نهاية الملعوب قصص عن حسن الخلق مكتوبة للاطفال والناشئة
مع قصة من قصص عن حسن الخلق وقصة اليوم بعنوان نهاية الملعوب وهي قصة تربوية مكتوبة للاطفال والناشئة نتمنى أن تنال رضاكم.
نهاية الملعوب قصص عن حسن الخلق مكتوبة للاطفال والناشئة
ذات صباح كان الهواء يحمل إلينا رائحة الورود والأزهار عبر النافذة المفتوحة، وفجأة طرق باب منزلنا، وعندما فتحتُ صرخت من الخوف، فخرجت والدتي من الغرفة مسرعةً وهي تسأل:
تمالكت نفسي إلى حدٍ ما واستطعت أن أقول:
- إنه والد سعاد.
كان والدي يحلق لحيته، فأقبل نحونا، ولما وصل إلينا قالتْ له والدتي:
- قدم السيد كاظم.
والدي:
- السيد كاظم!
ما الذي جاء به؟
خرج والدي لاستقبال العمّ كاظم.
العم كاظم بأسى:
- اعذروني، لقد أحضرت سعاد.
لم يقل والدي شيئًا، وإنما وضع يده على كتف العم كاظم،
وقال: تعال نجلس في الحديقة.
جلسا على المقاعد الخشبية في الحديقة، وكان والدي ينظر إلى والدتي شزرًا.
بحثت عن سعاد فرأيتُها تجلس تحت شجرة البرقوق، وفي يدها حقيبتها وقد نكست رأسها.
بدأ والدي والعم كاظم يتحدثان... من الواضح أنهما كانا يتحدثان بشأن النقود المسروقة، وكلما تحدث والدي كان وجه العم كاظم يتغير ويتلون، ثم ينظر إلى ابنته.
ثم ترك العمّ كاظم والدي واتجه نحو ابنته مباشرة، لم تكن قدماه تحملانه، لقد لاحظت ارتعاشه معنى ذلك أن والدي لم يرغب في وجود سعاد معنا مرةً أخرى.
وفاضت عيناي بالدموع وشعرتُ بغصة في حلقي. أخذ العمّ كاظم الحقيبة من يد ابنته سعاد وهم بالمغادرة.
التفتت إلينا ونظرت شزرا، وكانت ذوائب شعرها قد بدت من تحت خمار منقوش حاكته لها والدتي، وغطى الحزن وجهها المحترق المائل للسمرة، كانت ستقول شيئًا لكنها لم تفعل، لقد أدركتُ ذلك، فشفتاها تتحركان، وتود أن تصرخ ولكن... وقفا بباب الحديقة، وجاء العمّ كاظم نحونا مباشرة على استحياء شديد، فعاد والدي وكان في طريقه إلى غرفته، وكنا أنا ووالدتي ننتظر أمام الباب فقال العمّ كاظم لوالدي وهو يبكي:
اصفح عنها، لقد أخطأت، إنها طفلة.
سكت، وبدأت الدموع تتساقط على خديه، ثم أعاد النظر إلى والدي وقال: اعفُ عنها..
ثم مسح عينيه بمنديل أخرجه من جيبه.
كانت سعاد تنتظر في الشارع ولا تعلم شيئًا عما يجري، فقال العم كاظم:
- لم يعد بإمكاني الاعتناء بسعاد، وخاصةً أن والدتها قد توفيت الأسبوع الماضي.
فآلمتني هذه الكلمات الأخيرة أشد ألم، لم أستطع حبس دموعي، لم يعد لدي قوة لأتحمل بعد الآن، كنتُ أبكي بنشيج مستمر، وبينما أتهمها بالباطل كانت هي قد فقدت والدتها!
- أختاه!
أختي العزيزة، سامحيني!
كانت هذه المرة الأولى التي أناديها فيها بأختي، ثم صرختُ مرة أخرى:
- لن أحزنك مرة أخرى، يا أختي العزيزة!
فهل علمتم سرّ ظرف الرسالة المفتوح؟
لقد أُخبرتُ في تلك ، الرسالة الواردة من القرية بمرض والدتها، فلم تتحمل وذهبت إلى القرية في ذلك اليوم دون أن تخبرنا بشيء، ولكن وا أسفاه ماذا فعلتُ لها ...؟
اتجهنا إلى الداخل، وتناولنا الطعام ثم شربنا الشاي وسامحني وعفا عنّي كلُّ من يكبرني وخاصةً سعاد.
في ذلك اليوم واساني والدي، وعلمني أن قول الصدق - ولو متأخرًا - هو سلوك حسن يحبه الله، وحمل والدي نفسه الذنب كثيرًا وقال:
- لقد أهملتك، ولم أكن قدوةً حسنةً لك، في الواقع كل الذنب ذنبي.... ثم اعتذر لهم جميعًا.
أجمل ما في الأمر أنهم جميعا تسامحوا، وشعرت القلوب براحة فريدة من نوعها لم تشعر بها من قبل.
هل يمكن أن تكون هذه الراحة والسعادة التي أحسسنا بها في قلوبنا إشارة إلى عفو الله عنا ؟
لا أعلم.
صمتوا قليلا، ثم تحدَّث والدي عن جريمة من يُنكر حقوق العباد وعن عاقبة الكذب والافتراء وحكى لنا قصصًا فيها عبر وعظات عن نهايات الحسد وأكثر ما شد انتباهي فيها قصة سيدنا مع إخوته، اقرؤوا تلك القصة في القرآن الكريم إن يوسف العليا شئتم.
بعد أيام ذهبنا إلى قرية سعاد ، وزرنا قبر والدتها، ولا زلت أذكر بكاءها بصوت عال عندما قرأ والدي سورة يس ، في ذلك اليوم بكيتُ معها أنا أيضًا، وحاولت أن أشاركها آلامها، وقام والدي بتعزية سعاد قائلًا:
أصبحنا نرتاد المدرسة معًا وما زلنا كذلك فترة طويلة ثم انتقل والد سعاد وإخوته إلى بلدتنا، فوجدت بقرب والدها وأعمامها العزاء عن حزنها الشديد لفقد والدتها.
واليوم نعمل أنا وأختي سعاد مدرّسين كبستانيين في نواح متفرقة من الأناضول..
حقًا إنَّ التدريس مهنة شريفة ورسالة عظيمة؛ والزراعة كذلك، ففيها سرّ عمارة الكون وبقاء كثير من المخلوقات، وفيها التوكل الخالص على الله (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ [سُورَةُ الوَاقِعَةِ] ، ففي الزراعة غذاء الجسد، وفي التدريس غذاء العقل والروح، وفيه تنشئة طيبة لجيل صالح من أمثال سعاد وأحمد.
تعليقات
إرسال تعليق