اسماء الله الحسنى للاطفال على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ أَحْسَنَ صُورَةَ الْحِجْل ؟
مع قصة جديد من سلسلة اسماء الله الحسنى للاطفال على ألسنة الحيوانات وقصة اليوم بعنوان مَنْ أَحْسَنَ صُورَةَ الْحِجْل ؟ وهي قصة مكتوبة نتمنى أن تنال رضاكم.
اسماء الله الحسنى للاطفال على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ أَحْسَنَ صُورَةَ الْحِجْل ؟
- أَتَرْغَبُ أَنْ أُعَرَفَكَ عَلَى الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ؟أَنَا مُتَأَكِدَةً أَنَّكَ سَتُحِبُّهَا كَثِيرًا.
- بِالطَّبْعِ أَرْغَبُ... مَتَى سَنَذْهَبُ؟
بَعْدَ قَلِيلِ إِنْ شَاءَ اللهُ... وَنَصْطَحِبُ الْعُصْفُورَ نُغَيْرًا مَعَنَا فِي طَرِيقِنَا.
وَدَّعَ الْبُلْبُلُ الْوَرْدَةَ، وَأَخْبَرَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ الدِّيكَ الْمُؤَذّنَ وَالدَّجَاجَةَ خَبَرَ الرِّحْلَةِ.
ثُمَّ طَارَا إِلَى الْحَدِيقَةِ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ، فَوَجَدَاهُ يُسَاعِدُ أُمَّهُ، وَلَمَّا رَآهُمَا الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ فَرحَ كَثِيرًا، وَكَانَتْ أَوَّلُ مَرَّةٍ يَرَى فِيهَا الْبُلْبُلَ، فَقَالَ:
- أَهْلًا وَسَهْلًا بكما، لَمْ أَتَعَرَّفُ عَلَيْكَ يَا أَخِي.
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ :
- هَذَا الْأَخُ الْبُلْبُلُ يُعَدُّ مِنْ سَاكِنِي مَزْرَعَتِنَا.
فَهِمَ الْبُلْبُلُ هَذِهِ الْمُزْحَةَ، فَقَالَ:
- نَعَمْ، أَقْضِي مُعْظَمَ وَقْتِي فِي مَزْرَعَتِهِمْ.
فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- مَا شَاءَ اللَّهُ، أَنْتَ جَمِيلٌ وَلَطِيفٌ.
غَارَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ مِنْ هَذِهِ الْمُجَامَلَةِ، فَقَالَتْ:
- أَلَسْتُ جَمِيلَةً، يَا نُغَيْرُ؟
الْعُصْفُورُ نُغَيْر:
- كُلُّ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ جَمِيلَةٌ يَا عَزِيزَتِي، سُبْحَانَ مَنْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.
وَبَيْنَمَا هُمْ فِي وَقْفَةِ التَّعَارُفِ ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ طَائِرٌ تَبْدُو عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْخَوْفِ وَالْجَزَع، إِنَّهُ الْحِجْلُ.
تَوَسَّطَ الْمَجْمُوعَةَ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ وَهُوَ يَلْتَقِطُ أَنْفَاسَهُ:
- أَنَا الْحِجْلُ، أَمْرُ بِمَوْقِف حَرِج، إِنِّي أُحَاوِلُ الْهَرَبَ مِنْ صَيَّادٍ، يَتْبَعْنِي مُنْذُ الصَّبَاحَ، وَلَا يَتْرُكُنِي وَشَأْنِي، وَعَلَى وَشْكِ أَنْ يَصِلَ وَيَرَانَا.
كَانَ الْبُلْبُلُ يَعْرِفُ الْحِجْلَ الْجَمِيلَ، فَسَأَلَهُ:
- إِنَّكُمْ طُيُورَ الْحِجْلِ تَطِيرُونَ فِي شَكْلِ مَجْمُوعَاتٍ، فَلِمَاذَا أَنْتَ بِمُفْرَدِكَ؟
اَلْحِجْلُ:
- إِنَّ الصَّيَّادَ وَجَدَ عُشَّنَا بَيْنَمَا كُنَّا نَائِمِينَ، فَاسْتَيْقَظْنَا عَلَى صَوْب الْبُنْدُقِيَّةِ، أُصِيبَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْدِقَائِنَا، وَنَجَوْنَا بِأَنْفُسِنَا بِصُعُوبَةٍ وَلَا أَعْرِفُ إِلَى أَيْنَ هَرَبَ الْآخَرُونَ؟ وَقَامَ الصَّيَّادُ بِتَعَقبي.
تَعَجَّبَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ كَثِيرًا مِنْ أَمْرِ الْحِجْل :
- حَسَبَ مَعْرِفَتِي، إِنَّ مِنْ خَصَائِصِكُمُ الطَّيَرَانَ بِسُرْعَةٍ، كَيْفَ يَسْتَطِيعُ الصَّيَّادُ مُلَاحَقَتَكَ؟
الْحِجْلُ :
- إِنَّهُ يَصْطَحِبُ كَلْبَ صَيْدٍ، وَقَدْ شَمَّ الْكَلْبُ رَائِحَتِي، وَكُلَّمَا أَعْتَقِدُ أَنَّنِي نَجَوْتُ مِنْهُمْ أَجِدُهُمْ وَرَائِي، لَا أَعْلَمُ مَاذَا أَفْعَلُ؟
كَانَ الْحِجْلُ الْجَمِيلُ يَرْتَعِدُ خَوْفًا، وَتَدُورُ عَيْنَاهُ يَمِينًا وَيَسَارًا، وَقَالَ:
- سَأُغَادِرُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَكُمْ ضَرَرٌ بِسَبَبِي، إِنَّهُمْ عَلَى وَشَكِ الْمَجيء.
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- اهْدَأْ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَطِيرَ مَعًا.
الْحِجْلُ :
- مَاذَا تَقْصِدِينَ؟
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- اسْمَعْنِي جَيْدًا، أَنْتَ سَتَبْتَعِدُ عَنَّا وَتَحُطُّ عَلَى الشَّجَرَةِ الْمُجَاوِرَةِ، وَاجْعَلِ الصَّيَّادَ يَرَاكَ، ثُمَّ اهْرُبْ نَحْوَ الصَّخْرَةِ الْكَبِيرَةِ الْبَيْضَاءِ، اِخْتَبِئ هُنَاكَ، وَنَحْنُ سَنَصِلُ إِلَيْكَ قَبْلَ الصَّيَّادِ إِنْ شَاءَ الله.
نَفَّذَ الْحِجْلُ مَا قِيلَ لَهُ وَحَطَّ عَلَى الشَّجَرَةِ الْمُجَاوِرَةِ، وَحِينَهَا رَآهُ الصَّيَّادُ وَضَغَطَ عَلَى الزِّنَادِ فَدَوَّى صَوْتُ الرَّصَاصِ الْمُرْعِبُ، وَلَوْلَا سُرْعَةُ تَحَوُّلِهِ لَأَرْدَاهُ الصَّيَّادُ قَتِيلًا، وَلَكِنَّهُ فَقَدَ عِدَّةَ رِيشَاتٍ مِنْ جِسْمِهِ الْجَمِيلِ، فَفَزِعَ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، بَعْدَهَا اسْتَجْمَعَ قُوَّتَهُ وَطَارَ نَحْوَ هَدَفِهِ.
غَضِبَ الصَّيَّادُ، وَأَخَذَ الْكَلْبُ يَنْبَحُ بِشِدَّةٍ.
وَفِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ كَانَ الْبُلْبُلُ وَالْعُصْفُورُ نُغَيْرُ وَالْحَمَامَةُ يَمَامَةُ تَخْفِقُ قُلُوبُهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَالصَّيَّادُ وَكَلْبُهُ قَرِيبَانِ مِنْهُمْ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَلْتَزِمُ الصَّمْتَ، وَكَانُوا يَعْرِفُونَ جَيْدًا أَنْ أَيُّ خَطَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ قَدْ يُودِي بِحَيَاةِ الْجَمِيعِ.
أَشَارَتْ وَالِدَةُ الْعُصْفُورِ نُغَيْرِ لَهُمْ بِأَنْ يَتْبَعُوهَا بِحَذَرٍ إِلَى مَكَانٍ آمِن فَتَحَرَّكُوا بِهُدُوءٍ نَحْوَ الْمَكَانِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، دَفْقَتْ أُمُّ الْعُصْفُورِ تغيرِ النَّظَرَ لِآخِرِ مَرَّةٍ ثُمَّ طَارَتْ إِلَّا أَنْ قَدَمَهَا عَلِقَتْ بِغُصْنٍ جَافٌ، فَانْكَسَرَ الْغُصْنُ، فَاخْتَبَأتِ الْعُصْفُورَةُ الْأُمُّ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَكِنَّ الْكَلْبَ سَمِعَ الصَّوْتَ، فَجَرَى بِسُرْعَةٍ نَحْوَهَا، وَرَفَعَ رَأْسَهُ لِأَعْلَى وَجَعَلَ يَنْبَحُ.
فَجَاءَ الصَّيَّادُ يَمْشِي عَلَى رُؤُوسِ أَصَابِعِهِ إِلَى حَيْثُ يُوجَدُ، وَأَمْسَكَ بُنْدُقِيَّتَهُ جَيْدًا وَصَوَّبَهَا لِأَعْلَى وَبَدَأَ يَبْحَثُ بِدِقَّةٍ.
فَاحْتَضَنَ الْعُصْفُورُ نُغَير أُمَّهُ، وَأَغْمَضَ الْجَمِيعُ أَعْيُنَهُمْ وَقُلُوبُهُمْ تَلهَجُ بِالدُّعَاءِ.
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ:
- رَدِّدُوا الشَّهَادَتَينِ...
- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ... وَعِنْدَمَا قَالُوهَا جَهْرًا، خَافَ الْكَلْبُ، وَهَرَبَ وَهُوَ يَنْبَحُ. وَلَمَّا رَأَى الصَّيَّادُ هُرُوبَ كَلبِه زَجَرَهُ لِيَرْجِعَ لَكِنَّهُ أَبَى ثُمَّ تَوَارَى الإِثْنَانِ عَن الْأَنْظَار.
أَخَذَ الْأَصْدِقَاءُ نَفَسًا عَمِيقًا وَحَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَدِّقُوا أَنَّهُمْ نَجَوْا، كَانَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ أَوَّلَ مَنِ اسْتَجْمَعَتْ قُوَاهَا فَقَالَتْ بارتباك :
- عَلَيْنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى الصَّخْرَةِ الْكَبِيرَةِ، لَا بُدَّ أَنْ نَصِلَ لِلْأخ الْحِجْل قَبْلَهُمْ.
صَاحَ الْجَمِيعُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ:
- حَسَنًا، فَلْنَذْهَبْ عَلَى الْفَوْرِ.
وَعِنْدَمَا وَصَلَ الْأَصْدِقَاءُ لِلْمَكَانِ الصَّخرِي وَجَدُوا الْحِجْلَ نَائِمًا، فَقَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- لَقَدْ نَامَ الْمِسْكِينُ مِنْ شِدَّةِ التَّعَبِ، دَعُوهُ وَلَا تُوقِظُوهُ.
وَعِنْدَمَا جَلَسَ الْجَمِيعُ لِلرَّاحَةِ، إِذَا بِصَوْتِ الْكَلْبِ يَنْبَحُ، فَأَيْقَظُوا الْحِجْلَ عَلَى الْفوْرِ.
اِقْتَلَعَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ ثَلَاثَ رِيشَاتٍ مِنْ جِسْمِهَا، وَجَمَعَتْ مِنْ أَصْدِقَائِهَا مِثْلَ ذَلِكَ وَوَضَعَتْ كُلَّ رِيشَةٍ فِي اتِّجَاهِ مُخْتَلِفِ، كَمَا وَضَعَتْ بَعْضَ الرِّيشِ فِي مَكَانِهِمْ، وَبَعْدَهَا قَالَتْ:
- هَيَّا لِنَذْهَبْ !
وَغَادَرُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ وَذَهَبُوا إِلَى مَكَانٍ صَخْرِيٌّ آخَرَ، وَاخْتَبَؤوا خَلْفَ صَخْرَةٍ مَا، وَأَخَذُوا يُرَاقِبُونَ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَرَكُوهُ.
وَبَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الْوَقْتِ وَصَلَ الْكَلْبُ وَالصَّيَّادُ إِلَى الْمَكَانِ الصَّخْرِي، وَهُرِعَ الْكَلْبُ بِحَمَاسِ نَحْوَ مَكَانِ الرِّيشِ لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ شَيئًا، فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَأَخَذَ يَقفِزُهُنَا وَهُنَاكَ، لِأَنَّهُ يَجِدُ فِي كُلِّ اتِّجَاهِ رَائِحَةَ طَائِرٍ مُخْتَلِفٌ.
تَعَجَّبَ الصَّيَّادُ وَقَالَ لِلْكَلْبِ:
- أَيُّهَا الْغَبِيُّ الْفَاشِلُ، لَنْ أُعْطِيكَ الْيَوْمَ عَظْمًا عِقَابًا لَكَ، هَيَّا لِنَذْهَبْ، لَقَدْ تَعِبْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا.
لَمْ يَكُنِ الْكَلْبُ قَدْ أَفَاقَ مِنْ حَيْرَتِهِ بَعْدُ، فَأَخَذَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ بِدَهْشَةٍ.
قَالَ طَائِرُ الْحِجْل الْجَمِيلُ :
- بَارَكَ اللهُ فِيكِ وَفِي عَقْلِكِ يَا أُخْتَاهُ، جَزَاكِ اللَّهُ خيرا.
فَرَدَّتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- وَإِيَّاكُمْ.
لَقَدِ ارْتَاحُوا أَخِيرًا ، وَاتَّجَهُوا نَحْوَ التَّلَّةِ .
وَبَعْدَ قَلِيل وَصَلُوا مَجْلِسَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، فَسُرَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ لِزِيَارَتِهِمْ، وَابْتَسَمَتْ قَائِلَةً:
- أَهْلًا وَسَهْلًا بِأَصْدِقَائِنَا الْجُدُدِ، أَهْلًا وَسَهْلًا بِكُمْ جَمِيعًا.
فَأَجَابَ الْبُلْبُلُ وَالْحِجْلُ :
- شُكْرًا جَزِيلًا.
لَفَتَ طَائِرُ الْحِجْلِ الْجَمِيلُ نَظَرَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ فَقَالَتْ لِلْحَمَامَةِ يَمَامَةَ:
- شَرَّفْتُمَا أَيُّهَا الصَّدِيقَانِ الْجَمِيلَانِ الطَّيِّبَانِ؟
فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ مَازِحًا:
- أَلَسْتُ جَمِيلًا؟
فَرَدَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- بِالتَّأْكِيدِ إِنَّكَ جَمِيلٌ، إِنَّ هَذِهِ الْجَمَالِيَّاتِ تُذَكِّرُنِي بِجَمَالِ خَالِقِهَا، إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهَبَ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ جَمَالًا خَاصَّا به فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ:
- كُنْتُ أَمْزَحُ، نَعَمْ، بِالتَّأْكِيدِ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ جَمِيلٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُمَيّزُهُ جَمَالٌ خَاصٌ بِهِ ، فَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْعَدِيدَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ: مِنْ أَشْجَارٍ وَيُورٍ وَفَوَاكِهَ وَزُهُورٍ وَنُجُومِ وَفَرَاشَاتٍ... تَبَايَنُ كُلِّ مِنْهَا فِي شَكْلِهَا وَجَمَالِهَا.
فَقَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- نَعَمْ، فَقَدْ سَمِعْتُ أَخِي الصَّغِيرَ يَحْكِي لِصَدِيقِهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ مُعَلِّمِهِ، حَيْثُ قَالَ: إِنَّ هُنَاكَ مَا يَقْرُبُ مِنْ سِتَّةِ مِلْيَارَاتٍ مِنَ الْبَشَرِ يَعِيشُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَلَا يُشْبِهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، حَتَّى التَّوْأَمَانِ لَا يُشْبِهُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي كُلِّ صِفَاتِهِ، فَحَتَّى بَصَمَاتُ أصابعهمْ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ كَانَتْ زَهْرَةُ الرَّبِيعِ تُصْغِي إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ:
- إِنَّ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى تَجَلَّيًا فِي مَخْلُوقَاتِهِ، فَأَيُّ اسْمِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى يَعْكِسُ عَمَلِيَّةَ عَدَمِ التَّشَابُهِ؟
أَجَابَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ: إنَّهُ اسْمُ الْمُصَوّر، وَهَذَا الْاِسْمُ يَأْتِي بِمَعْنَى أَنَّهُ صَوَّرَ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ وَرَتَّبَهَا فَأَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا صُورَةً خَاصَّةً وَهَيْئَةً مُفْرَدَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَكَثْرَتِهَا، إِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى صَوَّرَ كُلَّ الْمَخْلُوقَاتِ فَأَحْسَنَ صُوَرَهَا، قَالَ اللهُ : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ.
اِنْبَهَرَ طَائِرُ الْحِجْلِ الْجَمِيلُ بِعِلْمِ الْحَمَامَةِ يَمَامَةَ، وَقَالَ لَهَا:
- أَحْسَنْتِ يَا أُخْتَاهُ، لَقَدْ شَرَحْتِ الْمَوْضُوعَ بِشَكْلٍ جَيْدٍ، هَلْ يُمْكِنُنِي أَنْ أُضِيفَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضُوع؟
فَأَجَابَ الْجَمِيعُ:
- بِالطَّبع يُسْعِدُنَا هَذَا.
أَكْمَلَ طَائِرُ الْحِجْلِ الْجَمِيلُ كَلَامَهُ بِتَوَاضُعِ قَائِلًا:
- إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ وَغَايَرَ فِي أَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَحْجَامِهَا، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قَالَ اللَّهُ عَلَ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا ألوَانُها وَ مِنَ الْجِبَالِ جُدَدُّ بِيضُ وَحُمْرُ مُخْتَلِفُ أَلْوَانُها وَ غَرَابِيبُ سُود وَ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَاب وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفُ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزُ غَفُورٌ .
أُعْجِبَ الْجَمِيعُ بِكَلامِ الْحِجْلِ الْجَمِيلِ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَنْضَمَّ لِمَجْلِسِهِمْ، قَائِلِينَ:
- نَحْنُ مُنْذُ زَمَنِ تَجْتَمِعُ وَنَتَحَدَّثُ فِي الْأُمُورِ الْمُفِيدَةِ، وَتَتَفَكَّرُ فِي خَلْقِ اللَّهِ، وَلَكَ أَنْ تَنْضَمَّ إِلَيْنَا إِنْ رَغِبْتَ.
أَجَابَ الْحِجْلُ :
- اعْتَبِرُونِي وَاحِدًا مِنْكُمْ.
فَسَأَلَ الْبُلْبُلُ:
- هَلْ يُمْكِننِي أَنْ أَنْضَمْ إِلَيْكُمْ أَيْضًا؟
فَأَجَابَتِ الْحَمَامَةُ:
- بالطَّبْعِ يُمْكِنُكَ، وَلَكِنْ بِشَرْطٍ .
الْبُلْبُلُ :
- وَمَا هُوَ؟
الْحَمَامَةُ:
- أَنْ تُنْشِدَ لَنَا بِصَوْتِكَ الْعَذْبِ.
الْبُلْبُلُ :
- عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ.
بَعْدَهَا رَاحُوا يَتَحَدَّثُونَ عَنِ الْوَرْدَةِ الْجَمِيلَةِ.