اسماء الله الحسنى مكتوبة قصة مَاذَا لَوْ لَمْ أَجِدْ طَعَامًا؟
مع قصة جديدة من سلسلة قصص اسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات قصة اليوم بعنوان مَاذَا لَوْ لَمْ أَجِدْ طَعَامًا؟ وهي قصة مكتوبة للاطفال نتمنى أن تنال رضاكم.
قصة مَاذَا لَوْ لَمْ أَجِدْ طَعَامًا؟
خَرَجَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ فِي جَوْلَةٍ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ، وَلَمَّا نَظَرَ لِأَسْفَلَ رَأَى مِئَاتِ الثَّمَارِ مِنْ نَبَاتِ الصَّنَوْبَرِ مَزْرُوعَةً عَلَى هَضْبَةِ الْمَرْعَى، كَانَ يَنْتَظِرُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ مُنْذُ سَنَوَاتٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَكَانَ هُوَ الْوَحِيدُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ نَبَاتَاتٌ مِنْ بَيْنِ أَمَاكِنِ الْمِنْطَقَةِ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا، وَكَانَ هَذَا الْوَضْعُ يُحْزِنُهُ، لَكِنَّهُ الْآنَ لا يَتَمَالَكُ نَفْسَهُ مِنَ الْفَرْحَةِ.
قَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- كَمْ أَصْبَحَ الْمَكَانُ جَمِيلًا!!
ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَحِبَ بِالنَّبَاتَاتِ الصَّغِيرَةِ، فَعَرَّجَ نَحْوَ الْأَرْضِ، فَإِذَا النَّبَاتَاتُ كُلُّهَا نَائِمَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً فَاقْتَرَبَ مِنْهَا وَقَالَ لَهَا:
- أَهْلًا وَسَهْلا بكِ يَا أُخْتَاهُ، أَنَا الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ، أَعِيش فِي الْغَابَةِ الْمُقَابِلَةِ لَكُمْ.
ابْتَسَمَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ ابْتِسَامَةً تَحْمِلُ الْحُزْنَ، وَقَالَتْ:
- أَهْلًا بِكَ يَا أَخِي.
الْعُصْفُورُ نُغَيْر:
- لَقَدْ جِئْتُ مِنْ أَجْلِ التَّسَامُرِ مَعَكُمْ، لَكِنَّنِي وَجَدْتُ أَصْدِقَاءَكِ نائِمِينَ، سَأَذْهَبُ قَبْلَ أَنْ أُفْلِقَهُمْ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- أَرْجُوكَ لَا تَذْهَبْ يَا أَخِي وَلْتَتَسَامَرُ قَلِيلًا، فَإِنَّنِي مُتَضَايقَةٌ.
اِقْتَرَبَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ مِنْهَا، وَقَالَ لَهَا بِصَوْتٍ خَافِتٍ:
- حَسَنًا، فَأَنَا أَيْضًا كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْ شَخْصٍ أَتَحَدَّثُ مَعَهُ، لَكِنَّنِي أَرَاكِ حَزِينَةً.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- نَعَمْ يَا أَخِي أَنَا مُتَضَايقَةٌ جِدًا وَأَشْعُرُ بِالْحُزْنِ.
الْعُصْفُورُ:
- لَا بُدَّ أَنَّ هُنَاكَ سَبَبًا لِهَذَا الْحُزْنِ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- نَعَمْ، لَيْسَ سَبَبًا وَاحِدًا فَحَسْبُ بَلْ عِدَّةُ أَسْبَابٍ.
الْعُصْفُورُ:
- يَا تُرَى مَا هَذِهِ الْأَسْبَابُ؟
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- لَا أَدْرِي كَيْفَ سَأُحَدِّثُكَ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ أَحْكِيَ لَـكَ الْقِصَّةَ مِنَ الْبِدَايَةِ، آمل أَلَّا تَمَلَّ؟
الْعُصْفُورُ:
- مَاذَا تَقُولِينَ! أَنَا أَوَدُّ أَنْ أَسْتَمِعَ إِلَيْكِ. فَعِنْدَمَا نَبُوحُ بِهُمُومِنَا تَخِفُ عَنَّا ، وَعِنْدَمَا نُشَارِكُ أَحَدًا هُمُومَهُ وَنَجِدُ لَهُ حَلًّا نَحْصُلُ عَلَى الثَّوَابِ.
بَدَأَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تَحْكِي قَائِلةً:
زَرَعَنِي النَّاسُ فِي حَدِيقَةٍ لَدَى إِحْدَى الْغَابَاتِ، كُنْتُ دَاخِلَ ظَرْفِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ طَيِّبٌ يَرْعَانِي أَنَا وَأَصْدِقَائِي، يَرْوِينَا كُلَّ يَوْمٍ، وَيُعْرِضُنَا لِلْهَوَاءِ، وَأَحْيَانًا يَضَعُنَا فِي الظُّلْ وَأَحْيَانًا فِي الشَّمْسِ ، كَانَ يَعْتَنِي بِنَا وَيُحِبُّنَا كَثِيرًا، فَكُنْتُ سَعِيدَةً جِدًّا، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْأَيَّامَ سَتَسْتَمِرُّ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، بِالْأَمْسِ، كَانَ يَومُ الْبِيئَةِ، فَأَخَذُونَا مِنَ الْحَدِيقَةِ ، وَزَرَعُونَا هُنَا، كُنْتُ خَائِفَةٌ جِدًّا، أَخَذَنِي طِفْلٌ لَطِيفٌ، وَقَبَّلَنِي ثُمَّ زَرَعَنِي، كَانَ السُّرُورُ مُخَيِّمًا عَلَيْهِمْ، وَكَأَنَّهُمْ فِي يَومٍ عِيدٍ، تَحَوَّلَ خَوْفِي إِلَى فَرَحٍ، لَكِنْ سُرْعَانَ مَا رَحَلَ الْجَمِيعُ، وَبَقِيتُ هُنَا وَحِيدَةً، فَأَثْرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي.
اقْتَرَبَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ مِنَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ فَقَالَ:
- وَلِمَاذَا تَتَأَثرُ حَالَتُكِ النَّفْسِيَّةُ؟ أَنْظُرِي كَمْ أَصْبَحَ الْمَكَانُ جَمِيلًا بِكُمْ.
- حَقًّا، إِنَّ الْمَكَانَ أَصْبَحَ جَمِيلًا، لَكِنَّنَا كَيْفَ سَنَعِيشُ هُنَا؟
مَنِ الَّذِي سَيَرْوِينَا ؟
مَنِ الَّذِي سَيَحْرُثُ الْأَرْضَ مَنِ الَّذِي يَحْمِينَا مِنْ حَرَارَةِ الشَّمْسِ وَيُعَرِّضُنَا لِلظَّلِ؟
ضَحِكَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ.
فَقَالَتْ لَهُ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- أَنْتَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَتَحَرَّكَ ، وَلَا يَشْغَلُكَ الْعَطَشُ أَوِ الْجُوعُ، إِنَّكَ تَسْخَرُ مِنِّي، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
قَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ:
كَلَّا إِنَّ السُّخْرِيَّةَ مِنَ الْآخَرِينَ سُلُوكٌ سَيِّنٌ، أَنَا لَا أَسْخَرُ مِنْكِ، بَلْ أَضْحَكُ فَقَطْ عَلَى قَلَقِكِ وَهَمِّكِ فِي الْحُصُولِ عَلَى الْغِذَاءِ.
- أَلَسْتُ مُحِقَّةٌ فِي أَنْ أَقْلَقَ؟
- كَلَّا لَسْتِ مُحِقَّةٌ فِي هَذَا، لَكِنَّكِ عِنْدَمَا تَتَعَرَّفِينَ عَلَيْهِ فَلَنْ تَقْلَقِي مَرَّةً أُخْرَى.
- مَنِ الَّذِي تَقْصِدُ بِهَذَا الْكَلَامِ؟
- أَقْصِدُ اللهَ الَّذِي لَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بِلَا طَعَامٍ أَوْ شَرَابِ لأَنْ أَحَدَ أَسْمَائِهِ الرَّزَّاقُ، فَهُوَ يَرْزُقُ البَعْضَ وَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ، وَيَجْعَلُ الْبَعْضَ يَسْعَى وَرَاءَ رِزْقِهِ.
الصَّنَوْبَرَةُ:
- كَيْفَ ذَلِكَ؟
- إِنَّ الْكَائِنَاتِ الَّتِي لَا تَتَحَرَّكُ مِنْ مَكَانِهَا مِثْلَكِ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا بِغَيْرِ تَعَب وَدُونَ أَنْ تُحَزِكَ حَتَّى قَدَمَيْهَا، أَمَّا نَحْنُ فَتَتَحَرَّكُ وَتَبْحَثُ حَتَّى نَعْتُرَ عَلَى الرِّزْقِ، إِنْ شِئْتِ سَأَلْنَا الْأَرْضَ، أَلَا تَحْكِينَ أَنْتِ أَيْتُهَا الْأَرْضُ ؟
اَلْأَرْضُ مُتَوَاضِعَةٌ دَائِمًا، فَعِنْدَمَا سُئِلَتْ لَمْ تُجِبْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ قَالَتْ "بِسْمِ اللهِ ثُمَّ بَدَأَتْ فِي الْكَلَامِ قَائِلةً:
- أَنَا الْمُوَظَّفَةُ الْمَسْؤُولَةُ عَنْ غِذَائِكِ أَيَّتُهَا الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- هَلْ أَنْتِ الْمُوَظَّفَةُ؟
- نَعَمْ، لَقَدْ كُلِفْتُ بِهَذَا الْعَمَلِ، فَقَدْ كَلَّفَنِي رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَذَا الْعَمَلِ.
الصَّنَوبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- أَتَقْصِدِينَ الَّذِي اسْمُهُ الرَّزَّاقُ؟
- نَعَمْ، يَا أُخْتِي الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ، فَهُوَ الَّذِي هَيَّأْتِي لِهَذَا الْعَمَل فَأَنَا أُوَفِّرُ غِذَاءَ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْفَيْتَامِينَ وَالْبُرُوتِينَ وَالطَّعْمَ وَالرَّائِحَةَ وَكُلَّ هَذَا فِي النَّبَاتَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَقَدْ كُلِفَتِ النَّبَاتَاتُ بِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ، وَتَحْصُلُ النَّبَاتَاتُ عَلَى احْتِيَاجَاتِهَا مِثْلَ الْمَاءِ وَالْمَعَادِنِ مِنِّي.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- لَكِنَّكِ لَا تَبْدِينَ هَكَذَا.
الْأَرْضُ:
- صَحِيحٌ، لَكِنْ لَوْ نَظَرْتِ حَوْلَك لَعَرَفْتِ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قُلْتُهُ لَكِ.
نَظَرَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ حَوْلَهَا، فَرَأَتْ أَشْجَارًا مُخْتَلِفَةً وَأَعْشَابًا خَضْرَاءَ وَزُهُورًا مُخْتَلِفَةَ الْأَلْوَانِ...
كُلُّ شَيْءٍ يَتَغَذَّى مِنَ الْأَرْضِ.
أَرَادَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ أَنْ يُكْمِلَ الْحَدِيثَ فَاسْتَأْذَنَ ثُمَّ قَالَ:
- نَعَمْ، إِنَّهَا تُعِدُّ لَنَا كُلَّ مَا نَحْتَاجُهُ، وَأَنْتِ أَيْضًا سَتَحْصُلِينَ عَلَى غِذَائِكِ مِنَ الْأَرْضِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَسَتُحْضِرُهُ أُخْتُنَا الْغَمَامَةُ بِإِذْنِ اللهِ لِتَرْوِيَكِ، أَيْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَيَأْتِيكِ دُونَ أَنْ تَتَحَرَّكِي مِنْ مَكَانِكِ.
وَمَا عَلَيْكِ سِوَى أَنْ تَعْتَنِي بِنَفْسِكِ، فَرَبُّنَا أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا، فَكُلُّ شَيْءٍ قَدْ قَدَّرَهُ قَبْلَ خَلْقِنَا، فَهُوَ تَعَالَى سَيُطْعِمُكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَيَسْقِيكُمْ مِنَ السَّمَاءِ، وَنَحْنُ نَتَغَذَّى عَلَى مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِنْ نَبَاتَاتٍ وَفَاكِهَةٍ، فَأَنْتِ سَتَكُونِينَ سَبَبًا فِي نُزُولِ الْمَطَر؛ لأَنَّ الْغَمَامَ يُحِبُّ الشَّجَرَ، فَالْأَمْطَارُ تَكْثُرُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَكْثُرُ بِهَا الشَّجَرُ، وَالْأَرْضُ الَّتِي يَسْقُطُ عَلَيْهَا الْمَطَرُ تَكُونُ فِيهَا بَرَكَةٌ عَظِيمَةٌ، فَبِسَبَبِكِ تَزْدَادُ قُوَّةً الْأَرْضِ، فَتُوَفِّرُ لَكِ الْكَثِيرَ مِنَ الْغِذَاءِ.
فَرِحَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَتْ:
- مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّنِي سَأُفِيدُ غَيْرِي.
قَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- أَجَلْ، بَلْ إِنَّكِ سَتُفِيدِينَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، لَا تَقْلَقِي عَلَى الرِّزْقِ لأَنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- لَمْ أَعُدْ أَقْلَقُ عَلَى رِزْقِي مَا دَامَ هُنَاكَ رَبِّ اسْمُهُ "الرَّزَّاقُ" إِذًا لَا دَاعِيَ لِلْقَلَقِ.
سَمِعَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ صَوْتًا، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَى، فَرَأَى أُمَّهُ تَبْحَثُ عَنْهُ.
فَنَادَى الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ عَلَيْهَا:
- أَنَا هُنَا يَا أُمَّاهُ.
فَرَدَّتْ أُمُّهُ قَائِلَةٌ:
- هَلْ أَنْتَ هُنَا يَا بُنَيَّ، لَقَدْ قَلِقْتُ عَلَيْكَ كَثِيرًا.
- أَنَا قَادِمٌ يَا أُمَّاهُ. اسْتَأْذَنَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ مِنَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَذَهَبَ مَعَ أُمِّهِ.
اطْمَأَنَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ كَثِيرًا، وَلَمْ تَعُدُ تَقْلَقُ عَلَى رِزْقِهَا.