قصص عن أخلاق الرسول قصة العم شوقي قصة تربوية للاطفال

قصص عن أخلاق الرسول قصة العم شوقي قصة تربوية للاطفال

قصص عن أخلاق الرسول قصة العم شوقي قصة تربوية للاطفال


قصص عن أخلاق الرسول قصة العم شوقي قصة تربوية للاطفال

مع قصة جديدة من سلسلة مكارم الاخلاق وهي قصص عن أخلاق الرسول وقصة اليوم بعنوان العم شوقي وهي قصة تربوية مكتوبة للاطفال نتمنى أن تنال رضاكم.

قصة العم شوقي

كان العمّ شوقي عامل مدرستنا وجارنا أيضًا، وكان أساتذتنا يطلقون عليه العم» «شوقي»، وهو شخص مبتهج، يرفع معنويات أساتذتنا إذا تعكر مزاجهم، ويقوم بما يلزم تصليحه من مناضد وكراس ومن أعمال الكهرباء والسباكة، وينظف مدرستنا ثلاث مرات كل يوم. 

وكنا نسمع أنه يأتي في عطلة الأسبوع ويقوم بالإصلاحات التي لم يتمكن من الانتهاء منها خلال الأسبوع، ولو كان هناك شيء يُطلب إصلاحه في بيوت أساتذتنا كان يسرع لمساعدتهم، ولا يأخذ قرشًا واحدًا على هذه الإصلاحات؛ لذلك قالوا عنه: إنه شخص ذو تضحية لا تقدر، وكنا لا نراه بلا عمل أبدًا.

وكانت علاقته مع الأطفال جيّدة جدا، بل إنّه كان يُسرّي الهم عن المتشائمين منهم ويقول : أصوات الأطفال لا تختلف عن تغريد الطيور والطفل العابس طير لا يغرّد؛ وكانت هذه المواقف الرحيمة تجرئنا على الاقتراب منه لنشـكـو لـه أحياناً شقاوتنا، فكان يقول في مثل هذه المواقف:

- اذهبوا إلى أساتذتكم يا أحبابي.

ثم يتابع عمله بسكون وهدوء.

وللعمّ شوقي ابنة مريضة منذ الولادة، وهي معي في نفسر الصف الدراسي، كانت تذهب إلى أقرب مدرسة؛ لأنه لا ينبغي أن تتعب نفسها كثيرًا، لكن فصول مدرستها مزدحمة جدًّا، ومستوى المدرسة ضعيف، وفيها نقص كبير في المدرسين.

كانت أسماء تأتي إلينا أحيانًا في عطلة الأسبوع لتشاركنا ألعابنا، لكنها لا تستطيع أن تلعب معنا لعبة الغُمَّيْضَى، والاستغمائية، وامسك حرامي؛ لأن جسدها ضعيف، وكانت تفضل الألعاب التي تُلعب عن قعود مثل الداما والشطرنج وأربعة الأحجار وخمسة الأحجار. 

وكان لا يستطيع أحد منا أن يغلبها في هذه الألعاب، وأطلقنا عليها بين أصحابنا «أسماء «العبقرية لأنها كانت تجيد هذه الألعاب الذهنية أكثر منا .

وفي الصف الثالث الابتدائي تحوّل مرضها هذا إلى مرض مزمن، وقال الأطباء: إنها يجب أن تُتمّ عامها الثامن كي تُجرى لها عملية جراحية، لكن لا بدّ الآن من ألفي ليرة لمبيتها في المستشفى، إلا أن العمّ شوقي لم يكن له أقارب أغنياء، ولا يملك إلا القليل من المال، ولكن ثمة شيء مؤكد، وهو أن أسماء إذا لم تُجرَ لها العملية فربما تموت قريبًا.

وهكذا أصبح وجه العمّ شوقي كئيبا في الأيام التي ازدادت فيها آلام أسماء، وصارت عظام وجه هذا الرجل بارزة، كأنه يعاني نفس الآلام مع ابنته بل ربما كانت معانته أكثر، ولا أحد في مدرستنا يعرف ما يحدث للعم شوقي سواي، فيعرفون أخباره مني، وعندما كان أساتذتنا يسألونه عن حاله كان يجيب بأجوبة مختصرة ويقول:

- الحمد الله، أشكركم، جزاكم الله خيرًا .

وكانت تعصف بداخله عواصف وأوجاع لا تحتمل إلا أنه كان لا ينعكس شيء منها على مُحَيَّاه، إذ إننا لم نره يوما اشتكى من شيء قط.

أخبرت أساتذتنا عن المال اللازم لعملية أسماء، فتحركت المدرسة كلّها، وجمعوا المال حتى الطلبة تبرعوا من مصروفهم أسبوعي، وقللوا من الوجبات ليتبرعوا بثمنها، ولم يكن العمّ ولي يعلم شيئًا عن كل ما يحدث، فأسعدني ما جرى كثيرًا، ولعلّ الدنيا ستضحك للعم وليّ بعد أن أظلمت له أيامًا طويلة، وكانت أسرتي تعاملني معاملة الكبار لأنني أنا من بدأ هذا العمل.

وفي النهاية جُمع المال اللازم ووضعه المدير في ظرف وقدمه للعمّ وليّ، فرأيناه يخرج من باب حديقة المدرسة والظرف بيده وهو يبكي، وسمعت بعدئذ من الأساتذة أن المدير أجبره على قبوله.

دخلت أسماء المستشفى وأجريت لها العملية، لكن كان عليها أن تبقى في المستشفى أربعة أشهر أخرى أو خمسة لتستكمل العلاج، ولم يكن بإمكانهم شراء العلاج المستورد، وكأن المعاناة الحقيقية بدأت من تلك اللحظة.

تلك الفترة من أجمل أيام الربيع، فرائحة الجوّ بمنطقتنا - التي زُيّن كل جانب من جوانب شوارعها بالأشجار- قد تغيّرت، والهواء الذكي الرائحة يملأ صدورنا في الصباح، وخدودنا تحمر ونحن نذهب إلى الدرس بعد اللعب، لكن عيني العم ولي كانتا حمراوين كالدم أيضًا، ولا شك أن ذلك من كثرة البكاء.

ويسر الله سبحانه مالك الملك أمرهم، وكما يقولون: إذا أغلق الله باباً فتح ألف باب؛ فسمع محافظ منطقتنا أيضًا عن حملة التبرعات بمدرستنا وعن اشتراك كلّ من الطلبة والمعلمين فيها، فأثر فيه هذا السلوك النموذجي كثيرًا، فتابع بنفسه حالة ابنة العم ولي، وأرسل إلى وزارة الصحة خطابًا يشرح ما فعلناه، مع تقریر بحالة البنت الصحية، فنظر الوزير في الحالة، وعلم بما فعلناه، وقدّر هذه الواقعة كثيرًا، فتكفل بنفقة علاج أسماء.

وها هي ذي في الصيف دروسها التي غابت عنها، وتحسنت صحتها، حتى أسماء تدرس في فصلنا الآن، وقد ذاكرت أصبحت تأكل البرقوق والكريز من الشجرة، وتلعب معنا الاستغمائية.

ونحن سننهي الصف الخامس هذا الخامس هذا العام، وربما ستكون الأولى على صفّنا، أما العمّ وليّ فقد تقاعد العام الماضي، ولازم المسجد، وصار يُدخل السرور على قلوب المصلين ويخدمهم بما يستطيع؛ فالبر لا يبلى والديَّان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان.

اقرأ ايضا

تعليقات