الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة

الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة

قصة الشقيقان المحسنان تجسيدا لمعنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة

الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة
مع قصة جديدة وقصة اليوم بعنوان الشقيقان المحسنان تجسيدا لمعنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة نتمنى أن تنال رضاكم.

الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق

كانت السماء ترسل مطرًا خفيفًا على أراضي أريحا المباركة في منتصف شهر نيسان/إبريل، وجبال النور التي تقع خلف البلدة مباشرة تمتد على طول البحر الأبيض المتوسط، حتى إن كل بقعة منها على مد البصر خضراء ناضرة من القمم حتى الشواطيء.

خرج أهالي هذه البلدة الجملية من المسجد بعد أن أدوا صلاة العيد، ومن وسط الجموع الغفيرة دخل الشقيقان وعبرا الفناء مسرعين، ثم خرجا من المسجد، وأخذا يركضان كأنهما يتسابقان أما أخوه معًا، تقدم أكبرهما الذي يناهز الحادية عشرة من عمره، الأصغر بعامين فقد تخلف عنه لقصر خطواته، لم يقطع مسافة ۳۰۰ متر بعد حتى أحس بالتعب، لم يقو على الاستمرار، فتوقف عن الجري، ونادى أخاه الأكبر من خلفه قائلًا:

- أخي بلال، لقد تعبت كثيرًا!

تمهل بلال، ثم توقف وجلس على جدار الحديقة، فقال له أخوه وقد لحق به عبوس الوجه:

- لماذا لم تنتظرني؟

فأجابه بلال ضاحكا:

- تعلم الجري بدلا من أن تعاتبني يا ثابت.

قفز ثابت وجلس بجانب أخيه الأكبر، خلع العقد الذي في عنقه وأخذ يقلبه بين راحتيه كان قد صنعه هو وأخوه الأكبر من زهور البرتقال، وسيهدونه لوالدتهما في العيد؛ ضم ثابت العقد بين راحتيه الصغيرتين، ورفعه إلى أنفه، وأخذ يشمّه، ثم أغمض عينيه وقال:

- اللهم صل على سيدنا محمد.

شم عقد الزهور مرة بعد أخرى، وفي كل مرة كان يصلي على الرسول .

كان بلال طول هذا الوقت يراقب سلوك أخيه، فقال في هدوء وصمت :

- عزيزي، ما في يديك ليس وردًا كلما شممته صليت على الرسول، فأبي إنما كان يصلي على الرسول حينما يشم الورود.

اعترض ثابت فورًا قائلًا:

لا، إنّ أبي كان يصلي على الرسول كلما تذكره، وأنا أيضًا تذكرته عندما شممت هذا العقد؛ فصليت عليه.

لم يُضف بلال شيئًا لأنه كان يعرف أخاه جيدًا، لا يتراجع عن قوله، وما قاله الآن كان قولاً صائبًا وليس بخطأ.

سأله بلال ليغير موضوع الحديث:

- ها، وماذا سنفعل الآن؟

هز ثابت كتفيه بالموافقة، فنزل بلال فورًا من فوق الجدار وقال:

- أولا نقبل أيدي والدتنا، ثم نقلدها هذا العقد، ثم انطلقا نحو إلى المنزل.

الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة
أخذ ثابت يتأمل المكان من حوله بينما كان يتبع أخاه، فعند حلول شهر نيسان/إبريل يتغير الجو في هذه الناحية، وفي أواسط هذا الشهر تخرج إلى النور أجمل ثمار أشجار البرتقال وتتفتح الزهور، وتفوح من زهور البرتقال رائحة غاية في الجمال حتى إنَّ الناس جميعًا لطالما كانوا يتأثرون بها ، فقد كان أهالي هذه الناحية يستنشقون هذه الرائحة الطيبة أوقات الغروب في الطرقات والشرفات بل داخل منازلهم أيضًا، وبينما كان الشقيقان يسيران شاردين إذ ناداهما أحدهم قائلاً:

- أيها الطفلان، دقيقة من فضلكما.

التفت كل من بلال وثابت ناحية الصوت، فإذا بسيارة ذات طراز قديم تقف في الناحية المقابلة للطريق، يجلس في مقعد السائق بداخلها شاب ضخم الجثة ذو شارب كثيف، فإذا به يطلب المساعدة :

- تعطلت السيارة هل بإمكانكما أن تدفعاها قليلا؟

اتجه الطفلان من فورهما ناحية السيارة، وهناك رأيا شيخًا كبيرًا ذا لحية بيضاء يجلس على المقعد المجاور لمقعد السائق .

شرعت السماء تمطر مطرًا خفيفًا، فتقلد ثابت العقد الذي في يده، وأخذ يدفع السيارة بكل ما أوتي من قوة؛ أخذ بلال أيضًا مكانه بجانب أخيه، وراح هو الآخر يدفع بكل قوته تلك السيارة القديمة، ولكن دون جدوى؛ لم تتزحزح السيارة عن مكانها، حاول الشقيقان مرة بعد أخرى، ولم يُفلِحا، فقال بلال:

- اترك هذا يا ثابت فقوتنا لا تكفي لدفعها. غَضب ثابت عندما انتبه لقول أخيه وصاح قائلا:

- آه آه !

لقد عَلِقَ العقد المتدلي من عنقه بصندوق السيارة فانقطع، مال ثابت كي يلتقطه قبل أن يسقط على الأرض، فكان ما كان..

و صدمت رأسه بمصد السيارة.

ودوت صيحته وهو يصرخ قائلا:

- آه ! رأسي..

وبينما كان ثابت يدلك رأسه، إذ به يرى العقد الذي سقط على الأرض، فنسي ألمه،

ومال ليلتقط العقد من وسط الطين وحاول أن ينفض الطين عنه وينظفه.

أمسك بلال بذراع أخيه وسحبه وهو يقول:

- هلم بنا یا ،ثابت لنذهب من هنا، أخرج الشاب الذي يجهل ما حدث رأسه من نافذة السيارة الأمامية وناداهما قائلًا:

- يا أطفال لقد نسيت أن أشد كابح اليد، هيا حاولا من جديد. فأجابه ثابت الغضوب وقد بدا على وجهه الغضب
الشقيقان المحسنان قصة تجسد معنى البر حسن الخلق قصة تربوية للاطفال والناشئة
- ليدفعها الجد الجالس بجانبك، فهو يجلس كالباشوات. كان يقصد بكلمته تلك «افعلوا ما شئتم!»

لكنه لم يقل شيئًا، وكَسَا الغضب وجهه، وسبب استيائه هذا أن الرجل الكبير لم ينزل من السيارة ولم يقدم لهما المساعدة.

وأخذ يتمتم وهو يسير خلف أخيه الأكبر قائلًا:

- هو رجل مسن ؛ وأنا لم أناهز التاسعة من عمري بعد، فإذا كان هو لا يقوى على دفع السيارة، فهل أنا سأقدر؟

لـم يكادا يمشيان خمس خطوات أو عشرًا حتى سمعا صوت باب السيارة يُفتح، كان الشاب قد خرج وشرع يناديهم من خلفهم ويقول:

- حسنا يا أطفال، أبي سيدفع معكمـا أيضًا، لنحاول مـرة أخرى !

يجب أن ندرك المشفى .

ولما سمع بلال كلمة مشفى توقف فجأة، وعاد بسرعة وأخذ مكانه خلف السيارة، ثم جاء ثابت أيضًا بجانب أخيه الأكبر وقد عقد الجزء المقطوع من العقد الذي في يده،

وفي تلك الأثناء فتح باب السيارة الأيسر، وخرج الرجل المسن ذو اللحية البيضاء أيضًا ليساعد الأطفال، أسند الطفلان راحاتهم على السيارة ولم ينتظروه، سحبا أرجلهما قليلاً للخلف ومالا بجسديهما إلى الأمام مباشرة، فهما بحالهما هذه يشبهان القوس المشدود، وبينما كان ثابت يدفع بكل قواه لاحظ أن بلالا يقف مستقيما بلا حركة.

اشتد غضبه، فصاح قائلا:

- ما لك لا تدفع؟

لم يجبه بلال، وكان ينظر يمينه وهو متسمر في مكانه، اعتدل ثابت بفضول، وإذا به يرى الشيخ الكبير بجانب أخيه الأكبر وهو يحاول أن يدفع العربة، فارتجف لرؤيته، كانت قدم الشيخ اليمني مقطوعة من الركبة، فأخذ مكانه خلف العربة مستندًا على عكازه، ثم أسند راحتيه على مصدّ العربة وحاول أن يدفعها، ولم يكن يلاحظ حتى الطفلين اللذين يتأملانه بأعين ملؤها الدهشة. تخلص الطفلان من تأثير المشهد الذي رأياه، ثم أخذا يدفعان العربة من جديد، وهما لا يزالان يرقبان الشيخ، وأخيرًا بدأت العربة تتحرك؛ زاد الطفلان من سرعتهما، أما الشيخ فلم يتحرك من مكانه، وبعد قليل دارت السيارة واتجه كل من بلال وثابت نحو الشيخ في خجل،

هطلت الأمطار بغزارة، فمسح الشيخ قطرات المطر المتقاطرة من جبينه على عينيه براحة يده ثم نظر إلى الطفلين، وقال مبتسمًا متقطع الصوت في رقة وحنو:

- جزاكم الله خيرًا يا أبنائي.

وتقدم مباشرة نحو العربة التي كانت تنتظره، لم يتمالك ثابت نفسه، فركض خلفه وناداه قائلا:

- لحظة واحدة يا جدي.

وقف الشيخ ونظر بحب إلى الطفل القادم نحوه، فقلده ثابت عقد الزهور، وقال بصوت باك:

عيد مبارك، ثم أسرع نحو أخيه الأكبر مباشرة، وامتزجت على خديه عبراته المتساقطة من عينيه مع قطرات المطر.

أخذ المسن يتأمل الطفلين اللذين يسيران تحت المطر، وأمسك العقد الذي في عنقه ثم قربه إلى أنفه وشمه بعمق، كانت رائحة زهور البرتقال المبللة بقطرات المطر رائحةً يألفها الرجل المسنّ، غير أنه ذلك اليوم أدرك لأول مرة أن رائحة هذه الزهور طيبة بهذا القدر، فرفع عينيه إلى السماء وأخذ يدعو من أعماق قلبه للطفلين.

اقرأ ايضا

تعليقات