تنمية مهارات القراءة والكتابة لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية
استراتيجيات متعددة للتدريس والتقويم
تطالعنا نظريات علم النفس والتربية كل يوم بما هو جديد في ميدان التعليم و التدريس ، فنقع على طرائق
تعليمية مختلفة هنا وهناك ، تحاول النهوض بالمتعلم واستنهاض قدراته ؛ لتوظيفها في اكتساب المعارف
والمهارات ، ويبقى المجال مفتوحا لاقتراح طرائق جديدة ، يمكن للمعلم استخدامها وتطبيقها في تعليم
تلاميذه ، فيختار ويكيف ما يشاء من الطرائق لتناسب جمهوره من المتعلمين ، شريطة أن يّتبع في هذا
الأسس الصحيحة للتعلم ؛ معتمدا على جهده وإحساسه بالمسؤولية تجاه مهنته وطلبته ، ومسترشدا
بحسه التربوي وبكفاءته وتميزه في عمله وتدريسه .
نظريات الذكاء والقدرات العقلية
لقد شهد الربع الاخير من القرن الماضي تطورات كثيره ، في شتى المجالات التربويه والنفسيه ، وخاصه ما
يرتبط منها بنظريات الذكاء والقدرات العقليه لدى الانسان ، ووجدت هذه النظريات والاتجاهات الحديثه
طريقها إلى التعليم والتعّلم ؛ من أجل النهوض بالمتعلمين وتنمية مستوياتهم الأدائية والمعرفية ، وكذلك
الوجدانية النفسية ، كما حاولت هذه النظريات استنهاض قدرات المتعلمين على اختلافها ، وبما بينهم من
فروق فيها ؛ فالمتعّلمون ليسوا على سوية واحدة من التفكير ، ولا يمتلكون القدرات ذاتها ، وعند هذا
الجانب التقت معظم نظريات الذكاء ؛ لتحديد هذه القدرات تحديدا علميا معللا ، يستند إلى البحث و الدراسة
وإمكانية التطبيق والممارسة .
تنوع طراق التدريس
إن طريقة التدريس غالبا ما تخاطب المتعلم من زاوية بعينها ، مستثيرة لديه قدرة من القدرات الكثيرة التي
منحها الله للإنسان صغيرا كان أم كبيرا ، من الناحية العقلية أو الجسمية أو العاطفية ، ولكنها قد تبقى
بمعزل عن باقي القدرات ، كما أن هذه الطرائق قد تثير المتعلم حسيا من زاوية واحدة ، سمعيا أو بصريا أو
لمسيا ، ولكنها تهمل باقي الحواس على أهميتها .
ومن هنا ، ولاختلاف جمهور المتعلمين وتباين مستوياتهم ، ولتعدد قدراتهم ، وتنوع حوا سهم ووسائل
التلقي لديهم ، فإن التنوع في استخدام طرائق التدريس ، والدمج بين الطرائق في الدرس الواحد ، أو عند
تنمية المهارات المختلفة ، أصبح مطلبا تعليميا ، ينبغي مراعاته ووضعه في الحسبان ، عند بناء أو تطبيق أي
برنامج تعليمي ؛ لأن التعّلم الصحيح والنشط ، يقتضي أن يبقى المتعلم يقظا وإيجابيا ، فاعلا وليس منفعلا ،
نشيطا يعمل ويفكر في كل الاتجاهات ، داخل الحجرة الصفية وخارجها .
عالم المعرفة
وثمة تحديات كثيرة تواجه الواقع التعليمي اليوم ، لعلّ أبرزها ما يرتبط بالتنامي المعرفي الهائل في كافة
مجالات المعرفة والعلوم ، وعلى المتعّلم أن يحيط بها أو بجزء كبير منها ، من خلال ما يقدم له من مواد
دراسية مختلفة في شتى المجالات والمراحل التعليمية ؛ سعيا إلى خلق جيل متعّلم مفكر ، قادر على مواكبة
مستحدثات العصر ومعارفه المتنامية ، وهذا يقتضي - أيضا- استخدام شريحة واسعة من الإستراتيجيات
والطرائق التعليمية التعلمية ، التي تعين المتعّلم وتمده بأسلحة السيطرة على أكبر قدر من المعارف
والعلوم .
اللغة العربية
وان كان هذا الكلام ينسحب على مواد الدراسه وفروعها المختلفه ، فان اللغه العربيه تمّثل أولويه تعليميه
، ينبغي الارتقاء بها وبتعليمها ، ليس كماده دراسيه فحسب ، ولكن كقاعده للتلّقي واكتساب المعارف
والخبرات المختلفه ، كما أنها تمتاز عن غيرها من المواد الأخرى باّتساعها وتعدد مهاراتها وفنونها ؛ لذلك
فهي تحتل مكانة متميزة على الجدول الدراسي ؛ من حيث عدد الساعات والوقت المخصص لتدريس
فروعها.
وتأتي القراءة والكتابة في مقدمة مهارات اللغة العربية أهمية ، كمهارتي استقبال وإنتاج ، فالقراءة بوابه
التعّلم في كلّ الميادين ، وتعّلمها ليس لذاتها فحسب ، ولكن لغيرها أيضّا من صنوف المعرفة ، كما أن
الكتابة إنتاج لهذه المعرفة ، وتعبير عن مقدار ما اكتسب المتعلم وتمّثل من هذه المعرفة ، فإذا كانت
القراءة مفتاح التعلم ، فإن الكتابة هي التعّلم ذاته ، أضف إلى هذا ما تّتسم به القراءة والكتابة من تعدد
في المهارات ، وتعّقد في العمليات .
تنوع أساليب العرض
وان كان تعدد العمليات وتشعب المهارات ، يحتاج استثمار مختلف قدرات المتعّلم ؛ سعيا إلى تمكينه من
مهارات اللغه العربيه قراءه وكتابه ، فإنه يحتاج- كذلك- إلى حفز هذه القدرات وصولا الى الأستثمار الامثل
لها ؛ من خلال مراعاة عوامل الدافعية والميل نحو القراءة والكتابة ، وسوف يتحّقق هذا على نحو أكثر
فاعلية ، عن طريق تنوع أساليب العرض واستخدام تشكيلة واسعة من طرائق التدريس ، فمخاطبة قدرات
المتعلم ومراعاة مستواه ، وإثارته من جوانب مختلفة ؛ من شأنه أن يستحوذ على اهتمامه ، ويبقيه في
حالة من الارتباط النفسي بمحتوى التعّلم ، وجانب المهارة ، فالدوافع والميول والاتجاهات النفسية لها
كبير الأثر في التعّلم ، وأفضل الطرائق ما انطلق من دوافع المتعّلم ، فوافق ميوله وعزز اتجاهاته .
وتعليم اللغة العربية اليوم أحوج ما يكون إلى ربط المتعلم بها عاطفيا وانفعاليا ؛ في سبيل تشكيل اتجاهات
راسخة وقيم ثابتة حولها ، وحول أهميتها في حياة المتعلم العربي وتراثه وثقافته .
ندرة بحوث تطوير تعليم اللغة
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لمهارات القراءة والكتابة ، ليس كمطلب تعليمي فحسب ، بل وكاحتياج
مرتبط بحياة المتعّلم ، إلا أننا نجد ندرة في البحوث التي تسعى إلى تطوير تعليم اللغة عموما على ضوء
النظريات الحديثة في التعّلم واقتراح برامج علمية لتنمية مهاراتها ، بالإضافة إلى أن واقع تعليمها يظهر
ضعفا عاما لدى معظم المتعلمين في المهارات اللغوية وحتى في الميول والاتجاهات نحوها ، كما يظهر
بعدا عن الاتجاهات المعاصرة في تعليم هذه المهارات وتقويمها .