حسن الخلق مع قصة اختنقت من الدُّخَان قصة تربوية للاطفال والناشئة

حسن الخلق مع قصة اختنقت من الدُّخَان قصة تربوية للاطفال والناشئة

حسن الخلق مع قصة اختنقت من الدُّخَان

حسن الخلق مع قصة اختنقت من الدُّخَان قصة تربوية للاطفال والناشئة

ما زلنا مع قصص مكارم الاخلاق و حسن الخلق وقصة اليوم بعنوان اختنقت من الدُّخَان وهي قصة 

مكتوبة للاطفال والناشئة نتمنى أن تنال رضاكم.

حسن الخلق مع قصة اختنقت من الدُّخَان 

شعرتُ بأوّل خيبة أمل، عندما أفصحت لوالدتي عمّا أفكر فيه؛ لا تسألوني عن نظرتها عندما قلتُ:

- أمي، أنا ذاهب إلى المكتبة.

سألتني:

- يا بني، المدارس مغلقة، ولا يذهب الطلاب إلى المكتبة إلا عندما يكلّفهم المعلّم بواجبات منزلية؛ ماذا 

ستفعل في المكتبة أثناء العطلة؟

كانت إجابتي بالطبع - قصيرة جدا:

- سأقرأ كتابًا.

لا أريدكم أن تسيئوا فهم والدتي؛ فعندما أوضح لكم بعض الأمور ستعرفون أنها محقة إلى حد ما، حتى 

إنكم ربما تظنون أني سفيه؛ الحقيقة أنني أعرف نفسي جيدا، فعليَّ ألا أثرثر كثيرًا.

جاء الصيف، ونحن في شهر تموز/يوليو، وصار شاطئ البحيرة في منطقتنا مُستجَمَّا؛ يتدفّق إليه أهل 

المنطقة بكثرة؛ يسبحون، ويخيّمون، ويستمتعون بالنسائم العليلة والظلال في المقصف على الشاطئ؛ في 

هذا الجوّ قلت لوالدتي:

- أمي، أنا ذاهب إلى المكتبة !

إذا كنتم مكانها، فبماذا ستجيبونني ؟

أيا كان جوابكم فمن الأفضل ألا تقولوا لي شيئًا؛ سلكت الطريق إلى المكتبة مفكرًا في جواب والدتي، لكن 

ما هذا ؟

المكتبة مغلقة؛ مكتوب على بابها أنّها تُغلق يومي الأحد والإثنين؛ قلتُ في نفسي:

- يا إلهي !  يوم الأحد معلوم، أما الإثنين فلماذا ؟!

ما باليد حيلة، عند عودتي للمنزل قالت والدتي:

- ماذا حدث ؟

رجعت بسرعة !

غضبتُ قليلا وقلتُ لها :

لماذا لم تخبريني أن المكتبة مغلقة ؟

لكن لن أتراجع، وسلكت طريق المكتبة في اليوم التالي مبكرًا، وكان أمام باب المكتبة محال صغيرة، يلعب 

أصحابها بالنرد، فلما رأوني قادما نحوهم ظنوني زبونا في البداية، لكن عندما توجهتُ إلى باب المكتبة 

شعروا بشيء من خيبة الأمل، ثم سمعتهم يهمسون بينهم:

- انه شغوف بالكتب فيما يبدو أتى أمس، وعندما وجدها مغلقة عاد أدراجه.

لا أبالي بالطبع، بل يعجبني أن يقال عني شغوف بالكتب»، دعهم ينتظرون زبائنهم.

صعدت درج المكتبة الحجري؛ وبدأت رائحة الكتب تغمرني مع كلّ خطوة أخطوها؛ أحبّ هذه الرائحة كثيرًا؛ 

من يعلم: أيّة عوالم ستفتح أمامي بعد قليل، تعلمون أنّ كلّ كتاب عالم !

سأسجل هذه الحكمة في مذكراتي.

ها هي ذي المكتبة: رواق طويل وغُرف ملأى بأنواع الكتب؛ يا تُرى، أين غرفة أمين المكتبة ؟

أظنها تلك الغرفة؛ إذ تنبعث منها أغاني التراث الشعبي القديمة؛ توجهت نحوها، نعم إنها هي، بها منضدة 

خشبية على الجزء الأمامي منها قائمة بالكتب، ورجل في الخامسة والثلاثين أو الأربعين من عمره تصعب 

رؤيته من دخان اللفائف، ومذياع قديم صوتُهُ مرتفع جدا؛ كان الموظف يحلّ ألغاز الجريدة؛ اضطررت أن أصيح

بصوت عالٍ كي يسمعني:

- أتيتُ لأقرأ كتابًا !

فصاح أيضا يسألني:

- أي كتاب ؟

- لا لـم أحدّد؛ سألقي نظرة على الكتب جميعها، ثم أقرأ ما يثير اهتمامي.

فأجابني بصوت مرتفع:

- حسنا، يمكنك أن تقرأ ما شئت وهكذا حصلت على إذن أمين المكتبة؛ وبدأتُ أتصفح قائمة الكتب ما هذا 

الموضوع؟

أثر عاداتنا وتقاليدنا على الأدب نعم، إنه موضوع مثير لي؛ لنر كيف تناول الأدب التركي عاداتنا في الأناضول 

منذ مئات السنين؛ بدأتُ القراءة إلا أنني لا أستطيع فهم شيء؛ ليس لصعوبة الموضوع، بل ثمة ما يحول 

دون إنها الأغنية الشعبيّة القديمة بالمذياع ذي الصوت الحسن؛ لا تسيئوا الفهم، فأنا أحبّ ذلك النوع من

أغانينا، لكنني لم آتِ إلى المكتبة كي أستمع إلى الأغاني؛ فبإمكاني الاستماع إليها في المنزل؛ أتيتُ إلى هنا 

لقراءة الكتب! حسنًا، كيف سأشرح ذلك لأمين المكتبة؟

فهو لا يهتم بي ولو بأن ينظر إليَّ عندما يكلمني؛ فذهبت إليه، وقلت:

- هل بإمكانكم أن تخفضوا صوت المذياع قليلا ؟

- بالطبع !

خفض الصوت قليلا، فهدأت المكتبة إلى حد ما، رضيتُ بهذا لكن لو لم يكن هناك أي صوت في المكتبة، 

لكان ذلك أفضل؛ عدتُ إلى مكاني، وعاودت القراءة، بدأت أسعل، لستُ مريضًا ولا شيء؛ لكنّ سعالي 

متواصل لا ينقطع، وإنما أسعل ليفهم أمين المكتبة الأمر؛ فما يجعلني أسعل هو دخان لفائف غطى 

الغرفة، أحاول تشتيت الدخان بيدي لكن هيهات، فهو ينبعث من منبعه دائمًا؛ لم أعد أحتمل أكثر من ذلك؛

خشيت الذهاب إلى أمين المكتبة ثانيةً لأطلب منه أن يطفئ لفافته؛ فأنا متأكد أنه سيقول لي :

- يا أخي طلبت أن أغلق المذياع؛ فأغلقته، تريدني الآن أن أطفئ اللفافة أيضًا!

أعدتُ الكتاب إلى مكانه برفق، وغادرت المكتبة، نظرتُ إلى نوادي الشبكة العنكبوتية في طريقي فوجدتها 

مزدحمة جدًّا، وتنبعث منها الموسيقا، ودخان كمدخنة باخرة، فكرت وأنا الطريق بماذا سأجيب والدتي عندما 

تسألني عن سبب عودتي مبكرًا من المكتبة !

إنّه أمرٌ محيّر جدا ومؤلم جدا، فالدخان والموسيقا أغلقا باب القراءة على عُشاقها،

فكيف نصنع حضارتنا يا أصدقاء ونحن لا نقدر أن نقاوم أسباب التشويش على طلب العلم ؟!

اقرأ ايضا

تعليقات