سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة

سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة

سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة

سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة

مع قصة جديدة من سلسلة مكارم الاخلاق وقصة اليوم بعنوان غيرة عمياء وهي قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة نتمنى أن تنال رضاكم.

سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء

وهكذا بدأت ليلة أخرى من ليالي الشتاء الطويلة، كانت هناك موجة من الصقيع في الخارج، عندما كنتُ أفتح 
ستارة النافذة من وقت لآخر؛ كنتُ أرى أشجار الخوخ والتوت والكمثرى الجافة على مدّ بصري، وقد مالت 
فروعها..
اجتمع برد الشتاء القارس وظلمة الليل الحالكة، وكلما رأيتُ هذا المنظر ساورني شعور بالخوف، فأسارع 
لإسدال الستارة، ثم أعود إلى غرفتي الدافئة.
بعد تناول الطعام قص علينا والدي حكايةً جميلةً، أما سعاد فما زالت نائمة منذ المساء الأول.
والدتي:
- يمكن أن تنام الفتاة مؤقتًا في غرفة أحمد.
كان النعاس قد غلبني قليلا لكن ما إن سمعت هذا الكلام حتى طار النعاس من عيني وقلتُ:
- في غرفتي؟!
لن أسمح بذلك أبدًا، أنا لا أعطي غرفتي لأحد!
ترك والدي الحكاية ونظر إلى والدتي.
في الواقع تبدو سعاد إنسانًا رائعًا، لكني لم أستطع أن أحبها؛ لأنها ستشاركني كل أشيائي، ولما سمعت والدتي كلامي توقفت عن اتخاذ قرار في ذلك.
والدي:
- تنام هذه الليلة وغدًا نعد لها غرفة أخرى.
نمت في تلك الليلة في الصالة، لكن لم يغمض لي جفن قط، وبقيت أفكر طوال الليل:
لماذا أتت هذه الفتاة إلى منزلنا؟!
لماذا تركها والدها عندنا؟
سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة
وبعد ذلك عرفت أن سعاد التي تكبرني بعام لم تتمكن من الدراسة في القرية لفقرها ، كان أهلها قد اشتروا بقرتين الصيف الماضي، فماتت إحداهما، وجاءهم الدائن يطالب بأمواله، فأخذ البقرة الأخرى عوضًا عن دينه، فتحيرت العائلة فيما يجب فعله، فمن أين ينفقون على ابنتهم ؟
فاضطر والدها لمفارقة ابنته حبا في تعليمها، وكان قد قدم إلى بلدتنا فمرّ على متجر والدي، فحكى له القصة فقال والدي أحضرها إلينا، ولتبق معنا.
كان والداي سعيدين بوجودها معنا، أما أنا فليس بعد.
استيقظتُ في الصباح على صوت والدتي، فرأيت سعادوهي تخرج من غرفتي وتدخل الصالة وقد بدا عليها إعياء شديد، وكانت النافذة مفتوحة، فنظرت حولي بعيني الناعستين؛ فإذا بوالدتي تُخرِج الفراش إلى الشرفة، يبدو أن سعاد كانت مريضةً جدا حتى إنها بلّلت الفراش من الليلة الأولى.
أخذت والدتي بيد سعاد برفق وحنان واصطحبتها إلى الحمام.
وغرقت سعاد في صمت مدهش، وزادتها هذه الواقعة ألما فوق ألم فراق منزلها ووالديها، إنَّها صامتة دومًا، لا تكلمني ولا تلعب معي؛ تقوم من على الشفرة بسرعة وتدخل غرفتها، لم تكن تختلط بنا أبدًا، عاشت في منزلنا شهرين تقريبًا كأنها غريبة عنا.
انتهى فصل الشتاء وبدأت براعم الأشجار تتفتق.
استيقظت صباح أحد الأيام، فوجدتُ سعاد بجوار والدتي في المطبخ أخذتْ سعاد المقلاة ووضعتها على الموقد، وكانت تكسر البيض كما تفعل والدتي، لقد بدت لي وكأن تلك الفتاة الحزينة قد رحلت وحلَّتْ مكانها أخرى، أسارير وجهها منبسطة، والبسمة على ثغرها لا تفارقها ألبتة.
استندتُ إلى الباب وبدأت أراقبهما، كانتا منهمكتين في عملهما حتى إنني شعرتُ بالغيرة، وفي أثناء ذلك التفتت سعاد إلى أمي وسألتها قائلةً:
- هل سأذهب إلى المدرسة يا خالة عائشة؟
وبينما كانت والدتي تضع الأطباق على المائدة أجابتها:
- بالطبع ستذهبين إلى المدرسة يا ابنتي.
سعاد:
- ألم أتأخر؟
والدتي:
- تأخرت ولكن..
صمتت والدتي لحظةً والكوب في يدها، ولم تعرف كيف ستواصل كلامها كانت ستتحدث عن تجاوزها لسن المدرسة وعن عدم تمكن والدها من إرسالها إلى المدرسة لفقره؛ لكنها تراجعت.
غيرت والدتي الموضوع لئلا يعاود الحزن سعاد بعد أن بدأت تنسجم معنا، فقالت:
- بالفعل لقد مضى هذا العام، ولكن ستذهبين مع أحمد العام القادم إن شاء الله.
مدت سعاد يدها إلى المقلاة وذهنها شارد في المدرسة ثم سحبتها فجأة، لقد كُويَت يدها بالزيت، ففتحت صنبور الماء البارد ووضعت يدها تحته، وهي تردّد:
- ربما لا يقبلونني لكبر سني...
والدتي:
- ما هذا الكلام؟!
إذا لم يقبلوك في المدرسة، فسيقبلون مَن !
وعندما تسللت أشعة الشمس إلى المطبخ من زجاج النافذة، بدت سعاد فَرِحةً جدًّا، ويغمرها أمل انعكس على وجهها.
وفجأة التفتت إلى والدتي وسألتها من فورها بصوت صادق من صميم القلب:
- أماه ألا يمكنني أن أتعلم القراءة قبل الذهاب إلى المدرسة؟
كنتُ أستمع إلى ما يقولانه، فتعجبتُ، بل غضبت، بـل قتلتني الغيرة، وبقيت والدتي صامتةً تنظر إليها، وكانت سعاد مشدوهةً فاتحةً ،فاها فكأنها تعجب من نفسها كيف يصدر عنها مثل هذا الكلام، لم أكن أتوقع أنها ستصبح قريبة إلى والدتي في فترة قصيرة كهذه .
بعد هذا الصمت المفاجئ ؛ ابتسمت سعاد ابتسامةً خفيفة بوجه ملؤه الحزن والألم.
في ذلك الصباح، انعكست أشعة الشمس الدافئة على شعرها، وبينما كانت تتحدث أحنت رأسها قليلًا، وقالت:
- أريد أن أكتب رسالة لعائلتي في القرية.
وبينما هما يتحدثان ؛ كانت نسائم الربيع العليل تهب على المطبخ، وانحنت والدتي مبتسمةً، لتمسح قطرتي دمع تساقطتا على وجنتي سعاد، وقالت:
سنبدأ فورًا، تعالي نقرأ كتب أحمد.
دفعت الباب بعنف وهربتُ؛ كي لا أسمع سعاد وهي تصرخ من الفرح، فسمعت صوت والدتي وهي تصيح قائلةً:
سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة
- من دفع الباب وخرج؟ ثم سمعتهما تضحكان.
وفي يوم من الأيام طلبت مني سعاد أن أقرأ لها أول رسالة جاءتها من القرية، وبينما كنتُ أتهجى الكلمات محاولا إتمامها، كانت تقول وصبرها يكاد ينفد :
- هيا اقرأ، بسرعة، هيا اقر!
كانت تقوم وتقعد؛ تنتظر نهاية الرسالة، وكنت أتلكأ عمدًا، وأستمتع بذلك في سرّي، فلم تصبر عليَّ، فسحبت الرسالة بعنف حتى كادت تمزقها وقالت:
- أعطني الرسالة !
سأطلب من أمي أن تقرأها لي. وقبل أن تصل إلى الباب صرخت من خلفها بغيرة :
- هي ليست أمك، إنها أمي أنا.
كنتُ أقول ذلك، ويدها ممسكة بمقبض الباب، ثم قلتُ:
- أنا لا أحبك، ولن أعلمك القراءة.
واحمر وجهي كثيرًا من شدة الغضب، فنظرت إليّ بازدراء وقالت:
- علمتني أم لم تعلمني فسأتعلم القراءة قريبًا إن شاء الله.
ثم خرجت للحديقة ،وتركتني فأثار ذلك غضبي أكثر وأكثر.
ها هي ذي سعاد سرعان ما تعلمت القراءة باجتهادها وبمساعدة والدتي، فبدأتُ أشعر بالغيرة أكثر وأكثر بدلًا من أن أشاركها فرحتها وسعادتها بنجاحها كما لو كانت أختي فعلًا.
وفي أحد الأيام جاء ساعي البريد مرةً أخرى، يحمل رسالةً لسعاد من القرية، فاستلمت الرسالة منه بنفسي هذه المرة، فرأيتها فرصة مواتية لإطفاء نار الغيرة المتأججة في داخلي.
سلسلة مكارم الاخلاق قصة غيرة عمياء قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة
ذهبت إلى الحديقة الخلفية مزقتُ الرسالة، وألقيتُ القطع الممزقة على الأرض في زاوية مخفية، ثم قمت بحرقها، لقد احترقت الأوراق بالكامل، وبقي رمادها فقط، وبينما كنتُ أعبث في الرماد بقدمي، صرخ أحدهم خلفي بصوت عال:
- بخ !
لقد أفزعني الصوت حتى إنني قفزتُ من مكاني، فالتفتُ فإذا سعاد تصيح:
- لقد خوَّفْتُك !
لم تعلم سعاد شيئًا عما فعلتُه كانتْ تعدني أخا، فتمازحني وتلعب معي واختلط شعوري بالخوف مع شعوري بالذنب، فانعقد لساني، وبدأتُ أركض وارتباكي لا يخفى، ثم تجاهلتُ الموقف فطاردتها، وكأن شيئًا لم يكن.
لقد شعرت بالسعادة العارمة لأنه لم يُقبض علي متلبسًا بما فعلت، لكن راودني شعور غريب بالضيق، ويا له من شعور!

اقرأ ايضا

تعليقات