّانَ.
وَطَلَبْتُ نُصْحَهُما لِأُصْلِحَ غَلْطَتي، فَقالَ لي والدي : إِنَّ كُلَّ إِنْسان حُرِّ في طَريقَةِ لِباسِهِ عَلى أَنْ لا يُؤْذِيَ مَشاعِرَ الآخَرينَ.
وَقالَتْ لي أُمّي إِنَّ الوَقْتَ قَدْ حانَ لِأُكُفَّ عَن السُّخْرِيَةِ مِنَ النَّاسِ وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يَسْتَلْطِفَني أَوْ يُصَادِقَني إِذا اسْتَمَرَّيْتُ عَلى كَلامي القاسي وَتَصَرُّفاتي المُتَهَوِّرَةِ.
أَمّا أَخي الكَبيرُ الَّذي كانَ يَلْبَسُ ثِيابًا شَبيهَةً بِثِيابِ غَسّانَ فَطَلَبَ إِلَيَّ أَنْ أَتَوَقَّفَ ، إِن اسْتَطَعْتُ، عَن التَّصَرُّفِ بِحَماقَةٍ وَأَنْ أَتَعَلَّمَ عَدَمَ التَّدَخُلِ فِي حَياةِ الآخَرينَ قَبْلَ أَنْ أَفْقِدَ جَميعَ رُفقائي ورفيقاتي.
وَاسْتَرْسَلَ قائِلًا: أَلَسْتِ تَرَيْنَ طولَ شَعْري؟
أَلَسْتِ تَرَيْنَ بِنْطالي؟
أَلَسْتُ أَلْبَسُ مَلابِسَ كَتِلْكَ الَّتي يَلْبَسُها غَسّانُ؟
إنَّها الموضَةُ يا أُخْتي، وَأَنْتِ تَلْبَسينَ ثِياب الموضَةِ، وَبَعْضُ الموضَةِ النِّسائِيَّةِ لا تُعْجِبُنا نَحْنُ الشَّبابَ، وَلكِنَّني لا أَسْخَرُ مِنَ الفَتَيَاتِ اللُّواتي يَرْتَدينَها ) فَقُلْتُ بِعَصَبِيَّةٍ: ماذا عَنْ شَعْرِهِ الَّذِي يُشْبِهُ بِأَلْوانِهِ قَوْسَ قُزَحَ وَمَاذَا عَنْ حَلَقِهِ الَّذِي يَجْعَلُهُ كَالفَتَيَاتِ؟
فَقالَ لي أَبي وَكانَ غاضِبًا هذِهِ المَرَّةَ: أَلَنْ تَكُفّي عَن التَّدَخُلِ فِي أُمورِ النَّاسِ؟
إنَّها الموضَةُ في الغَرْبِ وَهُذا لا يَعْني أَنْ نُقَلّدَها وَلكِنَّ الشَّابَّ لَهُ أَهْلُ يَدُلُّونَهُ عَلَى الصَّوابِ وَالخَطَأ.
وَقالَتْ أُمّي : هَلْ نَسيتَ يا أَبا مُنيرٍ كَيْفَ كَانَ شَعْرُكَ في لسَّبْعينِيَّاتِ؟
وَهَلْ نَسِيتَ كَيْفَ كَانَتْ .. مَلابِسُنا؟
لَقَدْ كُنّا نَلْبَسُ البَناطيل المُمَزَّقَةَ الأَطْرافِ وَكانَ غَيْرُنا مِنَ النّاسِ لا يَلْبَسُها وَكانَ مَنْظَرُنا غَريبًا. كُنّا نُقَلِّدُ الهيبيز والبيتِلْزَ.
وَلكِنَّنا تَوَقَفْنا عَنْ ذلِكَ عِنْدَما كَبِرْنا.
بِاخْتِصارٍ نِلْتُ نَصيبي مِنَ اللَّوْمِ وَالتَّأْنيبِ، فَاعْتَذَرْتُ إلى أَهْلي وَوَعَدْتُ أَنْ أَعْتَذِرَ مَرَّةً أُخْرى إلى غَسّانَ وَأَنْ أَتَصَرَّفَ بِمَسْؤولِيَّةٍ وَمَحَبَّةٍ تُجاهَ الجَميعِ .
ذَهَبْتُ إِلى مَدْرَسَتي في الصَّباحِ التّالي كُنْتُ خَجِلَةً كَالمَرَّةِ الأولى، خَجِلَةً مِنْ تَصَرُّفاتي، فَقَدْ حَسَبْتُ أَلْفَ حِسابِ لِمُواجَهَةِ غَسّانَ أَوْ رُؤْيَتِهِ، لِذا قَرَّرْتُ أَنْ أَجْلِسَ في أَقْصى زاوِيَةٍ مِنَ المَلْعَبِ بَعيدَةً عَنْ عُيونِ الرُّفَقاءِ والرَّفِيقاتِ عَلّي أَحْظى بِغَسّانَ وَحْدَهُ وَأَعْتَذِرُ إِلَيْهِ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْمَعَني أَحَدٌ وَفيما أَنا َجالِسَةٌ أكُلُ طَعامي فوجِئْتُ بِغَسّانَ يَقِفُ أمامي .
ماذا أَفْعَلُ؟
دارَتْ في خاطري أَفْكَارٌ كَثِيرَةٌ، هَلْ جاءَ لِيُوَبِّخَني؟
أَيْنَ هُنَّ صَديقاتي ؟
كَيْفَ سَأَرُدُّ عَلَيْهِ إِنْ هُوَ عاتَبَني؟
فَوَقَفْتُ وَقُلْتُ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ تُوَبِّخَني أُريدُ أَنْ أَعْتَذِرَ إِلَيْكَ عَمَّا حَدَثَ البارِحَةَ، وَأَعْتَرِفَ أَنَّني تَدَخَلْتُ في ما لا يَعْنيني، وَأَنا مُعْتَرِفَةٌ بِخَطَئي.
إِنَّني آسِفَةٌ أَشَدَّ الأَسَفِ.
فَقالَ غَسّانُ بِأَدَبِ وَلَباقَةٍ: حَسَنًا، أَنا أَقْبَلُ اعْتِذارَكِ، وَلكِنْ أُقَدِّمُ لَكِ نَصيحَةٌ مَجانِيَّةٌ اليَوْمَ ، وَاعْلَمي أَنَّ النَّصِيحَةَ كَانَتْ تُشْتَرى في الأَيَّامِ القَديمَةِ إِذا أَرَدْتِ أَنْ تَكوني مَحْبوبَةً وَناجِحَةً في هذهِ الحَياةِ فَلا تَكُنْ صَراحَتُكِ قاسِيَةً، وَلا تَتَدَخَلي في شُؤون غَيْرِكِ. فَكُلُّ إِنْسانِ حُرٌّ في تَصَرُّفاتِهِ وَطَريقَةِ لِباسِهِ ما دامَ لا يُسيء إلى الآخَرينَ أَوْ يَتَحَدّى السُّلوك العام وَيَخْرُجُ عَنْ حُدودِ الأَدَبِ.
قَضَيْتُ وَقْتًا جَمِيلًا ذُلِكَ اليَوْمَ وَانْتَبَهْتُ إلى شَرْح المُعَلِّمَاتِ وَالأَساتِذَةِ وَكَانَ ضَميري مُرْتاحًا .
وَعِنْدَما وَصَلْتُ إلى البَيْتِ كُنْتُ أُفَكِّرُ كَمْ سَيَكونُ غَسّانُ جَذَّابًا وَوَسيما إذا قَصَّ شَعْرَهُ وَأَزالَ الصِّباغَ عَنْهُ.
أَمّا الحَلَقُ فَكُنْتُ أَرْجو مِنَ اللهِ أَنْ يَتَخَلَّى غَسّانُ عَنْهُ.
ذَهَبْتُ في اليَوْمِ التّالي إلى المَدْرَسَةِ وَأَنا عَاقِدَةُ العَزْمَ عَلى أَنْ أَكونَ فَتاةٌ عاقِلَةً مُهَذَّبَةٌ تُراعي شُعورَ الجَميعِ.
وفيما أَنا أَجولُ بِبَصَري باحِثَةٌ عَنْ صَديقاتي رَأَيْتُ غَسَّانَ. كَمْ بَدا وَسِيمًا !
إِنَّهُ حليقُ الشَّعْرِ، وَلا يَلْبَسُ حَلْقَةً فِى أُذُنِهِ، فَاتَّجَهْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ :
أَهذا أَنْتَ؟
لا أَكادُ أُصَدِّقُ ناظِرَيَّ أَنا فَرِحَةٌ جِدًّا . كَمْ تَبْدو وَسيما الآنَ.
فَقالَ غسّانُ:
إِنَّ أَهْلي فَرِحونَ أَيْضًا.
لَقَدْ تَكَلَّمَ والِدي مَعي مُطَوَّلًا بَعْدَ أَنْ أَخْبَرْتُهُ بِما فَعَلْتِ البارِحَةَ، وَأَقْنَعَني كَما أَقْنَعْتِنِي أَنْتِ، فَعَرَفْتُ فِي قَرارَةِ نَفْسي أَنَّني أَظْهَرُ بِمَظْهَرٍ مُخْتَلِفِ وَغَرِيبٍ أَمامَ أَوْلادِ مَدْرَسَتي .
وَلكِنَّني كُنْتُ مُقْتَنِعًا بِأَنَّني بَدَوْتُ طَريفَ الشَّكْلِ عِنْدَما كانَ شَعْري طويلًا مُلَوَّنًا.
فَقُلْتُ مُمازِحَةً :
أَنْتَ تَبْدو جَذَّابًا أَكْثَرَ مِنَ السّابِقِ أَلْفَ مَرَّةٍ .
فَقالَ غَسّانُ: أُريدُ أَنْ أَقولَ لَكِ :لا تَحْكُمي عَلى الإِنْسانِ مِنْ خِلالِ مَظْهَرِهِ، فَما يَهُمُّ هُوَ الإِنْسانُ نَفْسُهُ ، وَشَخْصُهُ وَأَخْلاقُهُ، وَكَيْفِيَّةُ تَعامُلِهِ مَعَ الآخَرينَ.
أَعْتَرِفُ بِأَنَّ مَظْهَرِي كَانَ غَيْرَ مَأْلُوفٍ وَلكِنَّني عِشْتُ في الغَرْبِ فَتْرَةً طَويلةً . وَهُناكَ، كَما تَعْلَمينَ ، يَلْبَسُ النَّاسُ مَا يَشاؤونَ وَيَقولونَ ما يُريدونَ ما دامَ لا يُضِرُّ بِالآخَرينَ .
فَقَلْتُ لَهُ: وَلكِنْ هذِهِ مَظَاهِرُ لا يَأْلَفُها مُجْتَمَعُنا العَرَبِيُّ الأصيل.
فَقالَ غَسّانُ: أَنْتِ هُنا مُخْطِئَةٌ، فَالعَرَبُ كانوا يُطيلونَ شُعورَهُمْ في الزَّمان الغابِرِ.
فَقُلْتُ: أَجَلْ، وَلكِنَّ الزَّمَنَ تَغَيَّرَ ، وَالإنْسانُ تَطَوَّرَ ، فَلِماذا نَعودُ إلى العُصورِ السّابِقَةِ؟
فَقالَ غَسّانُ: هَلْ أَفْهَمُ مِنْ كَلامِكِ أَنَّ الغَرْبَ عاد إلى العُصورِ السّابِقَةِ؟
لا يا عَزيزَتي.
إِنَّهُمْ أَكْثَرُ تَطَوُّرًا مِنّا عِلْمِيًّا وَإِنْسانِيًّا وَحَضَارِيًّا.
فَقُلْتُ : لِمَ لا نُقَلِّدُ، نَحْنُ الشَّبابَ الأَشْيَاءَ الجَيْدَةَ في المُجْتَمَعاتِ الغَرْبِيَّةِ كَالتَّطَوُّرِ العِلْمِيّ وَالحَضارِي بَدَلَ أَنْ نَأْخُذَ القُشور؟
وَهَلْ لي أَنْ أَسْأَلَكَ : لِمَ حَلَقْتَ شَعْرَكَ وَأَزَلْتَ الصَّباغَ؟
وَلِمَ نَزَعْتَ الحَلْقَةَ مِنْ أُذُنِكَ؟
فَقالَ غَسّانُ : لِأَنَّني حُرٌّ .
فَقَدْ قَرَّرْتُ ذلِكَ بَعْدَما اقْتَنَعْتُ بِأَنْ لا اَخَذَ بِقُشورِ المُجْتَمَعِ الغَرْبِيِّ ، بَلْ أَنْ أُقَلَّدَهُمْ في التَّقَدُّمِ العِلْمِي وَالحَضَارِيِّ وَالفِكْرِيِّ كَما تَقولينَ .
وَأَنا واثِقٌ أَنَّ جيلنا الجَديدَ مِنَ العَرَبِ سَيكونُ مُخْتَلِفًا بَلْ أَفْضَلَ مِنَ الأخيالِ الَّتي سَبَقَتْنا وأَنَّنا سَنُصْبِحُ مِنَ المُبْدِعينَ وَالمُبْتَكِرينَ وَالمُخْتَرِعينَ، وَسَنَجْعَلُ الغَرْبَ يُقَلَدُنا فَضَحِكْتُ وَضَحِكَ غَسّانُ، وَرَجَوْنا اللهِ أَنْ يُعْطِيَنا القُوَّةَ لِنَنْهَضَ بِأُمَّتِنا العَرَبِيَّةِ مِنْ جَدِيدٍ .

قصة أحلى أيام المدرسة مصورة

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf

أحلى أيام المدرسة قصة من طلاب المدارس الابتدائية القصة مكتوبة ومصورة و pdf










تعليقات