أسماء الله الحسنى ومعانيها مع قصة هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟

أسماء الله الحسنى ومعانيها مع قصة هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟

أسماء الله الحسنى ومعانيها مع قصة هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟

أسماء الله الحسنى ومعانيها مع قصة هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟

مع قصة جديدة في سلسلة قصص أسماء الله الحسنى ومعانيها وقصة اليوم بعنوان هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟ وهي قصة مكتوبة للاطفال نتمنى أن تنال رضاكم.

قصة هَلْ يُسَامِحُنِي يَا تُرَى؟

بَدَأَتِ الْغِرَاسُ الصَّغِيرَةُ تَغَارُ عَلَى الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، فَأَخَذْنَ يَغْتَبْنَهَا، قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ:

- إِنَّهَا مُتَكَبِّرَةٌ جِدًّا.

وَقَالَتْ أُخْرَى:

- أَنْتِ مُحِقَّةٌ، أَلَا تَرَيْنَ أَنَّهَا لَمْ تَتَحَدَّثْ مَعَنَا حَتَّى الْآنِ. وَسَأَلَتْ غَرْسَةٌ أُخْرَى:

- مِنْ أَيْنَ تَجِدُ كُلُّ أُولَئِكَ الْأَصْدِقَاءِ يَا تُرَى؟ إِنَّهَا تَتَسَامَرُ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ شَخْصٍ مُخْتَلِف.

حَزِنَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ قَوْلِ الْغرَاسِ، فَهِيَ كَانَتْ تُرِيدُ التَّسَامُرَ مَعَهُنَّ لَكِنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ فُرْصَةٌ لِلتَّعَارُفِ، فَكُلُّ تِلْكَ الْغِرَاسِ قَدْ أَتَتْ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ. 

أَمَّا أَصْدِقَاءُ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ فَقَدْ زُرِعُوا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ النَّلِ. فَأَصْبَحَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تُعَانِي الْغُرْبَةَ، فَحَاوَلَتِ التَّعَرُّفَ عَلَى الْغرَاسِ بَعْضَ الْمَرَّاتِ لَكِنَّهَا خَجِلَتْ، وَلَمْ تَجْرُؤْ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ، بِالْمُقَابِلِ لَمْ تَجِدْ أَي تَقَرُّبٍ مِنْ نَاحِيَتِهِمْ.

مَاذَا يَجِبُ عَلَى الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ فِعْلُهُ إِزَاءَ مَا يَتَفَوَّهُونَ بِهِ ؟

إِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَتَّخِذَ أَي قَرَارٍ، كَمَا أَنَّ الْعُصْفُورَ نُغَيْرًا لَنْ يَأْتِيَ الْيَومَ؛ لِأَنَّ قَدَمَهُ كُسِرَتْ نَتِيجَةً لِحَرَكَةٍ خَاطِئَةٍ، وَلَا تَسْتَطِيعُ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ عِيَادَتَهُ لِتَقُولَ لَهُ شَفَاكَ اللَّهُ، فَسَوْفَ يَتَعَافَى بَعْدَ أَسْبُوعِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَكَيْفَ سَتَقْضِي الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ هَذَا الْأُسْبُوعَ بِمُفْرَدِهَا؟

رُبَّمَا تَسْتَرِيحُ لَوْ تَسَامَرَتْ مَعَ زَهْرَةِ الزَّعْفَرَانِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً.

مَرَّ ظِلٍّ كَبِيرٌ فَوْقَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، فَتَعَجَّبَتْ!

إِنَّهُ ظِلُّ حَمَامَةٍ جَمِيلَةٍ، إِنَّهَا الْمَرَّةُ الْأُولَى الَّتِي تَرَى فِيهَا طَائِرًا كَبِيرًا كَهَذَا.

فَجْأَةً نَادَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ قَائِلَةً:

- مَعْذِرَةً يَا أُخْتَاهُ.

حَاوَلَتِ الْحَمَامَةُ الْوُقُوفَ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ قَالَتْ:

- هَلْ تُنَادِينَنِي أَنَا؟

- نَعَمْ.

- هَلْ تُرِيدِينَ مِنِّي شَيْئًا؟

- أَلَا يُمْكِنُكِ أَنْ تَتَسَامَرِي مَعِي؟

فَإِنَّنِي مُسْتَاءَةٌ لِلْغَايَةِ.

وَلِمَ لَا.

نَزَلَتِ الْحَمَامَةُ الْجَمِيلَةُ إلَى الْأَرْضِ، وَاقْتَرَبَتْ بجِسْمِها الكبير إِلَى الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ.

خَافَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَتْ:

- إِيَّاكِ أَنْ تَحْطِي عَلَيَّ، فَأَنَا صَغِيرَةٌ وَلَا أَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَكِ.

غَيَّرَتِ الْحَمَامَةُ اتِّجَاهَهَا وَنَزَلَتْ إِلَى جِوَارِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَقَالَتْ:

- مَعْذِرَةً يَا أُخْتَاهُ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَا لَا أَدْرِي أَنَّكِ لَا تَسْتَطِيعِينَ تَحَمُّلِي.

- لَيْسَتْ مُشْكِلَةً، مَا اسْمُكِ؟

- أَنَا حَمَامَةٌ أَطْلَقَ عَلَيَّ صَاحِبِي اسْمَ " يَمَامَةَ ".

الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:

- اسْمُكِ يَمَامَةُ؟ يَا لَـهُ مِـنِ اسْمِ جَمِيلٍ، هَلْ يُوجَدُ مَنْ يَمْلِكُكِ؟

- نَعَمْ، فَأَنَا كَائِنْ أَلِيفٌ، وَيَمْلِكُنِي طِفْلٌ جَمِيلٌ جِدًّا، يُحِبُّنِي كَثِيرًا، وَأَنَا أُحِبُّهُ أَيْضًا.

- يَا لَلرُوْعَةِ، أَنَا أَيْضًا قَدْ زَرَعَنِي هُنَا طِفْل جَمِيلٌ، لَكِنَّنِي لَمْ أَرَهُ ثَانِيَةً.

بَدَأَتِ الْغِرَاسُ الْأُخْرَى فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ عِنْدَمَا رَأَوْهَا تَتَسَامَرُ مَعَ الْحَمَامَةِ.

قَالَتْ إِحْدَى الْغِرَاسِ:

- هَا قَدْ وَجَدَتْ صَدِيقَةً جَدِيدَةً تَتَسَامَرُ مَعَهَا.

قَالَتْ أُخْرَى:

- إِنَّهَا كَائِنٌ غَرِيبٌ، لَا تَعْثُرُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا وَتَحَدَّثَتْ مَعَهُ.

- إِنَّ أَفْعَالَهَا وَأَقْوَالَهَا لَا تُشْبِهُ الصَّنَوْبَرَ وَلَا الدُّلْبَ.

- انْظُرُوا كَيْفَ تَتَكَبَّرُ، لَيْتَهَا تَتَحَدَّثُ فِي شَيْءٍ مُفِيدٍ.

سَمِعَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ كَلَامَ الْغِرَاسِ الصَّغِيرَةِ، فَاحْتَرَقَتْ غَضَبًا مِنْ دَاخِلِهَا لَكِنَّهَا لَا تُرِيدُ الرَّدَّ عَلَيْهِنَّ.

سَمِعَتِ الْحَمَامَةُ أَيْضًا أَقْوَالَهُنَّ فَسَأَلَتْ:

- مَاذَا تَقُولُ هَؤُلَاءِ؟

قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:

- لَا تَهْتَمِّي بِمَا يَقُلْنَ، فَهُنَّ دَائِمًا يَفْعَلْنَ هَكَذَا.

قَالَتِ الْحَمَامَةُ:

- لَكِنَّ الَّذِي يَقُمْنَ بِهِ هَذَا يُعَدُّ غِيبَةً، وَالْغِيبَةُ ذَنْبٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَيْنَا أَنْ نُنَبِّهَهُمْ لِهَذَا.

ظَنَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ أَنَّ الْحَمَامَةَ قَدْ غَضِبَتْ، لَكِنَّ الْحَمَامَةَ كَانَتْ تَرْغَبُ فِي تَصْحِيحِ هَذَا السُّلُوكِ السَّيِّئِ.

الْتَفَتَتِ الْحَمَامَةُ إِلَيْهِنَّ وَقَالَتْ:

- يَا صَدِيقَاتِي !

لَا تَغْتَبْنَ أَحَدًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عِبَادَهُ عَنِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ.

كَانَتْ أَطْوَلُ صَنَوْبَرَةٍ مُنْزَعِجَةً مِنْ كَلَامِ صَدِيقَاتِهَا، وَقَامَتْ بِتَحْذِيرِ هِنَّ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، لَكِنْ لَمْ تُبَالِ أَي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِمَا قَالَتْ.

قَالَتْ أَطْوَلُ صَنَوْبَرَةٍ:

- إِنَّ الْحَمَامَةَ مُحِقَّةٌ فِيمَا تَقُولُ يَا صَدِيقَاتِي، إِنَّكُنَّ تَرْتَكِبْنَ خَطَأَ كَبِيرًا، فَلِمَاذَا لَا تَتَحَدَّثْنَ فِي أُمُورٍ مُفِيدَةٍ بَدَلًا مِنَ الْغِيبَةِ؟

قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ:

- أَجَلْ، لَكِنَّ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ تَتَكَبَّرُ عَلَيْنَا.

انْدَهَشَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَتْ:

- هَلْ أَنَا مُتَكَبَرَةٌ!

فَأَجَابَتْ كُلُّ نَبَاتَاتِ الصَّنَوْبَرِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِع:

- نَعَمْ.

فَرَدَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ قَائِلَةٌ:

- إِنَّكُنَّ مُخْطِئَاتٌ يَا صَدِيقَاتِي، أَنَا لَمْ أَتَكَبَّرْ عَلَيْكُنَّ، فَأَنَا أُحَاوِلُ الِاعْتِيَادَ عَلَى مَكَانِيَ الْجَدِيدِ، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَسَامَرَ مَعَكُنَّ كَثِيرًا، لَكِنِّي لَمْ أَجِدْ فُرْصَةً لِفِعْل ذَلِكَ، وَأَنْتُنْ أَيْضًا تُحَاوِلُنَ الِاعْتيادَ عَلَى مَكَانِكُنَّ الْجَدِيدِ، لَكِنَّ حَرَارَةَ الشَّمْسِ قَدْ آذَتْكُنَّ أَيْضًا. 

كَمَا أَنَّكُنْ تَعْلَمُنَ انَّنِي غَرِيبَةٌ هُنَا، فَلَمْ نَكُنْ فِي نَفْسِ الْمَغرِسِ مِنْ قَبْلُ، فَظَنَنْتُ أَنَّكُنَّ لَا تُرِدْنَنِي بَيْنَكُنَّ، لَيْسَتْ لَدَيَّ مِيزَةٌ حَتَّى أَتَكَبَّرَ بِهَا عَلَيْكُنَّ وَعِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّنِي نَبْتَةٌ صَغِيرَةٌ، وَعَلَى أَيَّةٍ حَالٍ فَأَنَا أَعْتَذِرُ لَكُنْ، فَمِنَ الْوَاضِح أنَّنِي أَحْزَنَتُكُنَّ.

كَادَتْ دُمُوعُ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ تَسِيلُ عَلَى الْأَرْضِ، فَتَأَثْرَتْ نَبَاتَاتُ الصَّنَوْبَرِ مِنْ هَذَا وَقُلْنَ:

- بَلْ نَحْنُ نَعْتَذِرُ لَكِ، لِأَنَّنَا قَدْ حَكَمْنَا عَلَيْكِ دُونَ أَنْ نَعْرِفَكِ، نَرْجُوكِ أَنْ تُسَامِحِينَا!

رَدَّتِ الصَّنَوْبَرَةُ الطَّوِيلَةُ قَبْلَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ قَائِلَةً:

- إِنَّ الِاعْتِذارَ لَا يَكْفِي، بَلْ عَلَيْكُنَّ أَنْ تَسْأَلْنَ اللَّهَ جَاهُ أَنْ يَغْفِرَ لَكُنَّ أَيْضًا ، لأَنَّكُنَّ قَدْ تَكَلَّمْتُنَّ فِي حَقِهَا بِسُوءٍ كَثِيرًا، فَهَلْ يَا تُرَى سَيُغْفَرُ لَكُنَّ؟

زَادَ حُزْنُ الْجَمِيعِ، وَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ : "وَمَاذَا لَوْ لَمْ يُغْفَرْ لَنَا ؟ 

فَارْتَعَدْنَ خَوْفًا مِنَ الْأَمْرِ، وَسَأَلْنَ الْحَمَامَةَ:

- هَلْ يُسَامِحُنَا اللَّهُ؟

تَبَسَّمَتِ الْحَمَامَةُ فَرَحًا بِاعْتِرَافِهِنَّ بِخَطَئِهِنَّ وَقَالَتْ لَهُنَّ:

- يَكْفِي أَنْ تَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ خَطَأَهَا، فَهُوَ الْغَفُورُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ.

فَرِحَتِ النَّبَاتَاتُ بِسَمَاع ذَلِكَ.

ثُمَّ تَابَعَتِ الحَمَامَةُ حَدِيثَهَا:

- اَلْكُلُّ يُخْطِئ، وَالْكُلُّ يُقَصِرُ، وَلَكِنِ الْمُهِمُ عَدَمُ الْإصْرَارِ عَلَى الْخَطَةِ، فَالْبَشَرُ أَيْضًا يُخْطِئُونَ كَثِيرًا.

انْتَبَهَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ لَمَّا سَمِعَتْ كَلِمَةَ الْبَشَرِ، فَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تَعْرفَ الْكَثِيرَ عَنْهُمْ.

سَأَلَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ قَائِلَةً:

- أَيُّ الْأَخْطَاءِ يَرْتَكِبُهَا الْبَشَرُ؟

الْحَمَامَةُ:

- إِنَّ الْبَشَرَ الطَّيِّبِينَ يَبْذُلُونَ مَا فِي وُسْعِهِمْ لِتَجَنُّبِ الْوُقُوع فِي الذُّنوب؛ لِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَ تَفْكِيرِ، فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ أَنَا يَمْلِكُنِي طِفْلٌ صَغِيرٌ، طَيِّبٌ جِدًّا، يُحِبُّ أَنْ يُسَاعِدَ غَيْرَهُ، صَادِقٌ، نَشِيطٌ ، لَا يَغْتَابُ أَحَدًا.

أَزْعَجَتِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ نَبَاتَاتِ الصَّنَوْبَرِ، وَخَجِلْنَ كَثِيرًا، فَأَحَسَّتِ الْحَمَامَةُ بِذَلِكَ فَقَالَتْ:

- أَنَا لَمْ أَقْصِدْكُنْ فَأَنْتُنَّ قَدْ عَلِمْتُنَّ خَطَأَكُنَّ، وَسَيَغْفِرُ اللهُ لَكُنَّ إِنْ شَاءَ الله.

اِطْمَأَنَّتْ نَبَاتَاتُ الصَّنَوْبَرِ لَمَّا سَمِعْنَ هَذَا، ثُمَّ تَابَعَتِ الْحَمَامَةُ كَلَامَهَا قَائِلَةً:

- عَمَّا كُنْتُ أَتَحَدَّثُ نَعَمْ، كُنْتُ أَتَحَدَّثُ عَنْ صَاحِبِيَ الصَّغِيرِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ إِنَّهُ لَا يَتَفَوَّهُ بِسُوءٍ، وَلَا يُثِيرُ الْمَشَاكِلَ مَعَ أَحَدٍ، وَلَا يُؤْذِي أَحَدًا مِمَّنْ حَوْلَهُ، عَلَى النَّقِيضِ مِنْهُ ابْنُ جِيرَانِهِ طِفْلٌ مَبْغوضٌ مِنْ كُلِّ النَّاسِ.

قَالَتْ زَهْرَةُ الزَّعْفَرَانِ بَعْدَ أَنْ أَفَاقَتْ مِنْ نَوْمِهَا بِقَلِيلٍ:

- أَلْنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ؟

قَالَتِ الْحَمَامَةُ:

سَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُقْلِعَ عَنْ تَصَرُّفَاتِهِ الْخَاطِئَةِ، وَأَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إِلَى ذَلِكَ ثَانِيَةٌ، عِنْدَئِذٍ سَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ وَيُسَامِحُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، أَيْ أَنَّ عَفْوَهُ كَبِيرٌ ﴿وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الذُّنُوبُ بِحَجْمِ الْجِبَالِ، يَكْفِينَا فَقَط أَنْ نَسْتَغْفِرَهُ، وَنَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلْنَا، وَنَعْزِمَ عَلَى أَلَّا نَعُودَ إِلَى الذَّنْب مَرَّةً أُخْرَى.

فَرِحَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ كَثِيرًا ، وَابْتَسَمَتْ هَامِسَةً فِي نَفْسِهَا: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ جِدًّا، إِنَّهُ يُحِبُّ مَخَلُوقاتِهِ كَثِيرًا، إِنَّهُ يُرِيدُ الْخَيْرَ للجميع".

كَمَا أَنَّ الْحَمَامَةَ فَرِحَتْ وَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: كَمْ هُوَ جَمِيلٌ أَنْ نَعْرِفَ أَخْطَاءَنَا وَنَتَراجَعَ عَنْهَا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى نَبَاتَاتِ الصَّنَوْبَرِ وَقَالَتْ: لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ نَعْمَلَ عَلَى أَنْ نَبْتَعِدَ عَنِ الْوُقُوع فِي الْخَطَأ، فَاللَّهُ عَهُ يُحِبُّ الَّذِينَ يَتَجَنَّبُونَ الْوُقُوعَ فِي الْخَطَأَ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِيهِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَهُ.

قَالَتْ إِحْدَى شُجَيْرَاتِ الصَّنَوْبَرِ:

- هَلْ يُوجَدُ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنَ الْخَطَأ؟

- اَلْكُلُّ يُخْطِيُّ، فَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنَ الْخَطَأ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، لَكِنَّ الْأَهَمَّ أَلَّا نُخْطِئَ مُتَعَمِّدِينَ، وَعِنْدَمَا نُخْطِئُ دُونَ قَصْدٍ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَتُوبَ عَلَى الْفَوْرِ وَنَرْجُوَ مِنَ اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ، لَكِنْ هنَاكَ أَمْرٌ هَامُ وَهُوَ أَلَّا تَتَهَاوَنَ فِي الْوُقُوع فِي الْمَعَاصِي بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَهُوَ أَيْضًا شَدِيدُ الْعِقَابِ.

تَابَعَتِ الْحَمَامَةُ حَدِيثَهَا قَائِلَةٌ:

عُذرًا يَا صَدِيقَاتِي، لَقَدْ تَأخَّرْتُ بَعْضَ الشَّيْء وَمِنَ الْمُؤكَّد أَنَّ مَالِكِي قَدْ قَلِقَ عَلَيَّ.

قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:

- أَيُمْكِنُنِي أَنْ أَطْلُبَ مِنْكِ شَيْئًا؟

- نَعَمْ، بِالطَّبْعِ.

- أُرِيدُكِ أَنْ تَذْهَبِي إِلَى الْعُصْفُورِ نُغَيْرٍ وَهُوَ يَعِيشُ فِي الْغَابَةِ الْمُقَابِلَةِ، وَقَدْ كُسِرَتْ قَدَمُهُ فَاطْمَئِنِّي عَلَيْهِ وَأَبْلِغِيهِ سَلَامَنَا.

- سَأَمُرُ مِنْ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللهُ، لِأَنَّ مَنْزِلِي خَلْفَ هَذَا التَّلَّ، وَأُبْلِغْهُ السَّلَامَ، إِلَى اللّقَاءِ.

فَرَدُّوا جَمِيعًا:

- إِلَى اللَّقَاءِ

رَحَلَتِ الْحَمَامَةُ، وَبَدأَتْ نَبَاتَاتُ الصَّنَوْبَرِ تَتَجَنَّبُ الْأَخْطَاءَ، فَرِحَ الْجَمِيعُ ، وَكَانَتْ سَعَادَةُ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا وَجَدَتْ أَصْدِقَاءَ جُدُدًا، كَمَا أَنَّهَا تَعَلَّمَتْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

اقرأ ايضا

تعليقات