اسماء الله وصفاته قصة على ألسنة الحيوانات بعنوان كَيْفَ أَعِيشُ؟
مع قصة جديدة في سلسلة اسماء الله وصفاته وقصة اليوم بعنوان كَيْفَ أَعِيشُ؟ وهي قصة مكتوبة على ألسنة الحيوانات نتمنى أن تنال رضاكم.
قصة كَيْفَ أَعِيشُ؟
اشْتَدَّتْ حَرَارَةُ الظَّهِيرَةِ لِدَرَجَةِ أَنَّ التَّنَفُسَ أَصْبَحَ صَعْبا وَكَانَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ تَطِيرُ بِصُعُوبَةٍ، فَلَمْ تَعُدْ تَقْدِرُ عَلَى الطَّيرَانِ، عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَرِيحَ فِي الظِّلِ، وَعِنْدَمَا جَاءَتْ إِلَى جِوَارِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ رَأَتْهَا نَائِمَةً.
وَنَظَرَتْ إِلَى أَشْجَارٍ أُخْرَى فَوَجَدَتْهَا نَائِمَةً أَيْضًا ، فَتَلَفَّتَتْ يَمِينًا وَيَسَارًا فَلَمْ تَجِدْ مَكَانًا أَنْسَبَ مِنْ غُصْنِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ لِتَحُطَّ عَلَيْهِ.
ثُمَّ وَجَدَتِ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ أَلْطَفَ مِنْ غَيْرِهَا ، وَكَانَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ نَائِمًا فِي ظِلِّهَا فَاضْطُرَّتْ أَنْ تَحُطَّ عَلَى غُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ.
فَارْتَعَشَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا وَتَفَقَّدَتْ مَا حَوْلَهَا بِنَظَرَاتٍ حَائِرَةٍ، لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَرَى الْفَرَاشَةَ الصَّغِيرَةَ .
فَخَجِلَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ خَجَلًا شَدِيدًا وَقَالَتْ :
- مَعْذِرَةً أُخْتَاهُ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ قَدْ تَسَبَّبْتُ فِي إِزْعَاجِكِ لَمَّا جِئْتُ لِأَحْتَمِي بِظِلِك مِنْ هَذِهِ الْحَرَارَةِ.
- مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟
- خَرَجْتُ مَعَ أُتِي لِلْتَنَزُّهِ، فَطِرْتُ بِسُرْعَةٍ لِكَيْ أُثْبِتَ لَهَا أَنَّنِي كَبِرْتُ، فَسَبَقْتُهَا.
- أَلَا تَرَيْنَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِلْتَنَزُّهِ لَيْسَ مُنَاسِبًا فِي هَذِهِ الْحَرَارَةِ؟
فَشَكْلُكِ جَمِيلٌ، أَلَا تُؤَثِرُ الشَّمْسُ عَلَيْكِ؟
- بِالطَّبْعِ تُؤَثِرُ عَلَيَّ، لَكِنْ لَيْسَ بِقَدْرٍ كَبِيرٍ.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- عَجَبًا.
فَسَأَلَتْهَا الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- وَفِيمَا الْعَجَبُ؟
الْعَجَبُ لِأَنَّكِ لَمْ تَتَأَثَرِي مِنَ الشَّمْسِ فِي حِينِ أَنَّنِي سَأَتَشَققُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَلَوِ اسْتَمَرَّتِ الْحَرَارَةُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ فَسَأَمُوتُ.
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- لَا تَخَافِي، فَإِنْ كُلِّ الْمَوْجُودَاتِ يُوجَدُ مَنْ يَحْمِيهَا، أَنْظُرِي حَوْلَكِ إِلَى هَذِهِ الْأَشْجَارِ وَالزُّهُورِ... إِنَّهَا تَعِيشُ، أَلَيْسَ كَذَلِكِ؟
- بَلَى..
- أَنْظُرِي إِلَى زَهْرَةِ الزَّعْفَرَانِ هَذِهِ، كَيْفَ تَتَمَسَّكُ بِالْحَيَاةِ!
هَلْ تَرَيْنَ ظِلَّا حَوْلَهَا؟
- لا...
- حَسَنًا، هَلْ أَنْتِ أَضْعَفُ مِنْهَا؟
فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ تَحَرَّكَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ، وَقَدِ انْزَعَجَ مِنَ الصَّوتِ.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ بهدوء:
- عَلَيْنَا أَنْ نُخَفِّضَ صَوْتَنَا يَا أُخْتِيَ الْفَرَاشَةَ، كَيْ لَا نُزْعِجَ الْعُصْفُورَ نُغَيْرًا، فَهُوَ مُتْعَبٌ.
خَفَّضَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ صَوْتَهَا:
- أَنَا أَبْدُو أَضْعَفَ مِنْ زَهْرَةِ الزَّعْفَرَانِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
- بَلَى، أَنْتِ كَذَلِكِ.
- لَكِنَّنِي أَعِيشُ، وَهِيَ تَعِيشُ، أَنْظُرِي إِلَى الْأَشْجَارِ الْعِمْلَاقَةِ، إِنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً، وَتَرَعْرَعَتْ تَحْتَ حَرَارَةِ الشَّمْسِ الْمُحْرِقَةِ.
تَوَقَّفَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَتْ:
- أُمِّي قَادِمَةٌ، فَأَنَا أَشُمُ رَائِحَتَهَا، أَنَا هُنَا يَا أُمَّاهُ!
رَأَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ صَغِيرَتَهَا، فَاقْتَرَبَتْ مِنَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، ثُمَّ قَالَتْ لِصَغِيرَتِهَا مُعَاتِبَةً:
- لِمَاذَا تَرَكْتِ أُمَّكِ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ وَجِئْتِ إِلَى هُنَا؟
ثُمَّ قَالَتْ لِلصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ:
- هَلْ يُمْكِنُنِي يَا أُخْتِيَ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ أَنْ أَحُطَّ عَلَى أَحَدٍ أَغْصَانِكِ؟
لَقَدْ تَعِبْتُ كَثِيرًا بِسَبَبٍ هَذِهِ الْمُتْعِبَةِ.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- بِالطَّبْعِ، لَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ هَادِئِينَ، فَالْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ نَائِمٌ.
حَطَّتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ عَلَى أَحَدٍ أَغْصَانِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَكَانَتْ تَلْهَثُ مِنَ التَّعَبِ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ بَدَأَتْ تَتَنَفَّسُ بِشَكْلٍ طَبِيعِي، نَظَرَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ إِلَى الْفَرَاشَةِ الْأُمِّ وَابْنتِهَا، كَانَتَا جَمِيلَتَيْن، وَيُوجَدُ عَلَى أَجْنِحَتِهِمَا الْمُلَوَّنَةِ نَفْسٍ جَمِيلٌ.
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- آسِفَةٌ يَا أُمَّاهُ، لَمْ أَكُنْ أَدْرِي أَنَّكِ سَتَتْعَبِينَ بِهَذَا الْقَدْرِ، لَنْ أَفْعَلَ هَذَا ثَانِيَةً.
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ:
تَعَبِي لَيْسَ مُهِمَّا يَا صَغِيرَتِي، وَلَكِنِّي خِفْتُ أَنْ تَضِلّي الطَّرِيقَ، فَأَنْتِ مَا زِلْتِ صَغِيرَةً، وَلَا تَعْرِفِينَ هَذِهِ الطُّرُقَ جَيْدًا.
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- أَنْتِ مُحِقَّةٌ يَا أُمَّاهُ، انْظُرِي لَقَدْ تَعَرَّفْتُ عَلَى الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ هَذِهِ.
- حَسَنًا يَا صَغِيرَتِي، حَمَاكِ اللهُ، وَلَكِنْ مَاذَا لَوْ سَقَطْتِ فِي نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ دُونَ قَصْدِ؟!
لَقَدْ لَفَتَتْ كَلِمَةُ الْعَنْكَبُوتِ انْتِبَاهَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ فَقَالَتْ:
- هَلِ الْعَنْكَبُوتُ الَّذِي تَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ سَيئ لِهَذِهِ الدَّرَجَةِ؟
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ:
- لَا يَا أُخْتِيَ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ، لَمْ أَقْصِدْ أَنَّهُ سَيِّقٌ، وَلَكِنَّهُ يَتَغَذَّى عَلَى الْفَرَاشَاتِ وَالْحَشَرَاتِ، فَهُوَ يُحَاوِلُ الْإِمْسَاكَ بنَا، بِاسْتِخْدَامِ الْمَهَارَةِ الَّتِي وَهَبَهَا اللهُ لَهُ، وَنَحْنُ نُحَاوِلُ الْهَرَبَ مِنْهُ بِاسْتِخْدَامِ الْمَهَارَةِ الَّتِي وَهَبَهَا اللهُ لَنَا، أَنْظُرِي لَقَدْ وَصَلْتُ إِلَى هَذِهِ السنّ وَلَمْ يُمْسِكُ بي.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ هَذَا الْمَوْضُوع أَنَا وَالْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ، وَنَتَسَاءَلُ كَيْفَ أَنَّ الْفَرَاشَاتِ تَحْمِي نَفْسَهَا هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الزَّمَنِ مِنْ حَرَارَةِ الشَّمْسِ.
قَالَتِ الْفَرَاشَةُ الأم:
- هَذَا لَا يُعَدُّ شَيْئًا بِجَانِبِ مَصَاعِبِ الْحَيَاةِ، عِنْدَمَا تَعِيشِينَ فِي أَيَّامِ الشَّتَاءِ الْقَارِسِ سَتَرَيْنَ أَنْ بُرُودَةَ الشَّتَاءِ الْفَارِسِ صَعْبَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الثَّلُوجَ شَدِيدَةَ الْبَيَاضِ سَتُحِيطُ بِكِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
تَحَيَّرَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَتْ :
- هَلْ تَعْنينَ أَنَّ الشَّتَاءَ أَصْعَبُ مِنَ الصَّيْفِ؟
الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ:
- كِلَاهُمَا صَعْبٌ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةَ وَهِيَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَصَدَّى لِتِلْكَ الصُّعُوبَاتِ كُلُّ حَسَبَ قُدْرَتِهِ.
بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الصَّيْفَ وَالشَّتَاءَ ضَرُورِيَّانِ مِنْ أَجْلِ اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ.
ثُمَّ تَابَعَتْ حَدِيثَهَا قَائِلَةٌ:
- إِنَّ اللَّهَ مَا هُوَ الْوَاحِدُ الَّذِي يَحْمِينَا مِنْ تِلْكَ الشَّمْسِ الْمُحْرِقَةِ.
أَضَافَتِ الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- إِنَّهُ يَحْمِينَا مِنْ بَرْدِ الشَّتَاءِ أَيْضًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ يَا أُمَّاهُ؟
- بِالطَّبْع يَا صَغِيرَتِي، فَكُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي يَخْلُقُهَا الله له مُفِيدَةٌ، كَاللَّيْل وَالنَّهَارِ وَالصَّيْفِ وَالشّتَاءِ.
- هَلْ هُوَ الَّذِي يَحْمِينَا مِنْ كُلِّ الْمَصَاعِب؟
- بِالطَّبْعِ، فَمِنْ أَسْمَائِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أَيْ صَاحِبُ الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ الَّذِي يَرْعَى خَلْقَهُ، فَكُلُّ خَلْقِهِ خَاضِعٌ لِرَحْمَتِهِ وَشَفَقَتِهِ، فَهُوَ الَّذِي يَحْمِي الْفِيَلَةَ الضَّخْمَةَ، وَالنَّمْلَ الصَّغِيرَ، وَزَهْرَةَ الزَّعْفَرَانِ الضَّعِيفَةَ.
وَلَمَّا سَمِعَتْ زَهْرَةُ الزَّعْفَرَانِ اسْمَهَا قَالَتْ:
- إِنَّكُمْ تَتَحَدَّثُونَ فِي مَوْضُوعِ جَمِيلٍ، كُنْتُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي قَلِقَةٌ جِدًّا، فَقَدِ ازْدَادَ الْبَرْدُ وَجَفٌ بَدَنِي، وَغَطَّانِيَ الثلْجُ، وَلَكِنَّ جَوْفَ الْأَرْضِ كَانَ دَافِئًا، وَأُحِيطَ جِذْرِي بِغِطَاءٍ، وَقَدْ عِشْتُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ طَوَالَ الشَّتَاءِ، وَبَقِيتُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ حَتَّى حَانَ فَصْلُ الربيع، لَمْ أَعُدْ أَقْلَقُ بَعْدَ الْآنِ، فَإِنَّنِي أُفَكِّرُ بِأَنَّ اللَّهَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ هُوَ الَّذِي سَيَحْمِينِي دَائِمًا كَمَا حَمَى جُذُورِي بِغِطَاء صَغِيرٍ فِي الشَّتَاءِ الْمَاضِي.
قَائِلَةً:
تَوَقَّفَتْ زَهْرِةُ الزَّعْفَرَانِ عَنِ الْكَلَامِ بَعْضَ الشَّيْءِ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ :
- اسْمَحُوا لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا آخَرَ. وَقَدْ أَوْمَأَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ وَالصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ بِالْمُوَافَقَةِ. فَقَالَتْ :
- فِي أَحَدِ أَيَّامِ الشَّتَاءِ وَجَدْتُ بِجَانِبِي ثُعْبَانًا يَنَامُ، فَخِفْتُ كَثِيرًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الثعَابِينَ ضَارَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، فَقَالَ لِي: لَا تَخَافِي يَا أُخْتِيَ الزَّعْفَرَانَ، فَأَنَا لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ شَيْئًا فِي فَصْلِ الشَّتَاءِ، وَلَوْ أَكَلْتُ، فَآكُلُ الْقَلِيلَ مِنَ التُّرَابِ، فَلَنْ أَمَسَّكِ بِضَرَرٍ.
وَبِالْفِعْلِ رَقَدَ بِجَانِبِي طَوَالَ الشَّتَاءِ بِلَا حَرَكَةٍ.
الْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- مَعْنَى هَذَا أَنَّ اللَّهَ لا يَرْعَاهُ أَيْضًا.
اَلْفَرَاشَةُ الْأُمُّ:
إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَرْعَى كُلَّ شَيْءٍ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَيَهَبُ بَعْضَهَا قُدْرَةَ رِعَايَةِ نَفْسِهَا ، وَالْبَعْضُ مِنْهَا يُمَلِكُهَا لِغَيْرِهَا فَيَرْعَاهَا صَاحِبُهَا، وَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ الْحَيَوَانَاتُ الْأَلِيفَةُ يَتَوَلَّى أَصْحَابُهَا رِعَايَتَهَا.
اَلْفَرَاشَةُ الصَّغِيرَةُ:
- مَلَأَ رَبُّنَا قُلُوبَ الْأُمَّهَاتِ بِالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ لِرِعَايَةِ أطفَالِهِنَّ، أَلَيْسَ كَذَلِكِ يَا أَمَّاهُ؟
ثُمَّ جَلَسَتْ فِي حِضْنَ أُمِّهَا.
قَبْلَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ صَغِيرَتَهَا ثُمَّ قَالَتْ:
- لَكِنْ يَجِبُ أَلَّا نَنْسَى الْآبَاءَ؟
وَفِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ اسْتَيْقَظَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ وَهُوَ يُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ وَقَالَ:
- يَا رَبِّي، لَقَدْ نِمْتُ كَثِيرًا.
طَارَتِ الْفَرَاشَةُ الْأُمُّ وَصَغِيرَتُهَا بِسُرْعَةٍ دُونَ أَنْ تَنْتَظِرًا مَجِيءَ الْعُصْفُورِ نُغَيْرِ، تَحَيَّرَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ كَثِيرًا.
ضَحِكَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ لَمَّا رَأَى الْفَرَاشَةَ الْأُمَّ وَصَغِيرَتَهَا تَهْرُبَانِ فِي هَلَعٍ، وَقَالَ:
- لَقَدْ هَرَبَنَا مِنِّي.
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- هَلْ يَهْرُبُونَ مِنْكَ؟
قَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ:
- نَعَمْ، إِنْ لَمْ يَهْرُبَا لَكُنْتُ أَكَلْتُهُمَا، فَهُمَا وَجْبَةُ غَدَاءٍ لَيْسَتْ سَيِّئَةٌ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- إِنَّ اللهَ يَرْعَى كُلَّ مَخْلُوقَاتِهِ بِاسْمَيْهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَا يَحمِيهِمْ مِنْكَ؟
الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- هَا هُوَ قَدْ حَمَاهُمَا، فَلَوْ لَمْ يَحْمِهِمَا لَكُنْتُ طَرَحْتُهُمَا أَرْضًا بِجَنَاحَيَّ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- كَيْفَ حَمَاهُمَا؟
الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ :
- حَمَاهُمَا بِأَنْ وَهَبَهُمَا مَهَارَةَ الِاسْتِشْعَارِ وَالطَّيَرَانِ بِسُرْعَةٍ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- مَهَارَةَ الِاسْتِشْعَارِ وَالطَّيَرَانِ بِسُرْعَةٍ؟
الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- نَعَمْ.
لَمْ تَعُدِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تَخَافُ شَيْئًا بَعْدَ الْآنِ، وَلَمْ تَعُدْ تَتَأَثَّرُ مِنْ حَرَارَةِ الشَّمْسِ كَمَا كَانَتْ مِنْ قَبْلُ.