أسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ رَأَى السّرقَةَ؟
مع قصة جديدة من قصص سلسلة أسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات وقصة اليوم بعنوان مَنْ رَأَى السّرقَةَ؟ وهي قصة مكتوبة للاطفال والناشئة نتمنى أن تنال رضاكم.
أسماء الله الحسنى على ألسنة الحيوانات قصة مَنْ رَأَى السّرقَةَ؟
كَانَتِ الصَنّوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تَنَامُ الْقَيْلُولَةَ، فَالْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ وَالْحَمَامَةُ يَمَامَةُ لَمْ يَأْتِيَا بَعْدُ.
فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ اخْتَبَأَ السِّنْجَابُ طَائِشُ" خَلْفَ الصَّخْرَةِ يَنْتَظِرُ نَوْمَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَلَمَّا تَأَكَّدَ مِنْ نَومِهَا اقْتَرَبَ مِنْهَا بِبُطْءٍ، كَيْ يَسْرِقَ الْجَوْزَ الْمَخْبُوءَ أَسْفَلَهَا، وَكَانَ هَذَا الْجَوْزُ مِلْكًا لِلسِّنْ "سَرِيعِ تَرَكَهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ.
وَلَمَّا مَدَّ طَائِشُ يَدَهُ إِلَى الْجَوْزِ، رَاعَهُ صَوْتٌ يَقُولُ:
- دَعِ الْجَوْزَ مَكَانَهُ.
اِرْتَعَدَتْ فَرَائِصُ السِّنْجَابِ طَائِشِ، وَاشْتَدَّ خَوْفُهُ.
فَوَضَعَ السِّنْجَابُ طَائِشُ الْجَوْزَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَالْتَقَتْ عَيْنَاهُ بِعَيْنَيِ الْحَمَامَةِ يَمَامَةَ، فَقَالَتْ لَهُ:
- إِيَّاكَ أَنْ تُفَكِّرَ فِي الْهَرَبِ.
حَارَ السّنْجَابُ اللَّصُّ فِي أَمْرِهِ، اسْتَيْقَظَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ بِسَبَبِ الضَّوْضَاءِ، وَاسْتَغْرَبَتْ كَثِيرًا وَقَالَتْ:
- مَا الْأَمْرُ؟
وَفِي نَفْسِ الْوَقْتِ فَرِحَتْ لَمَّا رَأَتِ الْحَمَامَةَ يَمَامَةَ وَالْعُصْفُورَ نُغَيْرًا فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَ الْجَوْزَ.
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- مَنْ سَيَسْرِقُ الْجَوْزَ؟
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- إِنَّهُ هَذَا السِّنْجَابُ، كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغِلَّ نَوْمَكِ وَيَسْرِقَ الْجَوْزَ.
الْتَفَتَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرُ إِلَى السِّنْجَابِ طَائِشِ وَقَالَ:
- أَلَيْسَ عَيْبًا مَا فَعَلْتَ؟
فَأَجَابَ السِّنْجَابُ طَائِشُ وَهُوَ يَرْتَعِشُ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ:
- ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَنْ يَرَانِي أَحَدٌ.
فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ:
- مَاذَا سَيَحْدُثُ لَوْ لَمْ نَرَكَ؟
السِّنْجَابُ طَائِشُ:
- كُنْتُ سَآكُلُهُ، وَلَا يَدْرِي بِي أَحَدٌ.
وَبَعْدَهَا أَخَذَ يَبْكِي وَيَقُولُ:
- أَرْجُوكُمْ لَا تُخْبِرُوا أُمِّي، سَتَغْضَبُ مِنِّي كَثِيرًا.
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- لَا تَخَفْ، نَحْنُ لَا نَعْرِفُ أُمَّكَ كَيْ نُخْبِرَهَا.
فَقَالَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ :
- مَا دُمْتَ تَخَافُ أُمَّكَ، لِمَ لَا تَخَافُ اللَّهِ؟
كَانَ السِّنْجَابُ مُتَسَرّعًا، فَأَجَابَ قَائِلًا:
- وَكَيْفَ يَرَانِي اللَّهُ؟!
ثُمَّ فَرَّ هَارِبًا يَجْرِي يَمْنَةً وَيَسْرَةً بِشَكْلٍ عَشْوَائِي، فَتَعَثْرَتْ إحْدَى قَدَمَيْهِ بِحَجَرٍ مُلْقَى عَلَى الْأَرْضِ فَتَدَحْرَجَ حَتَّى اصْطَدَمَ رَأْسُهُ بِحَجَرٍ آخَرَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَمَا فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَجَدَ الْجَمِيعَ قَدْ تَحَلَّقُوا حَوْلَهُ بِطَرِيقَةٍ يَسْتَحِيلُ مَعَهَا الْهَرَبُ، وَلَمْ يَكُنِ السّنْجَابُ سَرِيعٌ يَعْرِفُ مَا حَدَثَ، غَيْرَ أَنَّهُ رَأَى السّنْجَابَ طَائِشًا يَهْرُبُ بِسُرْعَةٍ فَفَهِمَ مِنْ هَرَبِهِ الْمُضْطَرِبِ أَنَّهُ قَامَ بِأَمْرِ مَا، فَسَأَلَ أَصْدِقَاءَهُ قَائِلًا:
- مَاذَا حَدَثَ؟
قَالَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَ جَوْزَكَ.
السِّنْجَابُ سَرِيعٌ :
- أَكَانَ سَيَسْرِقُ جَوْزِي؟
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- نَعَمْ.
فَتَعَجَّبَ السِّنْجَابُ سَرِيعٌ، وَقَالَ:
- مَا الدَّاعِي لِهَذَا؟
لَوْ طَلَبْتَ مِنِّي لَأَعْطَيْتُكَ قَدْرَ مَا تُرِيدُ.
تَعَجَّبَ السِّنْجَابُ طَائِش وَقَالَ:
- أَكُنْتَ سَتُعْطِينِي؟
السِّنْجَابُ سَرِيعٌ:
نعم، كُنتُ سَأُعْطِيكَ إِنَّ السَّرِقَةً تَصَرُّفٌ مَشِينٌ، وَهِيَ ذَنْبٌ عَظِيمٌ.
السِّنْجَابُ طَائِش:
- ذَنْبٌ؟ مَا مَعْنَى ذَنْبٍ؟!
فَتَعَجَّبُ الْجَمِيعُ مِنْ كَلَامِهِ وَأَخَذُوا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
كَانَ السِّنْجَابُ سَرِيعٌ أَكْثَرَهُمْ تَعَجُّبًا، فَقَالَ:
- أَنَا أَعْرِفُهُ جَيْدًا، لَهُ صُحْبَةٌ سَيِّئَةٌ ... السِّنْجَابُ طَائِش:
- إِنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَنِي وَشَأْنِي...
السِّنْجَابُ سَرِيعُ :
- لِأَنَّكَ لَمْ تُجَرِّبِ الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ، وَلَوْ فَعَلْتَ لَقَاطَعْتَ رُفَقَاءَ السَّوْءِ.
أَطْرَقَ السِّنْجَابُ طَائِشْ، ثُمَّ قَالَ:
- لَقَدْ سَئِمْتُ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ، قَبْلَ أَيَّامٍ رَأَتْ أُمِّي جَوْزًا قُمْتُ بسَرقَتِهِ، فَخَدَعْتُهَا وَزَعَمْتُ أَنَّهُ لِصَدِيقٍ لِي.
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- أَوَتَكْذِبُ أَيْضًا؟!
السِّنْجَابُ طَائِش:
- لَمْ يَكُنْ أَمَامِي مَخْرَجٌ غَيْرَ الْكَذِب... غَضِبَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ قَائِلَةٌ:
- لَا يَصِحُ هَذَا، مَهْمَا كَانَ الْأَمْرُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَكْذِبَ، مَا اسْمُكَ؟
السِّنْجَابُ طَائِش:
- اسْمِي طَائِش.
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- مَنْ سَمَّاكَ طَائِشًا؟
السِّنْجَابُ طَائِشُ:
- رِفَاقِي.
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ : - مَاذَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ؟
السِّنْجَابُ طَائِش:
- ظَرِيفٌ.
اَلْحَمَامَةُ يَمَامَةُ :
- ظَرِيفٌ أَجْمَلُ، سَنَدْعُوكَ بِهِ مِنَ الْآنَ فَلَاحِقًا.
وَاسْتَمَرَّتْ فِي حَدِيثِهَا:
- اسْمَعْ يَا ظَرِيفٌ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ يَسْرِقُ كَمَا لَا يُحِبُّ مَنْ يَكْذِبُ أَيْضًا.
السِّنْجَابُ ظَرِيفٌ:
- كَيْفَ يَعْلَمُ مَنْ يَسْرِقُ وَمَنْ يَكْذِبُ؟
الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ :
- إِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْمَعُ وَيَرَى كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ اللهُ : ﴿وَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُم وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير).
كَانَ السِّنْجَابُ ظَرِيفٌ يَبْحَثُ عَنْ فُرْصَةٍ لِلْهَرَبِ، وَلَكِنَّ السِّنْجَابَ سَرِيعًا أَدْرَكَ هَذَا فَقَالَ لَهُ:
- لَا يُمْكِنُكَ الْهَرَبُ يَا ظَرِيفُ، وَإِذَا هَرَبْتَ مِنَّا فَكَيْفَ سَتَهْرُبُ مِنَ اللهِ؟
لَنْ نَضُرَّكَ، إِجْلِسْ بِرَاحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ، وَأَسْندْ ظَهْرَكَ لِلصَّنَوْبَرَةِ هَكَذَا، وَالْآنَ هَيَّا لِنُفَكِّرْ مَعًا، هَلْ تَظُنُّ أَنَّ تَصَرُّفَاتِكَ تَخْفَى عَنِ اللَّهِ الَّذِي يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ كُلَّ شَيْءٍ؟
هُنَا جَاءَ الْأَرْنَبُ الْعَبْقَرِيُّ، فَقَالَ:
- مَاذَا يَفْعَلُ السِّنْجَابُ ظَرِيفٌ هُنَا؟
السِّنْجَابُ سَرِيعُ :أَتَعْرِفُهُ؟
فَأَجَابَ الْعُصْفُورُ نُغَيْرٌ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ:
- الْكُلُّ يَعْرِفُهُ.
فَأَحْنَى السِّنْجَابُ ظَرِيفٌ رَأْسَهُ خَجَلًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ سَرَقَ بُنْدُقَ الْأَرْنَبِ الْعَبْقَرِي قَبْلَ أَيَّامٍ.
فَأَجْهَشَ بِالْبُكَاءِ وَقَالَ:
- أَنَا عَارٌ عَلَى السَّنَاجِب أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟!
تَابَعَ قَائِلًا:
- إنَّ اللهَ رَأَى كُلَّ مَا فَعَلْتُ، مَاذَا سَيَفْعَلُ بي؟
كَانَ مِنَ الْوَاضِحَ أَنَّ السِّنْجَابَ ظَرِيفًا لَا يَعْرِفُ الْكَثِيرَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَبِقَوْلِهِ: مَا مَعْنَى ذَنْبٍ؟
أَحْزَنَ الصَّنَوْبَرَةَ الصَّغِيرَةَ كَثِيرًا، فَلَوْ كَانَ السِّنْجَابُ يَعْرِفُ اللهَ جَيْدًا لَكَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ أَفْضَلَ مِنْ هَذَا ثُمَّ أَخَذَتِ الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ تَقُولُ فِي نَفْسِهَا:
- الْمَسْؤُولِيَّةُ تَقَعُ عَلَى عَاتِقِنَا، وَالْأَحْرَى أَنْ نَعْمَلَ لَيْلَ نَهَارَ لِنُعَرِّفَ مَنْ حَوْلَنَا بِرَبِّنَا، وَعَلَيْنَا أَنْ نُرْشِدَهُمْ إِلَى الصَّوَابِ وَنُحَاوِلَ قَدْرَ مَا اسْتَطَعْنَا أَنْ تُبْعِدَهُمْ عَنِ الْأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ، وَعَلَيْنَا كَذَلِكَ أَنْ نَصِلَ لِلْجَمِيع.
قَالَتِ الْحَمَامَةُ يَمَامَةُ:
- بِمَاذَا تُفَكِرِينَ؟ أَرَاكِ شَارِدَةَ الذِهْنِ !
الصَّنَوْبَرَةُ الصَّغِيرَةُ:
- كُنْتُ أَقُولُ: لَوِ اسْتَطَعْنَا أَنْ نُعَرِفَ اللَّهَ كَمَا يَنْبَغِي... لَاخْتَفَى الشَّرُّ وَالْأَشْرَارُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، فَهَلْ يُمْكِنُ لِمَنْ يَعْرِفُ رَبَّهُ أَنْ يَكُونَ شَرِيرًا؟ وَهَلْ مِنَ الْمُمْكِن أَنْ يُسيء مَنْ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ رَبَّا يَرَاهُ دَائِمًا وَيُرَاقِبُهُ، وَأَنَّهُ مَعَهُ فِي كُلِّ آنٍ؟
رَفَعَ السِّنْجَابُ ظَرِيفٌ رَأْسَهُ وَسَأَلَ قَائِلًا:
- هَلَّا شَرَحْتُمْ لِي كَيْفَ يَرَانَا اللَّهُ؟
الْتَفَتَ الْجَمِيعُ إِلَى الْأَرْنَبِ الْعَبْقَرِي، فَقَالَ الْأَرْنَبُ الْعَبْقَرِيُّ:
- يَبْدُو أَنَّ الْأَمْرَ وَكَّلَ إلَى مُجدّدًا، إِنَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى الْبَصِيرَ»، وَمَعْنَاهُ: الْمُبْصِرُ بِجَمِيعِ عِبَادِهِ، الْمُطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالِهِمْ، الْمُرَاقِبُ لَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي وَهَبَ لَهُمْ نِعْمَةَ الْإِبْصَارِ ، فَكِّرُوا مَعِي فِي جَمَالِ الطَّبِيعَةِ الْمُحِيطَةِ بِنَا : فِي الطُّيُورِ، وَالْحَشَرَاتِ، وَالْأَشْجَارِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَالْأَزْهَارِ ... هَلْ يُعْقَلُ أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْبَدِيعَةِ الصُّنْعِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهَا؟ فَكُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ بِقَدَرٍ، فَالْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا نِتَاجُ إِبْدَاعِ هَذَا الْخَالِقِ الْبَصِيرِ، فَهَلْ يُعْقَلُ أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْبَدِيعَةِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهَا؟
إِنَّهُ وَحْدَهُ مَنْ وَهَبَ لِلنَّمْلَةِ الصَّغِيرَةِ عَيْنًا، كَمَا وَهَبَ مِثْلَهَا لِلْفِيلِ الْكَبِيرِ، تَخَيَّلْ لَوْ لَمْ يَهَبْنَا اللَّهُ عَيْنَا تُبْصِرُ بِهَا أَكُنَّا نَسْتَطِيعُ التَّحَرُّكَ بِسُهُولَةٍ ، وَنَرَى الْجَمَالِيَّاتِ الْمُحِيطَةَ بِنَا؟
إِنَّ رَبَّنَا الْبَصِيرَ قَادِرٌ عَلَى كُلّ شَيْءٍ، وَهُوَ الْعَالِمُ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا هُوَ بَاطِنٌ.
رَفَعَ السّنْجَابُ ظَرِيفٌ رِجْلَيْهِ الْأَمَامِيتَيْنِ وَبَدَأَ يَدْعُو قَائِلًا: - يَا رَبِّي، يَا بَصِيرُ! إِنَّنِي فِي حَالَةٍ يُرْثَى لَهَا، فَارْفَعْ عَنِّي مَا أَنَا فِيهِ، فَأَنَا عَبْدُكَ الْآثِمُ، لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُكَ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ، وَلَوْ عَلِمْتُ قَدْرَكَ مَا عَصَيْتُكَ.
مِنَ الْآنَ فَصَاعِدًا أُعَاهِدُكَ يَا رَبِّ لَنْ أُصَاحِبَ رُفَقَاءَ السَّوْءِ، وَسَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْخَيْرِ مَا اسْتَطَعْتُ، وَسَأَلَازِمُ مَجْلِسَ الصَّنَوْبَرَةِ الصَّغِيرَةِ، وَسَآكُلُ مِنْ عَمَل يَدِي وَلَنْ أَمَدَّ يَدِي إِلَى الْحَرَامِ أَبَدًا، وَسَأَسْعَى لِأَنَالَ حُبَّكَ وَرِضَاكَ، اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي... خَرَجَتْ آخِرُ كَلِمَةٍ مِنْ فَمِهِ وَالدُّمُوعُ تَنْهَمِرُ عَلَى وَجْنَتَيْهِ دَلِيلًا عَلَى نَدَمِهِ.
فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ كَانَ السِّنْجَابُ سَرِيعٌ يَشْكُرُ اللهَ تَعَالَى قَائِلًا: - اَللَّهُمَّ كُلُّ شَيْءٍ بِإِرَادَتِكَ، لَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، لَقَدْ أَكْسَبْتَنَا أَخًا جَدِيدًا.
اَللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَاجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأ.