اسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ لَا يَنْسَى؟
اليوم مع سلسلة قصص جديدة عن اسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات وقصة اليوم بعنوان مَنْ لَا يَنْسَى؟ وهي قصة مكتوبة للاطفال نتمنى أن تنال رضاكم.
اسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ لَا يَنْسَى؟
بَيْنَمَا كَانَ الْأَصْدِقَاءُ يَتَجَاذَبُونَ أَطْرَافَ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُحَيْرَةِ، كَانَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ شَدِيدَةَ الْقَلَقِ عَلَى صَدِيقَتِهَا، فَالْحَمَامَةُ يَمَامَةُ وَعَدَتْهَا بِالْعَوْدَةِ عَلَى الْفَوْرِ وَلَكِنَّهَا تَأَخَّرَتْ.
رَاحَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تَتَطَلَّعُ نَحْوَ الْبُحَيْرَةِ بِإِمْعَانٍ، فَقَدْ لَا حَظَتْ أَنَّ هُنَاكَ ازْدِحَامًا وَجَلَبَةٌ وَلَكِنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْهَمَ مَا يَدُورُ هُنَاكَ.
- يَا عَبْقَرِيُّ، أَقْبِلْ إِلَى أَرْجُوكَ.
كَانَ الْأَرْنَبُ الْعَبْقَرِيُّ قَدْ نَامَ لِتَوِهِ، فَلَمْ يَسْمَعْ نِدَاءَهَا.
فَأَعَادَتِ النِّدَاءَ:
- يَا عَبْقَرِيُّ، أَلَا تَسْمَعُنِي؟
فَتَحَ الْأَرْنَبُ الْعَبْقَرِيُّ عَيْنَيْهِ، وَتَلَفَّتَ حَوَالَيْهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صَاحِبَ الصَّوْتِ، فَأَعَادَ الْكَرَّةَ وَعِنْدَمَا تَبَيَّنَ قَالَ:
- لَا تُؤَاخِذِينِي يَا صَنَوْبَرَةُ، لَا أَرَى بِوُضُوحٍ دُونَ نَارَتِي، إِنَّهَا الشَّيْخُوخَةُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟
حَكَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَهُ مُشْكِلَتَهَا لِلْأَرْنَبِ الْعَبْقَرِيِّ، وَبَعْدَمَا اسْتَمَعَ لِمَا قَالَتْ جَرَى نَحْوَ الْبُحَيْرَةِ، فَلَمَّا وَصَلَ شَرَحَ حَالَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ وَمَدَى قَلَقِهَا لِمَنْ حَضَرَ، وَاتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى الذَّهَابِ إِلَيْهَا.
- أَبْلِغُوهَا سَلَامِي، وَاطْلُبُوا مِنْهَا الدُّعَاءَ لِي.
وَبَعْدَ قَلِيلِ وَصَلَ الْجَمِيعُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ.
وَلَمَّا رَأَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ الْجَمِيعَ أَمَامَهَا تَعَجَّبَتْ وَقَالَتْ:
- أَهْلًا وَسَهْلًا بِكُمْ، أَيْنَ كُنْتُمْ؟ وَقَدِ اشْتَدَّ قَلَقِي عَلَيْكُمْ.
فَقَصُوا عَلَيْهَا مَا حَدَثَ بِالتَّفْصِيلِ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ الضَّفْدَعِ وَضَّاحِ مَرَّةً أُخْرَى.
تَبَسَّمَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ فِي وَجْهِ الضّفْدَع وَضاح، وَقَالَتْ: لَيْسَ مِنَ الْعَيْب أَنْ تُخْطِئَ، وَلَكِنَّ الْعَيْب أَنْ نُصِرْ عَلَى أَخْطَائِنَا. فَقَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- أَنْتِ مُحِقَّةٌ، عَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ كَيْفَ نُقْلِعُ عَنْ أَخْطَائِنَا، وَيَحْتَرِمَ بَعْضُنَا بَعْضًا وَنُحِبَّ الْآخَرِينَ، وَنُسَاعِدَ بَعْضَنَا قَدْرَ الْمُسْتَطَاعَ.
قَالَ الضّفْدَعُ الْحَكِيمُ:
- أَصَبْتُمْ يَا رِفَاقُ، فَالْحَيَاةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَاوُنٍ وَتَشَارُكِ، فَكُلُّنَا بِحَاجَةٍ مَاشَةٍ لِبَعْضِنَا الْبَعْضِ ، فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ: مَاذَا سَيَفْعَلُ بنَا الْعَطَشُ لَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْبُحَيْرَةُ؟
إِنَّنَا فِي حَاجَةٍ مَاشَةٍ إِلَى مَاءِ الْبُحَيْرَةِ لِمُوَاصَلَةِ حَيَاتِنَا ، انْظُرُوا إِلَى قَطَرَاتِ النَّدَى الْمَوْجُودَةِ عَلَى أَوْرَاقِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، فَقَدْ وَصَلَتْ قَطَرَاتُهَا إِلَى هُنَا.
إِنَّ هَذَا لَيْسَ شَيْئًا عَظِيمًا بِالنِّسْبَةِ لِقُدْرَةِ اللَّهِ ، فَبِقُدْرَتِهِ تَعَالَى تَصِلُ السُّحُبُ الَّتِي تَتَكَوَّنُ نَتِيجَةَ عَمَلِيَّةِ تَبَخْرِ الْمِيَاهِ وَتَصَاعُدِ لْبُخَارِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَحْمِلُ السُّحُبُ قَطَرَاتِ الْمِيَاهِ إِلَى الْمَخْلُوقَاتِ فِي أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ عَنِ الْمَاءِ.
- أَنَسِيتُمُونِي؟!
تَعَلَّقَتْ أَنْظَارُ الْجَمِيعِ بِالْأُفُقِ حَيْثُ مَصْدَرُ الصَّوْتِ. وَإِذَا بِالرِّيَاحِ، تُطِلُّ بِمُحَيَّاهَا الْجَمِيل، وَتَقُولُ:
- أَنَا الرِّيَاحُ الْمُكَلَّفَةُ بِحِمَايَتِكُمْ مِنَ الْحَرِ الشَّدِيدِ فِي الصَّيْفِ وَبِسَوْقِ السَّحَابِ فِي الشَّتَاءِ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تُلَاحِظُونَ ذَلِكَ.
- شُكْرًا جَزِيلًا أَيَّتُهَا الرِّيَاحُ، جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا.
اسْتَحْيَتِ الرِّيَاحُ، وَقَالَتْ:
- اللَّهُمَّ لَا فَخْرَ، أَرَدْتُ فَحَسْبُ أَنْ أُعَرِفَكُمْ فَضْلَ الَّذِي كَلَّفَنِي بِهَذِهِ الْوَظِيفَةِ عَلَيْكُمْ.
سَأَلَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- عَمَّنْ تَتَحَدَّثِينَ؟
أَجَابَتْ:
- إسْأَلُوا الْأَرْنَبَ الْعَبْقَرِي، فَلَوْ تَحَدَّثْتُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَقَصَّرْتُ فِي عَمَلِي، وَدَاعًا أَتَمَنَّى لَكُمْ وَقْتًا مُفِيدًا.
الْتَفَتَ الْجَمِيعُ نَحْوَ الْأَرْنَبِ الْعَبْقَرِي، فَرَفَعَ الْأَرْنَبُ نَظَّارَتَهُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلْ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْمَوَاضِيعِ الْهَامَّةِ، وَبَدَأَ حَدِيثَهُ قَائِلًا:
- أَنْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَصْلًا، مَنْ حَفِظَ لَنَا الْمَاءَ فِي الْبُحَيْرَةِ، هُوَ مَنْ كَلَّفَ الرِّيَاحَ بِهَذَا، إِنَّهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ، ثُمَّ أَكْمَلَ:
- إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَسْمَائِهِ الْحَفِيظُ، فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْمِي الضَّفَادِعَ مِنْ حَرَارَةِ الصَّيْفِ الْحَارِقَةِ وَمِنْ بَرْدِ الشَّتَاءِ الْقَارِسِ، كَمَا يَحْمِي الْأَسْمَاكَ فِي أَعْمَاقِ الْبِحَارِ مِنْ بُرُودَةِ الْمِيَاهِ الشَّدِيدَةِ، وَلِلرِّيَاحِ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَنْظِيمِ حَرَارَةِ الْجَو.
- مَا أَجْمَلَ شَرْحَكَ يَا عَبْقَرِيُّ ! وَاسْمُ الْحَفِيظِ يَا أَصْدِقَاءُ لَهُ مَعَانٍ جَلِيلَةٌ، اللهُ حَفِيظٌ لَا يَعْزُبُ أَيْ لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، وَيَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ، وَلَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُمَا، وَيَحْفَظُ أَعْمَالَ الْمُكَلَّفِينَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَيَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَسْمَاعَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ وَجُلُودَهُمْ، وَالْحَفِيظٌ مَعْنَاهُ أَيْضًا الْحَافِظُ لِمَخْلُوقَاتِهِ مِنَ الشَّرِ وَالْأَذَى وَالْهَلَكَةِ وَالْبَلَاءِ.
نَعَمْ، إِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُكتَبُ وَيُسَجِّلُ، فَأَقْوَالُنَا وَأَفْعَالُنَا بَلْ وَحَتَّى أَفْكَارُنَا تُرَاقَبُ ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ سُبْحَانَهُ مُطْلَقَةٌ، وَعِلْمُهُ لَا حَدَّ لَهُ.
- لِهَذَا نَلْجَأُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، اَلْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَرَى كُلَّ مَا نَفْعَلُهُ وَيُرَاقِبُنَا.
مَا زَالَ الضّفْدَعُ وَضَّاحٌ مُتَأَثَرًا، فَقَالَ:
- إِنَّ مَا تَقُولُونَهُ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ هَلْ يَنْفَعُ النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلْتُ؟ فَقَدْ قَضَيْتُ جُزْءًا كَبِيرًا مِنْ حَيَاتِي فِي إِيذَاءِ الْآخَرِينَ، كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّ الزَّعَامَةَ وَالشَّجَارَ وَالْعُنْفَ خَيرٌ، أَيْنَ ذَهَبَ عَنِّي عَقْلِي؟
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- كَفَاكَ يَا وَضَّاحُ، دَعْكَ مِنْ هَذَا الْعِتَابِ وَالتَّحَسُّرِ، إِنَّكَ ضفدع كريمٌ، وَقَلْبُكَ طَيّب مليء بالخَيْرِ، أَتْرُكِ الْمَاضِي وَفَكَرْ الْمُسْتَقْبَلِ، اِعْكِسُ حُسْنَ سَرِيرَتِكَ عَلَى أَفْعَالِكَ وَافْعَلَ الْخَيْرَ دَائِمًا، وَاسْتَخْدِمْ كُلَّ طَاقَتِكَ فِي الْمَعْرُوفِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّكَ وَلِهَذَا مَنَحَكَ هَذِهِ الْفُرْصَةَ، اِسْتَغِلَّ مَا تَبَقَّى مِنْ عُمُرِكَ جَيّدًا.
- لَكِنْ أَفْعَالِي السَّيِّئَةَ مَكْتُوبَةٌ عَلَيَّ، أَلَنْ أَجِدَ أَفْعَالِي هَذِهِ أَمَامِي ثَانِيةً؟
مَسَحَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ عَلَى ظَهْرِ الضّفْدَعِ وَضَّاحِ، وَقَالَ الْأَرْنَبُ الْحَكِيمُ لَهُ:
- إِنَّ مِنْ أَسْمَاءِ رَبَّنَا أَيْضًا: "التَّوَّابَ، أَي الَّذِي يَتُوبُ عَلَى عِبَادِهِ فَيَقْبَلُ تَوْبَةَ مَنْ يَتُوبُ إِلَيْهِ، إِنَّهُ يُحِبُّ عِبَادَهُ الَّذِينَ يَنْدَمُونَ عَلَى أَخْطَائِهِمْ وَيَرْجِعُونَ عَنْهَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تُعْرَضُ أَعْمَالُهُمُ الصَّالِحَةُ، وَيَنْجُو بِفَضْلِهِ تَعَالَى تَارِكُو الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا أَلْبَتَّةَ، وَيَمْحُو ذُنُوبَ عِبَادِهِ التَّائِبِينَ النَّادِمِينَ، وَيُبَدِّلُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ، فَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَاسِعُ الرَّحْمَةِ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَعِيشَ حَيَاتَكَ الْقَادِمَةَ فِي طَاعَتِهِ، قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (النَّدَمُ تَوْبَةٌ وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) قَالَ الضّفْدَعُ الْحَكِيمُ :
- قَبْلَ تَوْبَتِكَ كُنتُ لَا أُحِبُّكَ قَطُّ يَا وَضَّاحُ، أَمَّا الْآنَ فَقَدْ تَغَيَّرَ الْحَالُ، وَنَسِيتُ كُلَّ أَفْعَالِكَ السَّيِّئَةِ، وَأَصْبَحْتَ أَخِي الْحَبيبَ.
- قَالَ اللهُ : ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورُ رَحِيمٌ ﴾ .
اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، اللهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.
تعليقات
إرسال تعليق